كشف تقرير صدر، الجمعة 3 ماي 2024 عن منظمة “مراسلون بلا حدود” الدولية، حول مؤشر حرية الصحافة في 2024، أن الجزائر تدحرجت إلى الرتبة 139 من بين 180 دولة في العالم، متراجعتا بثلاث مراتب بعدما كانت في المركز 136 العام الماضي.
وهذا بعدما حصدت 41.98 نقطة من أصل 100 نقطة، والتي تشير إلى الدرجة العالية أو المستوى العالٍي من حرية الصحافة في أي بلد والعكس صحيح.
وذكر القرير ان حرية الصحافة تواجه العديد من الخطوط الحمراء في الجزائر، حيث أن مجرد الإشارة إلى الفساد أو قمع المظاهرات من شأنه يكلف الصحفيين التهديدات والاعتقالات.
يهدف التصنيف العالمي لحرية الصحافة هذا الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود كل سنة، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، إلى المقارنة بين درجة الحرية التي يتمتع بها الصحفيون ووسائل الإعلام في البلدان الـ180 التي يشملها التحليل. حيث تُعَرِّف مراسلون بلا حدود وفريق الخبراء التابع لها حرية الصحافة انها “الإمكانية الفعلية للصحفيين، بشكل فردي وجماعي، لاختيار وإنتاج ونشر المعلومات التي تصب في المصلحة العامة، وذلك في استقلال عن التدخل السياسي والاقتصادي والقانوني والاجتماعي، ودون أي تهديدات ضد سلامتهم الجسدية والعقلية”.
فيما يلي نص تقرير مراسلون بلاد حدود حول حرية الصحافة في الجزائر:
تواجه حرية الصحافة العديد من الخطوط الحمراء في الجزائر، حيث أن مجرد الإشارة إلى الفساد أو قمع المظاهرات من شأنه يكلف الصحفيين التهديدات والاعتقالات.
المشهد الإعلامي
لم يسبق أن للساحة الإعلامية الجزائرية أن شهدت مثل هذا التدهور، حيث باتت وسائل الإعلام المستقلة تتعرض للضغوط باستمرار ويُسجن الصحفيون أو يحاكَمون بانتظام، ناهيك عن إجراءات الحجب التي تطال العديد من المواقع الإلكترونية. وتتصدر القنوات التلفزيونية الخاصة، مثل النهار والشروق والبلاد، تصنيف وسائل الإعلام الأكثر شعبية في البلاد، بينما تُعتبر الوطن وليبرتي (قبل غلقها في السادس من أبريل المنقضي) أكثر المنابر جدية ومصداقية على مستوى الصحافة المكتوبة، في حين أن موقعي ” كل شيء عن الجزائر” (TSA) وأنترلين يتصدران المشهد الإخباري الإلكتروني.
السياق السياسي
يتسم المناخ السياسي بالتوتر الشديد في الجزائر، لا سيما منذ انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون في دجنبر 2019. ويتعرض الصحفيون ووسائل الإعلام لضغوط عديدة، خاصة من رئاسة الجمهورية والأحزاب والأجهزة الأمنية والسلطات المحلية. ومن الصعب جداً على المراسلين القيام بعملهم بطريقة حرة ومستقلة عندما يكون للسلطة السياسية تأثير مباشر على تعيين وإقالة مديري وسائل الإعلام والهيئات التنظيمية للقطاع.
الإطار القانوني
يميل الإطار التشريعي الجزائري إلى تقييد العمل الصحفي أكثر فأكثر. فإذا كانت المادة 54 من الدستور تكفل حرية الصحافة، فإنها تفرض على وسائل الإعلام احترام “ثوابت الأمة وقيمها الدينية والأخلاقية والثقافية”. أما قانون العقوبات، الذي تم تعديله في عام 2020، فقد أصبح ينص على عقوبة السجن لمدة تتراوح بين سنة واحدة وثلاث سنوات في حق “كل من ينشر أو يروج عمداً بأي وسيلة أخباراً أو معلومات كاذبة ومغرضة من شأنها المساس بالأمن والنظام العموميين. ويُستخدم هذا النص بانتظام للحكم على الصحفيين، مما يؤدي إلى سياق تنتشر فيه الرقابة والرقابة الذاتية على نطاق واسع. وجاء قانون الصحافة الجديد (الصادر عام 2023) ليعزز إطار عمل الصحفيين ويضيف عقوبات جديدة ويحظر على وسائل الإعلام الجزائرية الاستفادة من أي تمويل أو مساعدة مالية مباشرة أو غير مباشرة من أي جهة أجنبية تحت طائلة غرامات باهظة.
السياق الاقتصادي
يعاني القطاع الخاص منذ عام 2019، حيث اضطرت عدة منابر إعلامية وقنوات تلفزيونية إلى التوقف عن النشر أو البث، في ظل غياب عائدات مالية من سوق الإعلانات، علماً أن الإعانات الحكومية تُمنح فقط لوسائل الإعلام العمومية أو المنابر الخاصة المقربة من النظام.
السياق الاجتماعي والثقافي
تختلف البيئة الاجتماعية والثقافية للصحفيين من الشمال إلى الجنوب. ففي المدن الواقعة في المناطق الداخلية من البلاد، تتمتع الهيئات المحلية والوالي والدوائر الدينية بسلطة كبيرة تتيح فرض رقابة على الصحفيين. كما أن النزعة المحافظة - اجتماعياً ودينياً - لها وزن كبير في البلاد، حيث يصعب على الصحفيين إثارة المواضيع المتعلقة بالجنس أو الدين.
الأمن
تتزايد التهديدات وأساليب الترهيب في حق الصحفيين باستمرار، في ظل غياب تام لآلية من شأنها أن توفر لهم الحماية اللازمة. وفي هذا السياق، يواجه الصحفيون الذين ينتقدون السلطات خطر الاحتجاز التعسفي أو التجسس أو التنصت على مكالماتهم الهاتفية. أما الصحفيون المستقلون أو المقربون من الحراك الشعبي، الذي انطلق في فبراير 2019، فقد تطالهم التهديدات عبر الإنترنت وحملات الكراهية من “الذباب الإلكتروني”، وهو عبارة عن جيش من الحسابات المجهولة المقربة من النظام.