دفاع علال الفاسي عن حدود المغرب التاريخية والطبيعية.. الزعيم الاستقلالي آمن بحل مشكلة الحدود في إطار الوحدة المغاربية

دفاع علال الفاسي عن حدود المغرب التاريخية والطبيعية.. الزعيم الاستقلالي آمن بحل مشكلة الحدود في إطار الوحدة المغاربية حسن عبد الخالق وعلال الفاسي
انشغل الزعيم علال الفاسي -رحمه الله- بقضية الوحدة الترابية ضمن نضاله الوطني من أجل استقلال البلاد ووحدتها الوطنية ، وشكلت أحد الثوابت الأساسية التي كرس حياته للتعريف بها.

ولم يعلن استقلال المغرب حتى وجه الزعيم  في ألوكته لمؤتمر الشبيبة الاستقلالية التأسيسي المنعقد (في  25 -29 مارس 1956) تحت رئاسة ولي العهد  الملكي الأمير مولاي الحسن تنبيها إلى ضرورة مواصلة النضال من أجل تحرير بقية الأجزاء المغتصبة من الوطن ثم عقد ندوة صحفية في مكتب المغرب العربي في القاهرة في شهر يونيو 1956، أبرز فيها النوايا الفرنسية وموقفه الذي لا يتزعزع في شأن صحراء المغرب . 

وكان الراحل اعتبر بمجرد عودته إلى المغرب  بعد الاستقلال  أن هذا الاستقلال لا يشمل مجموع حوزة التراب الوطني ،داعيا   إلى مواصلة الكفاح لاستكمال تحرير بقية أجزاء المغرب المحتلة، ولم يتوقف بعد توحيد الجزء الشمالي الذي كان تحت الاحتلال الإسباني مع الجزء الذي كان تحت الاحتلال الفرنسي، في التقارير المقدمة أمام هيئات حزب الاستقلال  وتصريحاته الصحفية ولقاءاته مع المسؤولين وقادة الأحزاب الأجنبية داخل المغرب وخارجه ،عن  الدفاع عن شرعية  استعادة المغرب حدوده التاريخية والطبيعية ،مناديا في الوقت نفسه ببناء المغرب العربي وتوحيده . وظل الزعيم على هذا الموقف  إلى أن وافته المنية رحمه الله وهو يترافع عن مغربية الصحراء في رومانيا  في سنة 1974. 

ووصف الملك محمد السادس الزعيم علال الفاسي  في رسالته الموجهة إلى المشاركين في الاحتفاء بالذكرى الثلاثين لوفاته  في شهر ماي 2004  بأنه "من أشد الوطنيين مراسا وأخلصهم تفانيا في الدفاع عن الوطن واستقلاله والذود عن عرش المغرب رمز سيادته ووحدته متحملا في ذلك شتى المحن من سجن ونفي ومعاناة وتضحيات". 
 
قضية الأراضي المغتصبة من الاستعمارين الفرنسي والإسباني
واعتبر الزعيم علال الفاسي  أن قضية سبتة ومليلية  معروفة من الجميع ،داعيا إلى جلاء  إسبانيا منهما ،بعدما لم يعد هناك أي مبرر في القوانين الدولية وبمقتضى ميثاق الأمم المتحدة لمواصلة احتلالهما وانصب جهده على التعريف بقضية الأراضي المغتصبة من الاستعمارين الإسباني والفرنسي في الجنوب والشرق، دفاعا عن حدود المغرب الطبيعية والتاريخية، مشيرا في مقدمة كتابه "دفاعا عن وحدة البلاد" الصادر في 1973 إلى أن" الساقية الحمراء ووادي الذهب وسبتة ومليلية فهي قضية الساعة التي يجب أن تكافح   الأمة والحكومة في سبيل تحريرها وإن الأمل ما  يزال قويا في الوصول إلى حل يرضي مطامح شعبنا ويبقي على حسن العلائق بيننا وبين الدولة الإسبانية". و واصلت بلادنا في نفس سنة وفاته في 1974 انخراطها  في مسلسل مطالبتها باستعادة الصحراء من الاحتلال الإسباني ،بعرض الأمر على محكمة العدل الدولية ،وصولا إلى تنظيم المسيرة الخضراء في 6 نونبر 1975 واستعادة سيادتها على الأقاليم الجنوبية في 26 فبراير 1976،برفع العلم المغربي وانسحاب إسبانيا رسميا المنطقة.

