لم نشأ - منذ مادة "أنفاس بريس": "تطوان.. متى سيتم إسدال الستار عن مسلسل "إمارة" داعش بمسجد حي أرض الطريس؟!"، (الخميس 2 مايو 2024) - أن نخوض مرة أخرى في موضوع هذا "المسجد"، وقد أفردنا له إلى جانب العنوان أعلاه، أربعة عناوين أخرى، اعتبرناها كافية بمعطياتها وأفق تحليلها، لإثارة اهتمام من يعنيهم أمر حل هذه النازلة. لكن أمام تلكؤ الجهات المعنية مباشرة بحسم ذلك، وسريان واقع احتلال إمامة هذا المسجد، مع استمرار نهج تزييف الوقائع، وبروز نهج "ضرب" البطون، لتكريس الأمر الواقع، فكان من الضروري معاودة المواكبة النقدية لذلك. وهذه المرة من مدخل طرر ديناميات مصاحبة، ونحن على وعي بأن الأصولية لن تتنازل بسهولة عن أي موقع تعتبره من مكتسبات "التحرير".. وفي هذا درس لكل أولئك الذين يسهرون من الموقع الرسمي على "تسمين" أمثال هؤلاء، ولو في إطار لعبة "الفتنة الخلاقة".
فأمام هذا العجز الميداني إلى الآن، لمندوبية الشؤون الإسلامية والمجلس العلمي المحلي،على ترجمة مخرجات استحقاق رسمي، وضبابية موقف وزارة الأوقاف والمجلس العلمي الأعلى لحد الآن، من هذه النازلة، فإنه يمكن القول بكل اطمئنان:" إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن". لذلك من الطبيعي إذا وقع الختم في هذه الحواشي،بالسلطة المحلية.
1- تم الإعلان يوم الجمعة 3 ماي 2024، عن تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من تفكيك خلية إرهابية، تتكون من 5 عناصر موالين لتنظيم "داعش" الإرهابي، وذلك للاشتباه في تورطهم في التحضير لتنفيذ مخططات إرهابية تهدف إلى المس الخطير بالنظام العام. وكان من جملة المشتبه فيهم، من ينتمي للشمال بمدن طنجة، وتطوان ومرتيل. ومرة أخرة يتصدر الشمال واجهة التطرف.... وفي هذا المستوى أكنة، طبقا فوق طبق، ما لم يكشف المسار القضائي في رقم تفكيك الخلايا النائمة، عن محتويات تضاريسها. ومالم يكشف كذلك مسار المراجعات عن مستوى التجاوز فيها، فسيبقى بيان المقدمات الممهدات في أكنة الزحف الداعشي، في حاجة إلى مرافعات عديدة... والحال أن مناهضة إرادة الدولة في بسط سيادتها على هذا المسجد /القاعة، فضلا عن منتوجه المناهض للثوابت المذهبية للبلاد، وممارسة الجهة المسيطرة عليه بدون وجه قانوني، الحسبة في الحي، وجعل هذا "المسجد" كبؤرة لتجمعات الفجر لروافد متشددة من أحياء سانية الرمل وزيانة وبوجراح.. تعتمد حصاد التقييم اليومي المباشر لفتوحاتها، عوض استعمال الهواتف، ليصل مدى حصاد التعليمات من هذه البؤرة وإلى سبتة منتهاه كل فجر.. كل هذا واضح لا غبار عليه، يبين طبيعة العتبات الإديولوجية والمجالية في سلم نقض الدولة المغربية، بوهم الخلافة البغدادية لداعش.
2- ويحملنا منسوب الأواني المستطرقة بين سبتة وتطوان، في هذا الباب، على استحضار مشاركة المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف حموشي، في 9 ماي 2024، فعاليات الاحتفالات الرسمية للذكرى السنوية 200، ولتأسيس جهاز الشرطة الوطنية بالمملكة الإسبانية، وذلك باعتباره المسؤول الأمني والاستخباراتي الإفريقي الوحيد الذي شارك في هذه الاحتفالات..
لذلك ما يحصل كتفصيل صغير، في شبر مربع من التراب، في أرض الطريس ،"خارج" التراب المغربي (وهو مجرد قاعة للصلاة يطلق عليها وصف المسجد تجاوزا، بدون مسوغ شرعي، وبذلك فهي تمثل مسجد الضرار،) إذا تم وضعه في إطار القراءة النسقية، فإن القبول بمختلف تواطؤات خائنة الأعين الجارية، ضدا على كل القرارات والمساطر الرسمية، لن يهزم في النهاية فقط، "الرقم المغربي الصعب في المعادلة الأمنية الدولية"،بل أيضا المشروعية الدينية للدولة المغربية ،وهي دولة مدنية بكل التزاماتها الداخلية والخارجية،في حفظ الثوابت الدينية، والطمأنينة الروحية للمواطنين، والأمن والاستقرار والتعايش السلمي بين الأمم والشعوب.
