تعمدت التقاط صورة أمام هذه البناية بباريس، ليس احتراما للمهندس الفرنسي (المزداد بالدارالبيضاء) Vassal jean philippe الذي صمم البناية رفقة زميلته المهندسة المعمارية Lacaton anne، بل لأن هذه البناية هي الحجة التي سأترافع بها أمام الله ضد أثرياء الريع بالمغرب، وعلى رأسهم أنس الصفريوي الذي استفز المغاربة (في أوج الانكماش الاقتصادي وفي زمن الجفاف والزلزال والبطالة وقلة العملة الصعبة بالمغرب)، باقتناء فيلا فرعونية لابنه بميامي الأمريكية بمبلغ 15 مليون دولار (15 مليار سنتيم مغربية)، بعيد زواجه بابنة عزيز أخنوش. علما أن القضية/ الفضيحة تناولتها صحف أمريكية وتداولتها مواقع وصحف مغربية دون أن يخرج الصفريوي أو صهره، رئيس الحكومة، بتوضيح للرأي العام المغربي حول ملابسات اقتناء هذه الفيلا الفارهة وبأي طريقة تم إخراج العملة الصعبة، وهل خرجت العملة من المغرب أو من حساب شركات مغربية بالخارج!!
البناية التي توجد خلفي في الصورة هي الجناح رقم 7 بقصر المعارض Villepinte قرب مطار شارل دوغول بباريس. وهي بناية كلف بناؤها نفس ثمن فيلا ميامي (أي 15 مليار سنتيم). مع فارق كبير أن القطاع الخاص الفرنسي له جينات المغامرة والمقامرة في الاستثمار، بينما القطاع الخاص بالمغرب له جينات "نهش الهمزات العقارية" والظفر بالغنائم الضريبية والامتيازات البنكية والمالية التي تمنحها الدولة المغربية لمعظم أثرياء الريع بدون مخاطرة أو مقامرة. أي أن القطاع الخاص بفرنسا يستثمر بما يخلق الثروة بالبلد؛ فيستفيد هو وتستفيد الدولة، بينما بالمغرب نجد القطاع الخاص في الأغلب الأعم "يهرف" على الثروة الوطنية بدل أن ينميها!
الجناح رقم 7 هو جزء من 9 أجنحة بقصر المعارض "فيبلبانت"(Parc des expositions Villepinte)، تابع لغرفة التجارة والصناعة بجهة باريس، التي تضم 300.000 مقاولة بهذه الجهة، وتديره عبر مؤسسة فرعية تسمى Viparis.
حين استثمر القطاع الخاص الفرنسي في هذا المشروع وخصص 15 مليار سنتيم لبناء الجناح 7، فمن أجل أن تبقى باريس (ومعها فرنسا) في صدارة الاقتصاد العالمي للمعارض والصالونات، بالنظر إلى أن قصر المعارض Villepinte يسجل لوحده في السنة 2،8 مليون زائر من مختلف دول العالم لحضور فعاليات الصالونات التي تتراوح بين 100 و120 معرض في السنة (مع احتساب معرض le bourget التابع لإدارة Villepinte). وهذه الصالونات والمعارض التي يحتضنها تتنوع؛ من آلات الفلاحة إلى قطاع المخابز، مرورا بالديكور المنزلي والصناعة والأسلحة والطيران والخيول والبصريات والصناعة الغذائية والسيارات وغيرها. علما أن جهة باريس لا تضم هذا الفضاء، فقط، بل تؤوي تسعة معارض موزعة على تراب الجهة، من أهمها أيضا معرض Porte verssailles.
وإذا كان اقتصاد المعارض يدر على خزينة فرنسا 4 ملايير أورو في العام (أي ما يعادل 3% من الناتج الداخلي الخام للمغرب ككل!)، ويزورها سنويا 20 مليون فردا في السنة، فإن هذه الصالونات (البالغ عددها 1200 صالون ومعرض و2800 مؤتمر سنويا) تخلق 64.000 منصب شغل في كامل تراب فرنسا.
وبحكم أن معرض Villepinte هو الأضخم بفرنسا والسادس أوربيا (بعد هانوفر، فرانكفورت، ميلانو، كولونيا ودوسيلدورف)، فهذا المعرض لوحده يضخ لخزينة جهة باريس مامجموعه 1،2 مليار أورو في السنة، ويضم بنية فندقية رهيبة طاقتها 12.000 غرفة (أي 8% من مجموع الطاقة الفندقية بجهة باربس).
وحتى تثبت باريس موقعها في الخريطة العالمية للمعارض والصالونات، ها هي غرفة التجارة والصناعة (الممثل لمصالح القطاع الخاص بالعاصمة الفرنسية) تتهيأ لضخ ملايين إضافية من الأورو لتوسيع معرض villepinte لتصل طاقته إلى 300 ألف متر مربع بدل 242 ألف حاليا.
القرار اتخذ وينتظر التفعيل بعد انتهاء الألعاب الأولمبية في صيف 2024، بحكم أن قصر المعارض سيحتضن مباريات كرة الطائرة والمسايفة والملاكمة ورياضات أخرى.
هذا هو رهان القطاع الخاص في الدول المتمدنة وليس الهرولة والتسابق (كما في المغرب)، لإخراج العملة الصعبة ليتباهي أثرياء الريع بشراء عقار ضخم أو فيلا فاخرة بأوربا أو أمريكا!