وفي دفاعه عن  ارتباط  منطقة الصحراء  بالمغرب وكونها جزءا من ترابه الوطني  وضرورة استعادتها من إسبانيا التي احتلتها رسميا في سنة 1884 ، أورد علال الفاسي في بحث تاريخي مكتوب بخط يده ومركون بخزانته ، نشر في جريدة العلم في 19 غشت عددا من الحقائق التاريخية ،من بينها أن "السلطان مولاي الحسن  قام برحلته الصحراوية في شعبان 1299 ه(1881 ميلادية ) ،حيث اتجه إلى أقاصي سوس وحل بالأراضي الصحراوية وجاءته الوفود من كل الجهات وجددوا البيعة ونصب عليهم العمال والقواد وجدد لهم ما بيدهم من الظهائر التي تحتفظ لهم بتقاليدهم وتحترم عاداتهم ثم رجع مظفرا وفي سنة 1303 ه (1886) عاود جلالته الرحلة إلى سوس والصحراء وفتح مرسى البيضة في مكان قريب من طرفاية ،رغبة في شل حركة الإنجليز" .

حق المغرب في حدوده الطبيعية
وقال أن "صحراءنا الجنوبية، مغربية، ولو احتجنا شاهدا عدلا على صحة ذلك لما وجدنا أحسن من اسبانيا نفسها، لقد استعمرتها اسبانيا حقا، ولكن الاستعمار شيء وإنكار أصل البلاد شيء أخر، إن مواطنينا في هذه المنطقة مؤمنون بمغربيتهم، ونحن مؤمنون بأنهم إخواننا وأرضهم  جزء لا يتجزأ من وطننا".

 
وكتب علال الفاسي افتتاحية في العدد 32  من  صحيفة "صحراء المغرب" بتاريخ  23 أكتوبر 1957 بمناسبة إعلان إسبانيا عن عزمها الجلاء من طرفاية في سنة 1958، معتبرا فيها "أن تسليم هذه المنطقة جعل وادي درعة في الشمال لا في الجنوب، فبطلت الادعاءات الأجنبية التي كانت تقول أن حدود المغرب الطبيعية هي وادي درعة". وأضاف أن" الانتصار في هذه المنطقة يفتح أمال إخواننا في عموم الصحراء ويبين للجميع في الداخل والخارج صدق إدعائنا، وأننا لم نكن دعاة توسع، بل كنا محقين في المطالبة بتحرير الصحراء المغربية جميعها وإرجاع المغرب لحدوده الطبيعية والتاريخية".
 
وأكد أن الانسحاب الإسباني  من طرفاية يجب أن يمتد إلى باقي الأراضي المغتصبة في الجنوب ،بإعلانه أن "ثناءنا على الإسبان وتنوهنا بموقفهم، لايجب أن ينسينا أن ننبه إلى أنه لا حق لهم في أن يحتفظوا بآيت باعمران والساقية الحمراء ووادي الذهب وأن حججنا على مغربية هذه المناطق لكثيرة"، موردا في هذا الشأن عدد امن الظهائر والقرارات التي تؤكد مغربية هذه  المناطق.
 
وفي هذا السياق استعادت بلادنا سيدي إيفني في 30 يونيو 1969 ولاحقا الأقاليم الجنوبية في بداية 1976.
 
