كشف فرحات مهنّي، رئيس الحكومة القبايلية المؤقّتة ورئيس حركة "الماك"، عن ما يعانيه الشعب القبايلي في بلاد القبائل وفي الخارج من اضطهاد وسجن واعتقال ومحاكمات صورية ومطاردة بهدف كسر شوكتهم من قبل آلة القمع الاستعماري، والتي لا تزيدنا إلاّ صلابة يوما بعد يوم.
وأوضح القيادي القبايلي فرحات مهنّي في حوار مع أسبوعية "الوطن الآن"،أن "الاستعمار الجزائري يعارض دائمًا العنف ضدّنا. ومع ذلك، فقد فشل العنف دائمًا ضدّ حركات التّحرر مثل حركتنا. عاجلاً أم آجلاً ، سوف يدرك الجنرالات الجزائريون المأزق الذي وصلوا إليه وعدم كفاءتهم في حلّ مشكلة سياسية بالوسائل العسكرية".
وسار القيادي القبايلي مهنّي إلى القول بأننا "نفكّر في عاصمة العالم التي ستوفّر لنا أفضل الظّروف لتحقيق استقلالنا، من أجل حقّنا في تقرير المصير الذي ترعاه لأمم المتحدة". وفي ما يلي نصّ الحوار:
رغم القمع والمنع والاعتقال الذي يطال القبايليين في سجون عسكر الجزائر إلاّ أن قضيتكم لا تحظى باهتمام حقوقي أكبر مقابل قضايا هامشية. ما تفسيركم لذلك؟
الرّأي الدّولي انتقائي، والأسباب التي تستفيد من القوة الإعلامية هي التي تضع القمع الاستعماري في بلاد القبائل في المرتبة الثانية.
بالمناسبة، نشكر الصحافة المغربية على بذل قصارى جهدها لدقّ ناقوس الخطر بشأن معاناتنا وآلامنا. وعلى الرّغم من هذا، فإننا لا نشعر بالإحباط بأيّ حال من الأحوال، بل على العكس من ذلك، فإنّنا نقول لأنفسنا إنّه يتعيّن علينا مضاعفة جهودنا لإسماع صوتنا.
تستعدون لإعلان ميلاد الدولة القبايلية يوم 20 أبريل 2024. ما هو دفتر تحملاتكم لأجرأة أجندة الدولة القبايلية؟.
لقد وضعت بلاد القبائل أجندة مبنيّة على عدد من الدّراسات حول أفضل السّبل لتحقيق استقلالها دونما عنف. وبسبب الافتقار إلى الحجج السّياسية والقانونية ضدّ تطلعات شعب القبائل إلى حريته، فإن الاستعمار الجزائري يعارض دائمًا العنف ضدّنا. ومع ذلك، فقد فشل العنف دائمًا ضدّ حركات التّحرر مثل حركتنا. عاجلاً أم آجلاً، سوف يدرك الجنرالات الجزائريون المأزق الذي وصلوا إليه وعدم كفاءتهم في حلّ مشكلة سياسية بالوسائل العسكرية.
وماذا حقّقت حركة "الماك" إلى حد الآن وقد مرت عقود على تأسيسها، وحكومة القبايليين في المنفى قد أعلن عنها في عام 2010؟.
سجلّ حركة «الماك» تاريخي، وتولى السلطة من حيث توقفت انتفاضة 1871. لقد وضع حدّا للمحاولات السّياسية لأسلافنا في مواجهة الاستعمار الجزائري أو الاستعمار الفرنسي أو ما بعد الاستعمار الفرنسي. وبدلاً من الرّغبة في القيام بثورة عبر كامل شمال أفريقيا كما هو الحال داخل نجمة شمال أفريقيا، أو في جميع أنحاء الجزائر كما حلمت جبهة القوى الاشتراكية والتّجمع الدستوري الديمقراطي، شرعت «الماك» في تحقيق تطلعات شعب القبائل وحده لبناء دولته الخاصّة وبصبر ومنهجية، حصل على دعم واحترام الأغلبية الساحقة من سكان القبائل. وأعطاهم الفخر والأمل.
