يوسف بونوال: هذه حيثيات التوقيع على إتفاق جولة أبريل 2024 للحوار الإجتماعي

يوسف بونوال: هذه حيثيات التوقيع على إتفاق جولة أبريل 2024 للحوار الإجتماعي يوسف بونوال
إيماناً منا بأهمية الحوار الإجتماعي بين مختلف الفاعلين والشركاء الإجتماعيين والإقتصاديين كآلية لتحقيق التنمية وضمان الإنصاف الاجتماعي والتضامن الوطني، لا يمكن لنا، كمنظمة مهنية، إلا أن نثمن كل ما من شأنه تحسين أوضاع الطبقة الشغيلة ودعم قدرتهم الشرائية.
التوقيع على إتفاق جولة أبريل 2024 بين الحكومة من جهة، والمركزيات النقابية والإتحاد العام لمقاولات المغرب والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية من جهة أخرى وما رافق ذلك من تصريحات طوباوية من قبل مسؤولين حكوميين، يجعلنا نتفاعل إنطلاقا من مسؤوليتنا كهيئة تمثل المهنيين من مقاولات جد صغرى وصغرى ومتوسطة، وتجار، وحرفيين، وصناع تقليديين...أي تلك الفئة التي تمثل أكثر من 95% من النسيج الإقتصادي الوطني.
إن منظمة المهن و المقاولات، من خلال هذا البلاغ، تبدي رأيها و تعلن عن تحفظاتها في بعض خلاصات و مخرجات الحوار الإجتماعي، وذلك على المستويات التالية :
تمثيلية المهنيين في الحوار الإجتماعي : 
للأسف وكالعادة الإتحاد العام لمقاولات المغرب ينصب نفسه الممثل الوحيد والأوحد للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة ويتكلم و يفاوض بإسمها في حين أن هاته الفئة، ومن يمثلها فعليا، تم إقصاؤهم من جلسات الحوار الاجتماعي مما قد يضعف من شرعية أي إتفاق سيتم التوصل إليه. إدماج المقاولات الجد الصغيرة والصغرى والمتوسطة في الحوار الإجتماعي من شأنه أن يضع على طاولة المفاوضات جميع الإكراهات التي يعيشها الفاعلون الإقتصاديون قصد البحث عن سبل معالجتها وتجاوزها مما سيجعلهم قادرين على إحترام إلتزاماتهم وعلى الأخص الزيادة في أجور المأجورين. 
إحترام منهجية الحوار المبنية على الإشراك وعدم الإقصاء شرط أساسي لضمان الإنخراط الفعلي لكل الشركاء الإجتماعيين و الإقتصاديين في تحديث ومأسسة منظومة الحوار الاجتماعي بالمغرب.
الزيادة في الأجور :
عرفت القدرة الشرائية للمواطنين والمواطنات، خصوصا من ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة، إنخفاظا مقلقا بسبب إرتفاع مستويات التضخم و ضعف المنتوج الفلاحي تحث تأثير الجفاف للعام الخامس على التوالي ناهيك عن الإرتفاع الغير المبرر للمحروقات مما نتج عنها وصول أسعار المواد الإستهلاكية إلى مستويات قياسية. قرار الزيادة في الحد الأدنى من أجور الطبقة الشغيلة مع إرتفاع الأسعار هو بمثابة تصحيـح جزئي للقدرة الشرائية مما يجعلنا نطرح مجموعة من الأسئلة حول جدية و نوايا هذا القرار. الزيادة في الكتلة الأُجَرية للمهنيين المُشغِّلين في غياب تدابير و تحفيزات مواكبة، خصوصا في الشق الضريبي، ستكون له إنعكاسات سلبية على مردودية المقاولة التي تعيش و منذ أزيد من ثلاثة سنوات نزيف الإفلاس ( 33 ألف مقاولة جد صغرى و صغرى و متوسطة أفلست خلال سنة 2023).
حوار إنتقائي و غير شمولي :
الحوار الإجتماعي يهم فئة المأجورين في القطاعين العام والخاص وكذلك فئة الفاعلين الإقتصاديين من مهنيين و مقاولين. للأسف مخرجات الحوار إقتصرت على فئات معينة وعلى ملفات محددة بشكل إنتقائي في غياب نظرة شمولية. مجموعة من الملفات لم يتم الحسم فيها من قبيل مدونة الشغل و قانون الإضراب.
إننا نؤكد مرة أخرى على أهمية السلم الإجتماعي وتوفير الظروف الجيدة للإشتغال داخل المقاولات بالنسبة للعامل و الأجير. حوار إجتماعي في غياب طرح الإشكاليات الهيكلية التي تعرفها المقاولات الصغيرة والصغرى والمتوسطة، من قبيل إمكانيات الولوج للتمويل والصفقات العمومية والعقار، يبقى غير متكافئ لا ُيسهِم في تنزيل الرؤية الإستراتيجية لحوارٍ ُممأسَسٍ ومنتظمٍ.
تمويل الحوار الإجتماعي :
الحوار الإجتماعي له تكلفة مادية لم يتم تحديد قيمتها كما أن غياب خارطة التمويل ستفتح بابا كبيرا وعريضا على مجموعة من التأويلات التي قد تؤثر سلبيا على منسوب الثقة تجاه المؤسسات. كمهنيين، لاحظنا خلال السنوات الثلاثة الأخيرة نهج الحكومة لسياسة عمومية مالية تعتمد أساسا على الضغط الضريبي.
في ظل وجود أوراش كبرى تستلزم تمويلا مهما كورش الحماية الإجتماعية وتجويد الخدمات الصحية، وفي ظروف إقتصادية غير جيدة بمعدل نمو ضعيف وإستدانة غير محسوبة العواقب على مستويات التوازنات الماكروإقتصإدية، يجعلنا، كمنظمة مهنية مسؤولة، أن نتخوف من لجوء الحكومة إلى نهج سياسة جبائية غير عادلة على حساب فئة المهنيين والمقاولين الصغار والمتوسطين. كثرة الضرائب تقتل الضرائب وتشجع على التملص والتهرب الضريبين واللجوء إلى الأنشطة الإقتصادية الغير المهيكلة والغير الخاضعة للمراقبة. كمهنيين نعلن رفضنا القاطع على جعل المقاولات الجد الصغيرة والصغرى والمتوسطة مطية لتمويل الحوار الإجتماعي عبر فرض مزيد من الضرائب أو الرفع منها.
وفي الأخير نعلن عن إنخراطنا كمهنيين داخل إطارنا "منظمة المهن والمقاولات" في بناء المشروع الإجتماعي لبلدنا والذي يرتكز على إقتصاد قوي و مستقل يلعب الأدوار الكبرى على المستويين الدولي والإفريقي، كما أننا نرفض وبقوة تسييس الحوار الإجتماعي لحسابات حزبية وإنتخابوية ضيقة.
 
الدارالبيضاء، في 3 ماي 2024
يوسف بونوال، رئيس منظمة المهن والمقاولات