ممارسة المغرب سيادته على الصحراء الشرقية
وكانت قضية الصحراء الشرقية التي استقطعتها فرنسا من التراب المغرب لضمها إلى الجزائر التي تحتلها في صلب انشغالات الزعيم علال الفاسي ،منبها في نص التقرير الذي ألقاه في المؤتمر العام لحزب الاستقلال في 8 -10 يناير 1960،الذي صدر في السنة نفسها في كتاب "عقيدة وجهاد"  إلى " أنه في جميع الأوقات وإلى زمن الاحتلال العسكري الفرنسي، مارس المغرب كل خصائص سيادته في القنادسة والساورة وتوات وتيد كليت .وكانت السكة والعيارات والأوزان والضرائب واحدة والقواد والباشاوات والعمال يسمون من السلطة المركزية كما كانت الصلوات الجمعية تقام باسم الملك"، وأشار إلى "أنه في بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر، اهتم مولاي عبد الرحمن برعاياه التواتيين ،الذين أصابهم قحط وأرسل يعفيهم من أداء الضرائب. ..كما توصل سيدي محمد بن عبد الرحمن بشكوى أخرى ضد مناوشات فرنسا وبعث برسالة جوابية إلى السكان في 17 مارس 1866. واهتم كل الملوك الذين تعاقبوا على عرش المغرب في منتصف القرن الماضي بمسألة الحدود، ا لتي كانت تغتصب وتهاجم يوما بعد آخر وتهدد من طرف الجيش لفرنسي".

كما أبرز أن مولاي الحسن  قام بالخصوص بتنظيمات جليلة لضمان الدفاع عن أقاليمنا  واستعمل كل نفوذه وحكمته لمنع تعميم الحرب، كما تبين من رسالته إلى سكان توات في5 شتنبر 1887. وهناك الكثير من الوثائق والشهادات التي تثبت أن المغرب كان يمارس سيادته على هذه المنطقة.
 
وتعزيزا لمطلب المغرب في استرجاع أراضيه المغتصبة وجه علال الفاسي بصفته وزير الدولة المكلف بالشؤون الإسلامية بتاريخ 9 مايو 1962 مذكرة إلى صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني ، قبل حصول الجزائر رسما على استقلالها من فرنسا في 5 يوليوز من السنة نفسها، حول قضية تندوف استعرض فيها ارتباط المدينة بالمغرب منذ دخول الإسلام إليه وعناية مولاي إدريس وإبنه إدريس الثاني بمنطقة الصحراء، مشيرا إلى تأسيس مدينة تندوف وقيامها مقام مدينة تميدلت التي تهدمت في القرن الثامن ،بدور الاتصال التجاري والثقافي في جنوب المغرب الصحراوي وباقي المملكة وأدائها هذه المهمة زهاء المائة سنة.
 
وذكر أنه في تأسيس تندوف للمرة الثانية، كانت قبيلة تجكنت أنجبت العلامة ابن الأعمش فامتاز بعلمه وحصل في وقته على  ( ظهير الامتياز ) ، فأعطاه ذلك منزلة عند أبناء عمه في ( زمور) . وقد ورث ذلك عنه ابنه محمد المختار الذي أصبح رئيسا لتجكنت. كما عينه الملك قاضيا على المراكز التي تمتد من تندوف إلى مدينة فم الحصن. وهو الذي أعاد تأسيس مدينة تندوف لتقوم بدورها التجاري والثقافي والتاريخي. وتوفي سنة 1285 هجرية. وقد عين جلالة الملك الحسن الأول ابنه السيد أحمد دكنا مكانه في القضاء على مدينة تندوف وفم الحصن . وفي سنة 1350 هجرية عاد الازدهار إلى تندوف، وعين جلالة الملك عليها واحدا من آل ابن الأعمش كما عين عليها قاضيا هو السيد منشلا بن أحمد دكنا وظلت تابعة لفم الحصن التي تبعد عنها بزهاء 250 كلم. 
 