لكل هذا، فالرقم المغربي الصعب في المعادلة الأمنية الدولية،لا نخاله الآن،وهو طبيب جراحة الدماغ الأصولي، إلا منشغلا كذلك بأوجه جراحة الضرب الداعشي للبطون في تطوان. فتلازم مسارات الجراحة الطبية في مفاعيل الإديولوجيا والمال، مهم في الإمساك بكل خيوط الاختراقات للحصانة المفترضة في عمل مؤسسات الدولة!
3-وتم كذلك الإعلان في تطوان، يوم الجمعة 3 ماي 2024، عن انطلاق عمل "مركز كارلوس كيروس للدراسات الإسبانية-المغربية".
ويؤشر هذا الإعلان على المفارقة التالية: وهي أن المجتمع المدني من خلال نخبته، يجتهد لتسويق صورة جميلة عن انفتاح تطوان، والامتلاك النقدي للتاريخ المشترك.في حين تعمل الجهات الرسمية(مندوبية الأوقاف والمجلس العلمي) على دعم بنيات التطرف في المدينة، والتعتيم على يقظة حواس الدولة..بحيث لم يتم الاكتفاء بالضغط على الإمام المؤهل للتنازل عن حقه، بل حتى الضغط عليه لتكذيب "أنفاس بريس"، والتحريض عبر "لسان" الرئيس "الأصولي"، و"لسان" المندوب "البيبسوي"، للإمام المحتل لإمامة المسجد بمقاضاتها، حتى وهو لا يملك الصفة الرسمية لذلك،ناهيك عن اجتراحه للمخالفات المذهبية في هذا الاحتلال. وهذا ما يبرهن على مفارقة أخرى، وهي أنه في الوقت الذي نبلور فيه حرص المجتمع على قول الحقيقة للمصلحة العامة، كما أوصى بذلك صاحب الأمر، نجد في المقابل إصرار الجهات الرسمية ذات الصلة مباشرة بالموضوع، على تزييف الحقيقة بكل الوسائل.
وتحيلنا هذه الطرر المصاحبة لهذه النازلة، على عتبة أبواب الصيف، حيث ستتحول تطوان إلى عاصمة صيفية للبلاد. وسيكون من غير المستساغ أن تكون حدود "إمارة" داعش على شارع الجيش الملكي، وهو في سلسلة الربط بين تطوان والمضيق، بدون بسط خريطة التهيئة الحضرية للشأن الديني المندمج في النسق المؤسساتي للبلاد،عليها. وسيكون كذلك من غير المستساغ، غياب أدنى خلخلة لمنسوب الأواني المستطرقة بين تطوان وسبتة في روافد التمويل الخارجي المحتمل.
والآن سنتوسل بالتاريخ لتوسيع مدى الرؤية، ولتحديد مخاطبنا في هذه المادة، وكنا قد أشرنا في السابق ،إلى انتقال هذه القاعة من سيطرة "جماعة العدل والإحسان"، إلى المجموعة الوهابية الحالية،بدعم من السلطةالمحلية، وهي الآن متنطعة عن الحاضنة الرسمية لمشاريعها التجارية الدينية حتى خارج الإقليم.
فمنذ حوالي أربعة قرون ،أصدر قاضي الحضرة ومفتيها ،العلامة المحقق أبو عبد الله محمد المجاصي، فتوى في إحدى الطوائف،التي ركبت التصوف من مدخل الجلال، جاء فيها:"وبهذا تعلم أن إهمال الولاة لهم وعدم النظر فيهم، هو الموجب لاستحكام بدعتهم وتخليد كفرهم". ولا أحد حرض آنذاك على مقاضاة المفتي، وهو يشخص ظاهرة هذه الطائفة، وينتقد تقاعس الولاة في عصره.
ولا شك أن استحكام /التحكم الأصولي في عصرنا، هو راجع لأسباب من هذا القبيل أيضا..
لذلك آن الأوان، لتقول السلطة كلمة الفصل في الموضوع،حتى لا يركب "التأويل" مذاهب أخرى في التحليل. "يَٰٓأَيُّهَا ٱلْمَلَأُ أَفْتُونِى فِى رُءْيَٰىَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ"!