عندما سحبت وزارة الداخلية البساط من تحت أرجل القيادة الحالية لجمعية المشاريع الاجتماعية لوكالات وشركات توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل بالمغرب، التي تسيطر عليها الجامعة الوطنية لعمال توزيع الماء والكهرباء والتطهير التابعة للاتحاد المغربي للشغل، وتوجيه العامل مدير مديرية وكالات التوزيع بوزارة الداخلية، رسالة في فاتح أبريل 2024، إلى مدراء شركات التدبير المفوض والوكالات المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء يخبرهم فيها بإجراءات جديدة إدارية ومالية..
استبشرت شغيلة القطاع خيرا، خصوصا وأن رسالة وزارة الداخلية التي تتوفر "أنفاس بريس" على نسخة منها، دقت ناقوس الخطر بسبب الوضع المالي الحرج لمؤسسة الأعمال الاجتماعية (COS) والتعاضدية ،(CMSS) الأمر الذي يستدعي التدخل العاجل من أجل إنعاش الوضع المالي لهذه المؤسسات، بهدف ضمان المزايا والحقوق المكتسبة للموظفين العاملين والمتقاعدين.
وحددت وزارة الداخلية في رسالتها الإجراءات التي يجب اتخاذها لضمان السير العادي للإدارة المالية والإدارية لمؤسسة الأعمال الاجتماعية "COS"، وكذلك الإجراء الانتقالي المتعلق بالإدارة والمالية للتغطية الطواقم الطبية التابعة للوكالات والشركات التابعة لـ "CMSS".
لكن السؤال الذي يفرض نفسه وبقوة، لماذا سكتت وزارة الداخلية عن هذه الخروقات طيلة هذه السنوات حتى تغلغل الفساد في جسد الجمعية؟ ولماذا لم ينصت المسؤولون لتلك الأصوات التي كانت تدق ناقوس الخطر من وسط الجمعية وترسل الرسائل لمختلف الجهات مطالبتا بفتح تحقيق فيما تتعرض له من نهب ممنهج مالية وموارد جمعية المشاريع الاجتماعية لوكالات وشركات توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل بالمغرب؟
وبما أن التاريخ لا ينسى، فقد سبق أن وجه رشيد المنياري، بتاريخ 12 مارس2018، وكان حينها مستشارا برلمانيا والنائب الأول لرئيس جمعية المشاريع الاجتماعية، رسائل عديدة إلى العديد من الجهات الحكومية والأمنية، يخبرها بالدليل والحجة عن الفساد المستشري في الجمعية التي تصل ميزانيتها السنوية أزيد من 17 مليار سنتيم، والتي تستخلص 1 في المائة من رقم معاملات وكالات وشركات توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل بالمغرب.
فحسب شكايات رشيد المنياري- الذي بالمناسبة أقيل من منصبه في الجمعية وطرد من الاتحاد المغربي للشغل، مباشرة بعد أن فضح الفساد المستشري فيها- منذ عقود ورئيس الجمعية أحمد خليلي الملقب بنسماعيل، هو الوحيد من يدير ماليا وإداريا شؤون الجمعية، لدرجة أنه لم يسمح ولو لمرة واحدة بأن ينوب عنه أي واحد من نوابه، وينفرد بكل القرارات والمشاريع والصفقات دون أدنى احترام لمقتضيات النصوص المرجعية في التدبير المالي والإداري المتعارف عليها والمضمنة في جزء كبير منها بالقانون الأساسي للجمعية، وهو ما ساهم –حسب شكاية المنياري- في تعطيل أجهزتها التقريرية والتدبيرية وأدى إلى العبث بجزء كبير من ميزانية الجمعية وأضحى معه تهديد مصالح العمال والعاملات بشكل واضح وملموس.
شكاية رشيد المنياري، سلطت الضوء على العديد من "المكتسبات المسلوبة"، وهي نفسها التي أزكمت رائحتها مصالح مديرية وكالات التوزيع بوزارة الداخلية، كإقدام رئيس الجمعية على أخذ 1.5 مليار سنتيم من الصندوق التعاضدي للضمان الاجتماعي الخاص بمستخدمي قطاع توزيع الماء والكهرباء، وإبرام صفقة مع وسيط لدى شركة التأمين بشروط تضر بمصالح مستخدمي قطاع توزيع الماء والكهرباء تكلف الجمعية حوالي 480 مليون سنتيم سنويا كمصاريف التسيير بدون أية قيمة مضافة، بيع مجموعة من ممتلكات الجمعية بطرق وصفتها الشكاية بطرق مشبوهة وملتوية.
والغريب في الأمر –تقول شكاية المنياري التي أرسلت بتاريخ 12 مارس 2018 أنه في الوقت الذي تعتبر فيه جمعية الأعمال الاجتماعية أغنى جمعية بالمغرب برأسمال سنوي يقدر بـ 17 مليار سنتيم، فإن مديونيتها تقدر بأزيد من 10 مليارات سنتيم معظمها موزع على شركات تعمل لفائدة الرئيس.
مباشرة بعد قرار وزارة الداخلية، بدأت شغيلة قطاع وكالات وشركات توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل بالمغرب، سواء النشيطون أو المتقاعدون، خوض وقفات احتجاجية أمام البرلمان (يوم السبت 27 ابريل2024 )، وأمام المقر الرئيسي للجمعية بالبيضاء بتاريخ (الأربعاء 8 ماي،(2024 وهي الوقفات التي اعتبرها المنظمون صرخة لضحايا منظومة فساد بالقطاع الذين يطالبون بالتحقيق مع المتورطين في اختلاس المال العام وأموال العمال في التعاضدية وجمعية الأعمال الاجتماعية والصندوق التعاضدي التكميلي، مشددين على أنهم لن يقبلوا بأي مساس بمكتسباتهم التي أدوا ولا يزالون يؤدون ثمنها من خلال الاقتطاعات والانخراطات
الوقفات الاحتجاجية التي دعت لها اللجنة التصحيحية ترفع شعار "تحقيق المطالب واسترجاع المكاسب رهين بإسقاط رموز الفساد"، وهي واحدة من مجموعة من الوقفات عبر فيها المحتجون عن وعيهم بحساسية المرحلة وتشبتهم بصون المكتسبات، كما طالبوا بمحاسبة ما سموه "برموز الفساد والمسؤولين عن ضياع وتبديد صناديق الأعمال الاجتماعية والتعاضدية إضافة إلى المطالبة برفع الحجر على قطاع الصحة واسترجاع كافة المكتسبات المسلوبة".