ويستدل علال الفاسي  على مغربية تندوف  في مذكرته الموجهة إلى جلالة الملك بواقعة نقله في  سنة 1937م للمنفى في الغابون ،مؤكدا "نزوله فيها صحبة الضابط الفرنسي روكس ، على أنها من مدن المغرب التابعة لتيزنيت. وقد تلقى حاكمها الأمر من المقيم العام الجنرال نوجيس لمقابلتنا، ونقلنا في سيارة عسكرية عبر الصحراء. واستمرت تندوف تحكم من الرباط ويعين ولاتها منه. وفي سجل المحكمة العليا الشريفة أحكام جنائية وغيرها على بعض المواطنين من تندوف أرسلت إليها للاختصاص، كما هي العادة في جميع أقاليم المغرب".
 
وذكر بأن الفرنسيين دخلوا إلى تندوف باسم المغرب سنة 1934، بقيادة الجنرال ترانكي الذي توجه بفصائل من جيش الحماية وفعل ذلك باسم جلالة الملك ،غير أنه في سنة 1952 ،سدت الأبواب بين تندوف وبقية جهات المغرب وألحقت بالقطر الصحراوي التابع لوالي عام الجزائر، لتقوم ضجة كبرى من السكان ،الذين توافدت عناصر منهم على الرباط تشتكي  من إلحاقها بالجزائر.
 
الحدود بين المغرب وإيالة الجزائر 
ويقدم الزعيم علال الفاسي  المزيد من التفاصيل عن ارتباط الصحراء الشرقية بالمغرب في المذكرة التي وجهها بصفته عضو اللجنة الملكية للحدود  المشكلة في سنة 1966 إلى وزير الخارجية المغربية حول خطة العمل المتبعة للدفاع عن حوزة الوطن وتحديد الحدود الجزائرية المغربية، علما أن هذه القضية كانت معروضة على أنظار منظمة الوحدة الإفريقية لإيجاد حل لها بعد حرب الرمال في سنة 1963.

 
ودعا  في هذه المذكرة إلى تعيين مواقع الحدود التي يطلب المغرب أن تصل إليها أراضيه وتقف عندها أراضي الجزائر، معتبرا أنه "اتضح في اجتماع لجنة الحدود الأول برئاسة صاحب الجلالة أن الأمر يتعلق باسترجاع منطقة الساورة الحالية برمتها(المنطقة الجنوبية الغربية من الجزائر التي تضم ثلاث ولايات بشار وتندوف وأدرار) واسترجاع بلدات توات وكورارا وتيدكلت وعين صالح  وأن حدود المغرب إذن من جهة الجزائر هي ما وراء عين صالح".
 
وقدم عددا من الحقائق لتأكيد هذا المطلب هي أن الوضع الذي استقر عليه الحال مع الأتراك أثناء حكمهم للجزائر و تؤكده المراسلة التي وقعت بين باي الجزائر وبين مولاي محمد الشريف في رجب 1064 ه وعاهد فيها ملك المغرب بأن لا يتجاوز حدود بلاده وادي تافنا إلا في الخير وصرح المغرب وتركيا في زمن السلطان مولاي رشيد بأن الحد بين المغرب والجزائر هو وادي تافنا .
 
كما تنص المادة الخامسة من الاتفاقية المغربية الفرنسية المؤرخة في 10 شتنبر سنة 1844 على أن الحدود بين المغرب وإيالة الجزائر تبقى كما كانت معلومة معروفة في عهد تولي الأتراك على أرض الجزائر. 
 
ثم إشارة اتفاقية لالة مغنية  18 مارس سنة 1845م  الموقعة بين المغرب وفرنسا إلى الجنوب  بالفقرة:" إن الصحراء لا حد فيها بين الجانبين، لكونها لا تحرث وإنما هي مرعى لعرب الإيالتين التي تنزل فيها وتنتفع بخصبها ومائها ولكلا السلطانين التصرف في رعيته بما يشاء".
 
