يعتبر الاستغلال في العمل شكل من أشكال الاستغلال الواردة في التعاريف الدولية للاتجار بالبشر، لا سيما التعريف الوارد في المادة 3 من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (بروتوكول باليرمو).
إن الظروف والشروط وطبيعة الأماكن التي تمارس فيها بعض الأشغال قد تنبئ بوجود مؤشرات الاتجار بالبشر بغرض الاستغلال في العمل، كما أن شروط التشغيل وآليات الوساطة في التشغيل تعتبر كذلك مجالا خصبا لممارسة الاتجار بالبشر من أجل الاستغلال في العمل لاسيما الأطفال، النساء، العمال المنزليين، المشتغلين بالقطاع غير المهيكل والمهاجرين في وضعية غير قانونية.
ومن هنا تأتي أهمية تشريع الشغل في الحد والوقاية من تجليات ظاهرة الاتجار بالبشر من أجل الاستغلال في العمل، ونخص بالذكر القانون رقم 65-99 المتعلق بمدونة الشغل والذي تضمن مجموعة من الحقوق التي تضمن ممارستها داخل المقاولة وخارجها، وهي نفس الحقوق التي نصت عليها منظمة العمل الدولية بدءا من دستورها الى مختلف المواثيق التي أصدرتها، خاصة تلك الواردة في اتفاقيات العمل الدولية، والتي تتضمن بالخصوص:
- الحرية النقابية والإقرار الفعلي لحق التنظيم والمفاوضة الجماعية.
- منع كل أشكال العمل الإجباري .
- القضاء الفعلي على تشغيل الأطفال.
- منع التمييز في مجال التشغيل .
- المساواة في الأجر.
أما بخصوص الضمانات التي تتضمنها مدونة الشغل فتهم المجالات التالية:
- ضرورة الحصول على إذن ولي الأمر في حالة تشغيل أطفال من 16 الى 18 سنة مع وجوب عرضهم على فحص طبي كل ستة أشهر.
- منع تشغيل الأطفال بين 16 و18 سنة ليلا وفي الأماكن غير الآمنة، وفي حمل الأجسام الثقيلة، وفي استعمال التجهيزات والأدوات الخطرة، وفي كل الأشغال التي تشكل خطرا على صحتهم أو سلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي
- منع تشغيل العاملة أو العامل المنزلي لأداء الشغل قسرا .
- إمكانية توجيه الشكايات من طرف العامل أو العاملة المنزلية لمفتش الشغل بشأن تنفيذ بنود عقد الشغل.
- تطبيق مقتضيات الباب الخاص بتشغيل الأجانب في مدونة الشغل في حالة تشغيل أجراء منزليين أجانب .
كما أناط المشرع المغربي الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل بمقتضى المادة 532 مهام السهر على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل وإحاطة السلطة الحكومية المكلفة بالشغل علما بكل نقص أو تجاوز في المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها .
وتتجلى أهمية تدخل مفتشي الشغل في مجال محاربة الاتجار بالبشر والاستغلال في العمل من خلال ثلاثة مستويات: الوقاية، المتابعة والمراقبة والحماية.
ولضمان تدخل فعال لمفتشي الشغل في محاربة الاتجار بالبشر، يجب أن يتمكن هؤلاء من بعض الأدوات والآليات، خاصة من خلال الدورات التكوينية التي تمكنهم من استيعاب مقاربة شمولية لتحديد الفئات الهشة ومظاهر الهشاشة ومعرفة وسائل التحكم من طرف المتاجرين، بالإضافة الى التحكم في المؤشرات المتعلقة بالحالات المحتملة للعمل الجبري من خلال إتقان وسائل وتقنيات التحقيق والاستجواب من أجل تحديد الفئات الهشة (العاملون المنتمون لفئات تتعرض للتمييز في أماكن العمل، العاملات والعمال المنزليون، العاملات المشتغلات في القطاع غير المهيكل، العمال المهاجرين في وضعية إدارية غير قانونية..(.
ومعرفة مظاهرة الهشاشة ومن بين مؤشراتها غياب عقد عمل مع المشغل والجهل بالحقوق والحماية القانونية والحواجز اللغوية والاختلافات الثقافية، عزل، اختطاف، إبعاد عن العائلة، تقييد التنقل وسبل التواصل..