يرى محمد جدري، محلل اقتصادي ومدير مرصد مراقبة العمل الحكومي أن المغاربة يعانون من حيف ضريبي مجحف، بمعنى أنه يستحيل ان نتكلم على عدالة ضريبية وهناك مواطن نقتطع له الضريبة على الدخل من المنبع، وليس له فرصة للتملص الضريبي أو الغش الضريبي، في حين أن هناك فئات عريضة من المجتمع تمارس الغش الضريبي والتهرب الضريبي.
وأكد المحلل الاقتصادي أن الطبقة المتوسطة تعد الحلقة الأضعف في المنظومة الضريبية لأنها تؤدي الضريبة 3 مرات، لأنها تؤدي ضرائب محترمة في حين أنها لا تستفيد من أدنى الخدمات لا بالنسبة للولوج للتعليم، أو الاستفادة من وسائل النقل والتنقل العمومي، ولا بالنسبة للخدمات الصحية والترفيهية، وهو ما يجعل هذه الشريحة الواسعة من المواطنين تعاني من ضغط ضريبي كبير ويجعل قدراتها الادخارية شبه منعدمة...
هل هناك عدالة ضريبية في المغرب؟
الحديث عن عدالة ضريبية في المغرب هو أمر مستبعد جدا، بحيث أن المغاربة أفراد ومقاولات يعانون من حيف ضريبي يظهر العيان، ويكفي أن نعطي مثالين واضحين عن غياب العدالة الضريبية ببلادنا، أولا: فيما يتعلق بالأفراد هناك فرق كبير بين الموظفين والأجراء في القطاع الخاص، الذين تقتطع لهم الضريبة على الدخل من المنبع ، في حين أن فئات عريضة من المجتمع تشتغل في المهن الحرة هي التي تصرح بالضريبة على الدخل، وهنا اتكلم على الدخول العقارية والتجارية وما شابه ذلك، بمعنى أنه يستحيل أن نتكلم على عدالة ضريبية وهناك مواطن نقتطع له الضريبة على الدخل من المنبع، وليس له فرصة للتملص الضريبي أو الغش الضريبي ، في حين أن هناك فئات عريضة من المجتمع تمارس الغش الضريبي والتهرب الضريبي. المثال الثاني خاص بالمقاولات، إذ لا يمكن أن تكون هناك مقاولات تحترم نفسها، وتؤدي تحملاتها الاجتماعية وتؤدي الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات، بينما في الجهة الاخرى قطاع غير مهيكل وكبير لا يؤدي الضرائب، الامر الذي لا يوفر الجو العادل للتنافسية الاقتصادية. واليوم كي نتكلم عن العدالة الضريبية يجب أن نقتطع الضريبة على الدخل للجميع من المنبع، وإما أن نلزم الجميع بالتصريح الضريبي ، ونقلص من حجم القطاع غير مهيكل.
هل تتفق مع من يقول: أن المواطن المغربي يشكو من ضغط جبائي، خصوصا وأن الدولة ليس لها خيال لتوسيع الوعاء الضريبي وجلب موارد من مصادر أخرى؟
بطبيعة الحال المواطن المغربي يعاني من ضغط ضريبي رهيب، خاصة مع وجود فئة عريضة من الطبقة المتوسطة خاصة الموظفين والأجراء، والذين يعدون الحلقة الأضعف في المنظومة الضريبية، لأنهم يؤدون الضريبة 3 مرات، أولا، يؤدون الضريبة على الدخل التي تقتطع لهم من المنبع، وليس لهم أي وسيلة للتهرب منها، ثانيا: أنهم عندما يقتنون أي سلعة او يستفيدون من أي خدمة يؤدون الضريبة على القيمة المضافة، لأن أي سلعة يقتنونها يؤدون T V A، ثالثا، أنهم يؤدون ضريبة أخرى غير مباشرة عندما يؤدون ثمن البنزين والضريبة والتأمين على سياراتهم لأنها وسيلة التنقل، عندما يؤدون رسوم التمدرس لأبنائهم، عندما يؤدون ثمن كل ما يتعلق بالولوج للخدمات الصحية، عندما يقضون عطلهم، أو يسجلوا أبنائهم في النوادي الرياضية والموسيقية والترفيهية وغيرها، حيث يؤدون الضرائب ثلاثة مرات، وبالتالي فالطبقة المتوسطة تعاني من حيف كبير، لأنها تؤدي ضرائب محترمة في حين أنها لا تستفيد من أدنى الخدمات لا بالنسبة للولوج للتعليم، أو الاستفادة من وسائل النقل والتنقل العمومي، ولا بالنسبة للخدمات الصحية والترفيهية، وهو ما يجعل هذه الشريحة الواسعة من المواطنين تعاني من ضغط ضريبي كبير يؤثر سلبا على قدراتها الادخارية الشبه المنعدمة.
في نظرك ما السبيل لتحقيق العدالة الضريبية، وتخفيف العبء الضريبي على المواطن؟
كي نحقق العدالة الضريبية، ونخفف على المواطن الضغط الضريبي، يجب أن نقوم بالعديد من الإجراءات، لا يمكن أن تبقى نفس الاشطر الضريبية بالشكل المعمول به حاليا، إذ يجب التخفيف الضغط الضريبي على الطبقة المتوسطة التي تؤدي الضريبة على الدخل، فمثلا عندما نتكلم على المنظومة الضريبية في أسعار المحروقات فإنها تشكل 40 في المائة من السعر النهائي. التخفيف الضريبي على تلك الشريحة الواسعة من المواطنين الذين يخففون الضغط على المرفق العمومي، هؤلاء الذين يعلمون أبنائهم في التعليم الخاص ويقصدون المصحات الخاصة، ويستعملون سياراتهم الشخصية، يجب على الدولة أن تخفف عنهم الثقل الضريبي من خلال تقليص هذه المصاريف من الضريبة على الدخل، لأنه لا يعقل أن هؤلاء الاشخاص الذين يساهمون في تنمية البلاد وتخفيف الضغط على المرفق العمومي، نعاقبهم بهذا الكم الهائل من الضرائب.
الحل في نظري كذلك، توسيع الوعاء الجبائي من خلال إدماج القطاع غيرالمهيكل، حينها لن تكون عندنا مشاكل في المداخيل الضريبية إذا تم تخفيض الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات. لأن الحكومة تحتاج لمجموعة من الضرائب لتنزيل الأوراش المهيكلة، كورش الحماية الاجتماعية، وإصلاح المنظومة التعليمة والمنظومة الصحية، وتشجيع المقاولات الصغيرة عن طريق دعم الاستثمار العمومي. الحل اليوم هو توسعة الوعاء الجبائي كي يتمكن جميع المغاربة كيفما كانت وضعيتهم المهنية والاجتماعية أن يساهموا بقدر مردوديتهم في أداء ضرائبهم بطريقة تناسب دخلهم. علينا اليوم أن نفتح حوارا مجتمعيا حقيقيا حول موضوع الإصلاح الجبائي، كي نحقق العدالة الضريبية ويكون لنا نظام جبائي يستجيب لمختلف فئات المجتمع.