واعتبر علال الفاسي  أن الجانب المغربي قبل هذا الغموض فرارا من الضغط الفرنسي على دولة تفرض عليها شروط السلام بعد موقعة إيسلي في سنة 1844، منتظرا وقتا أحسن يمكنه من ضمان حقوقه بكيفية أصرح. كما  أن تلك الفقرة نفسها تعتبر انتصارا للدبلوماسية المغربية لأن الصحراء التي لا تحرث والتي ينتفع بخصبها ومائها عرب الإياللتين والتي لا حد لها ،لا توجد في الصحراء الجنوبية الشرقية، لأن هذه يومئذ كانت تابعة للإدارة المغربية ولسلطان المغرب وهي خارجة عن هذا الاعتبار بحكم الفقرة الواردة في المعاهدة نفسها والقائلة (للسلطانين التصرف في رعيته بما يشاء)والدليل على ذلك أن تصرف سلطان المغرب بقي مطلقا في إقليمي بشار وتوات إلى ما بعد 56 سنة مضت على معاهدة لالة مغنية ،إلى سنة 1901،حيث دخل جيش الاحتلال الفرنسي إلى توات ،بحكم التغلغل الاستعماري الذي اكتسح المغرب كله ،كما كانت الأراضي الواقعة جنوب فكيك وهي ذوي منيع وأولاد جرير وبشار والقنادسة ووادي الساورة وتوات ،متصلة إداريا بحكومة المغرب، فكانت القنادسة وبشار تابعتين لإدارة فكيك وكانت توات تابعة لقصور وادي الساورة أو مدينة تيمي في أدرار،التي كانت محل العمالة المغربية ولم تقتطع هذه الأراضي من المغرب إلا بعد الحماية على يد مندوب فرنسا في وجدة موريس فارني. 
وجاء في مذكرة  الزعيم الراحل أنه "بعد الاستقرار على اتفاقية لالة مغنية وضعت أركان الحرب العامة الفرنسية خريطة تعرف باسم قبطان الأركان بودوان في باريس سنة 1848 ووضع المغرب خريطة متفقة تماما مع خريطة بودوان خططها السيد بن شهبون وظلت الخريطتان الأساس الذي يعتمد عليه المغرب في إقرار حدوده مع القطر الجزائري الشقيق".

 
وسجل أن فرنسا استغلت  الظروف بعد احتلالها للمغرب وبسط الحماية عليه الظروف لاقتطاع أجزاء من المغرب وإلحاقها بالجهة التي تريد، مؤكدا وجود العديد من المواصلات الرسمية والمراسلات الخاصة في القصر الملكي ،التي تثبت مغربية المناطق المغتصبة.
 
تنصل الجزائر المستقلة من حل مشكل الحدود
وفي هذا الصدد ذكر الأستاذ محمد المعزوزي الذي كان عضوا في اللجنة الملكية للحدود من التاريخ  أن اجتماعا وقع في طنجة في يناير 1967 بين الوفدين المغربي والجزائري برئاسة السيدين محمد الشرقاوي وعبد العزيز بوتفليقة، بحضور ممثلين عن سبع دول إفريقية انتدبتهم  منظمة الوحدة الإفريقية للجنة التوفيق الإفريقية  وكان الملف المغربي مدروسا دراسة دقيقة ومستفيضة ويضم كل الحجج والوثائق التي تثبت أحقية المغرب على مناطقه الشرقية المغتصبة بشهادة جميع ممثلي الدول الإفريقية الحاضرة وبعدما شعر الوفد الجزائري بأن الملف المغربي يتوفر على حجج دامغة ووثائق مهمة ،حاول إيجاد مخرج للمأزق الذي وجد فيه وطلب بعقد اجتماع آخر في الجزائر.