وبفضل "الماك" تتمتّع بلاد القبائل بمعظم سمات السّيادة. ومن أجل تحقيق واحدة من أهم هذه الصفات، فإننا نستعد لإعلان ولادة دولة القبائل من جديد. سجلت بشراكة بين «أنافاد» جنبًا إلى جنب مع «الماك»، تقدمًا ملحوظًا على السّاحتين الوطنية والدولية.
هناك أزيد من 800 ألف قبايلي في فرنسا وحوالي 300 ألف قبايلي في كندا، ونحو 200 ألف قبايلي في الولايات المتحدة الأمريكية. لكن المركز السياسي للقبايليين يوجد في فرنسا، وهو ما يعتبره بعض المراقبين أنه سبب فشل القبايليين في انتزاع مطالبهم أمام الجزائر، بحكم أن فرنسا تتعاون مع العسكر الجزائري. بدليل أن النّظام العسكري الجزائري لم يحتج على فرنسا ضد تواجد القبايليين ونشاطهم في فرنسا.ما رأيك في هذه المفارقة؟
نحن ندرك نقاط قوّتنا وحدودنا. الحديث عن الفشل خطأ كبير، فعلى العكس تماما. إنّ النّجاح في إعلان دولة خالية من العنف في مواجهة أكبر دولة في إفريقيا حاليًا، هو في حدّ ذاته إنجاز ذي قيمة سياسية واجتماعية وثقافية لا تقدّر بثمن.
أما مقر «أنافاد» فلا يقال إنّه سيبقى في باريس حتى استقلال بلاد القبائل. ونحن على استعداد للنّظر في العروض في هذا الاتجاه.
سبق لكم أن طلبتم عام 2013 رسميا من الاتحاد الأوروبي إلغاء الاتفاقيات المبرمة مع الجزائر كإجراء عقابي. لكن بالمقابل لم يتجاوب الاتحاد الأوربي مع هذا المطلب ولم يلتفت إليه، علما أن نفس الاتحاد يتجند ويتحرك للتشويش على الاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد الأوربي والمغرب، مما يبرز الدّور الخبيث لفرنسا. ماهي قراءتك؟
لقد استقبلنا الاتحاد الأوروبي عدّة مرات، في بروكسيل و ستراسبورغ. إنه يستمع إلينا دائمًا، لكنه يدير مصالح حوالي ثلاثين دولة. وفي مواجهة الحرب في أوكرانيا، يفرض الوضع قيوداً تضع محنة الأوكرانيين والمصالح الاقتصادية في المقدّمة.
وأنتم تتهيؤون لإعلان الدولة القبايلية خارج الجزائر في 20 أبريل 2024. ألم يحن الوقت لنقل مركز الثّقل السياسي لحكومة القبايل من فرنسا إلى أمريكا أو كندا للاستفادة من هامش التحرك وللضغط على الجزائر العسكرية لانتزاع مطالب القبايلين؟
أكرّرها لك. نحن نفكّر في عاصمة العالم التي ستوفّر لنا أفضل الظّروف لتحقيق استقلالنا.
سبق للجمعية العامة للأمم المتحدّة أن أصدرت قرارا يتعلق بحقّ الشعوب في تقرير مصيرها. وقالت إن هذه الشعوب لها الحقّ في الحكم الذاتي أوالاستقلال ، واستعمال كل الوسائل لنيل مطالبها، بما فيها الكفاح المسلّح، بناء على هذا القرار هل يمكن أن نرى حركة الماك تنتقل إلى استعمال الكفاح المسلح من داخل الجزائر للتحرر من الاستعمار الجزائري؟
إنّ نصوص الأمم المتحدة، بعيدة كل البعد عن تشجيع الصّراعات المسلحة ودعمها، فهي توصي بالحوار والتّفاوض.
إن ميثاق حقوق الشعوب، الذي تم إقراره في الجزائر العاصمة وبمبادرة من الجزائر، هو الذي يعطي في إحدى موادّه الحقّ للشّعوب المستعمرة في حمل السّلاح لتحرير نفسها.
في الوقت الحالي في بلاد القبائل، وطالما أنني على رأسها وأتصرّف بذكاء، فإن احتمال نشوب صراع مسلّح بين بلاد القبائل والجزائر لن يكون في الأفق.