عبد النباوي: مكافحة غسيل الأموال يسائل مهنة المحاماة ويدعوها تدارس القوانين المتعلقة به

عبد النباوي: مكافحة غسيل الأموال يسائل مهنة المحاماة ويدعوها تدارس القوانين المتعلقة به محمد عبد النباوي
أكد محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على أن غسل الأموال صار يهدد الأمن الاقتصادي في العالم، والتنافس الحر، ولما له من تأثير على قيمة العملة، وإنتاج التضخم. كما أن موضوع مكافحة غسل الأموال أصبح في قلب التحديات، والتحولات الاقتصادية والتكنولوجية الكبرى المرتبطة بالجريمة المنظمة عموماً وبتمويل الإرهاب على الخصوص. 
وأضاف عبد النباوي في كلمة له خلال ندوة الاتحاد الدولي للمحامين حول: "مكافحة غسيل الأموال الرهانات والتحديات" المنظمة بمدينة طنجة الفترة 3-4 ماي 2024، أن الموضوع أصبح  من جهة أخرى يسائل مهنة المحاماة، ويدعوها إلى استحضار أسبابه وآثاره، وتدارس القوانين المتعلقة به، ذلك أن المحامي يعتبر من جهة، من بين الأشخاص الخاضعين لمقتضيات القانون 43.05 المتعلق بغسل الأموال، مما يضع أعضاء هيئات الدفاع في الصف الأمامي لمنظومة اليقظة والمراقبة الداخلية. ويضع على عاتقهم التزاماً أخلاقياً ومهنياً ببذل العناية اللازمة في تحديد وتقييم المخاطر المرتبطة بمعاملات عملائهم. 
ومن جهة أخرى، يضيف المتحدث ذاته، فالمحامي يعتبر حلقة أساسية في المحاكمة العادلة، مشيرا أنه تحت هذا الغطاء المزدوج يجد المحامي نفسه أمام مفترق طرق من المخاطر والتحديات المهنية، تلزمه بتسليح نفسه بالمعرفة القوية، والفهم العميق للمقتضيات التشريعية، والتنظيمية لموضوعٍ بالغ التعقيد، قوي التأثير على الاقتصادات، وشديد الارتباط بأمن الأمم.
عبد النباوي أبرز أيضا أن هذا الموضوع يحظى باهتمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي انخرط في المنظومة الوطنية لمكافحة الفساد، التي التزمت بها السلطات الوطنية بتوجيهات ملكية، وتحت قيادة الملك الملك محمد السادس، وفي هذا الإطار أحدث المجلس خلال الأشهر السابقة بنية متخصصة في تتبع قضايا غسل الأموال تابعة لقطب القضاء الجنائي، من أجل:
تحقيق تواصل أفضل مع العمل القضائي للمحاكم، من خلال تتبع نشاطها في قضايا غسل الأموال وتنفيذ برامج النجاعة القضائية ذات الصلة بهذا النوع من الجرائم.
وتحقيق الأمن القضائي ومراقبة الالتزام بمعايير المحاكمة العادلة من خلال المساهمة في جمع ونشر الاجتهاد القضائي والمعلومة القانونية وتوفير التكوين المستمر وإعداد الدلائل العملية.
بالإضافة إلى تخليق المنظومة القضائية وتعزيز النجاعة القضائية عن طريق احترام البت في القضايا في الأجل المعقول، وتسريع تنفيذ الأحكام.
وبالرجوع لإحصائيات القضايا المحكومة خلال الربع الأول من السنة الجارية والتي بلغت 114 مقرراً قضائيا في الموضوع، يقول محمد عبد النباوي، "فإننا نسجل بارتياح، التطور الإيجابي الذي عرفه متوسط أجل البت في هذا النوع من القضايا التي تتميز بالتعقيد، واتساع مجال الاختصاص الترابي"، مشيرا إلى أن 75 في المائة من المقررات الصادرة عن الهيئات الابتدائية صدرت داخل الآجال الاسترشادية، كما حددها قرار المجلس الأعلى للسلطة القضائية في 180 يوما كأجل بت في القضايا الابتدائية و120 يوما في القضايا الاستئنافية. ولاشك أن المحاكم المعنية بالموضوع ستعمل على تطوير أدائها في إطار احترام حقوق الدفاع وشروط المحاكمة العادلة.
وشدد المتحدث ذاته إلى أن الجهود المشتركة، والتعاون المتواصل بين الهيئات القضائية وهيئات الدفاع، يظل هو السبيل الأنجع لتجاوز التحديات المستحدثة وغير المسبوقة، التي تحملها التقنيات الناشئة في مجال المعاملات المالية، كالعملات الافتراضية والمشفرة والطرق اللامركزية لتحويل الأموال وتخزينها. وهو ما بات يفرض على مختلف أجهزة العدالة الجنائية، وفي مقدمتها القضاء والدفاع والشرطة القضائية، التسلح بما تتيحه التكنولوجية المبتكرة من وسائل البحث والتحري كتحليل البيانات المتقدمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي لأجل مواكبة تعقد جريمة غسل الأموال، التي تتميز عادة بذكاء مركتبيها وسعة معارفهم وعمق اطلاعهم على الأنظمة الاقتصادية والإجراءات المصرفية، باعتبارهم في الغالب ممن يصطلح على تسميتهم بذوي الياقات البيضاء.