 
وقال الرئيس علال الفاسي في تصريح لصحيفة "لوبينيون" الصادرة بالفرنسية  أوردته جريدة العلم في 28 يناير 1967 ،بمناسبة الاجتماع الإفريقي للنظر في الخلاف المغربي الجزائري على الحدود ،أنه على الإخوان الجزائريين المسؤولين أن يساعدوا على حل مشكل الحدود بما يفرضه القانون والمنطق والمصلحة العليا للمغرب العربي .
وتأكيدا لإعلان الزعيم الراحل عن وجود العديد من الوثائق في القصر الملكي التي تثبت سيادة المغرب على الصحراء الشرقية ، قالت السيدة بهيجة سيمو مديرة الوثائق الملكية في محاضرة لها في الرباط في  مارس 2024 أن المديرية تتوفر على وثائق تؤكد أن المغرب لم يتوان قط في الدفاع عن حدوده الشرقية التي امتلكها منذ القرن 17 إلى غاية وصول الاستعمار الفرنسي في 1912. وأوضحت أنه "منذ حصول المغرب على الاستقلال سنة 1956، وفي أبريل من السنة نفسها وكذلك سنة 1957، حاولت فرنسا الدخول في مباحثات مع المغرب لحل مشكلة حدود الصحراء الشرقية، عبر سفير باريس آنذاك في الرباط، ألكسندر بارودي، الذي أصر على لقاء الحكومة المغربية، واقترح عليها حلاً للمشكلة، مشيرة إلى إن فرنسا كانت تنوي إعادة تندوف إلى المملكة المغربية، غير أن المغفور له جلالة الملك  محمد الخامس  طيب الله ثراه رفض هذا الاقتراح من منطلق أن القرار سيكون بمثابة طعنة في ظهر الثورة الجزائرية التي تواجه الاستعمار الفرنسي، مفضّلا انتظار استقلال الجزائر لحل مشكلة الحدود هذه مع الأشقاء الجزائريين. 
واعترف رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية فرحات عباس بتاريخ 6 يوليوز 1961 ، في وثيقة رسمية بوجود مشكل حدودي بين البلدين  ،ملتزما بالنظر في قضية الحدود إلى ما بعد استقلال الجزائر، غير أن الجزائريين تنكروا لهذا الالتزام ،بل شنوا في 1963 حربا ضد المغرب في حوادث حاسي بيضا. 
إيمان علال الفاسي بالوحدة المغاربية
وفي كتابه "دفاعا عن وحدة البلاد" ، الصادر في سنة 1973،الذي نشر فيه  تسعين افتتاحية كتبها في جريدة "صحراء المغرب"  من 13 مارس 1957 إلى21 أبريل  1959 والألوكة  الموجهة إلى المؤتمر التأسيسي للشبيبة الاستقلالية  والندوة الصحفية التي عقدها في القاهرة في سنة 1956، شدد الزعيم الراحل على مدى قدسية العمق الصحراوي لدى المغاربة والوعي العارم الذي يملأ وجدانهم بحتمية استرجاع الأقاليم الصحراوية واستكمال الوحدة الترابية للمملكة.  

 
 وكتب في مقدمة  الكتاب  الصادر بعد توقيع اتفاقية الحدود بين المغرب والجزائر في 15 يوليوز 1972" إنني على الرغم من المواقف الرسمية ،لا أيأس من أن نصل يوما إلى توحيد وطننا الحالي مع مناطقه المغتصبة وحدها ،أو ضمن وحدة المغرب العربي الكبير".
 وعبر عن إيمانه العميق بالعمل يدا في يد مع الأشقاء الجزائريين لبناء المغرب العربي وذكر في   كتابه  "منهج الاستقلالية " الصادر في بداية 1962، أن الشعب المغربي ينتظر استقلال الجزائر بفارغ الصبر لاستئناف العمل في بناء صرح وحدة المغرب العربي، علما أنه سبق له  في أبريل 1958 أن ترأس وفد حزب الاستقلال في مؤتمر طنجة ،الذي ضم  أيضا حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري والحزب الدستوري التونسي ،من أجل وضع اللبنات الأولى لبناء المغرب العربي .  
 
وقبل ذلك تمسك علال الفاسي دائما بمفهوم الوحدة في فكره التحرري وقام بأدوار كبيرة  أثناء إقامته في القاهرة من أجل التنسيق  بين الحركات التحررية في المغرب العربي، وتأسيس مكتب المغربي العربي في فبراير 1947، ثم عضويته في  لجنة تحرير المغرب العربي في دجنبر 1947 إلى جانب كبار القادة الوطنيين في أقطار المغرب العربي.