أكد عبد لله الفرياضي، الباحث في الشؤون المغاربية، أن "تردّد بعض المغاربة وتحفّظ البعض الآخر عن دعم كفاح الشعب القبايلي في سبيل تقرير مصيره، إنما يعود إلى عاملين أساسيين، أولهما تركيز الهيئات القبايلية في إيصال حقيقة قضيتهم على الشعوب الغربية، وضعف الإمكانات المرصودة من قبلها لتوعية الشعوب الناطقة بالعربية، فيما يتجلى ثانيهما في وقوع كثير من المغاربة في فخّ الخلط بين وضعية منطقة القبايل وبين وضعية الصحراء المغربية، فصاروا تبعا لهذا الالتباس يرفضون استقلال القبايل عن الجزائر عملا بمبدأ وحدة الدول وسيادتها".
وأوضح الفرياضي، في تصريح لأسبوعية «الوطن الآن»، أن «ما لا يعلمه كثير من هؤلاء الناس أنّنا إزاء وضعيتين مختلفتين من الناحية التاريخية، ولكن أيضا على مستوى القانون الدولي. فإذا كانت سيادة المغرب على منطقة الصحراء ثابتة بشواهد التاريخ، ووثائق البيعة والولاء، فإن الوضع بالنسبة لعلاقة الجزائر بمنطقة القبايل مختلفة تماما. ذلك بأن الجزائر ليست دولة عريقة كما هو الشأن بالنسبة للمملكة المغربية حتى يحق لها أن تزعم بأن لها حقوقا تاريخية في المنطقة، وإنما هي دولة مستحدثة من قبل سلطات الاحتلال الفرنسي، حيث مكنتها هذه السلطات من أراضي الشعب القبايلي وبأجزاء مهمة من الأراضي الشرقية للمغرب. فالثابت، تاريخيا، أن منطقة القبايل كانت على الدوام منطقة مستقلة ولها كيانانتها السياسية المستقلة، وعلى رأسها مملكة «كوكو» التي عمّرت أكثر من قرنين، وكانت مستقلة عن الاستعمارين الاسباني والعثماني. الواقع أن منطقة القبايل لم تفقد استقلالها السياسي بشكل رسمي إلا مع الاستعمار الفرنسي، وذلك بعد انهزام المقاومة القبايلية بزعامة «فاطمة نسومر» في 11 يوليوز 1857، أي بعد قرابة ثلاثة عقود على احتلال فرنسا للجزائر».
وشدّد عبد لله الفرياضي في إفاداته على أن «المنتظم الأممي مطالب بدوره اليوم بضرورة التّخلي عن سياسة الكيل بمكيالين، إذ لا يعقل أن يستمرّ في التّطبيق الإنتقائي لمبدأ تقرير المصير، بوصفه مبدأ مؤسسا للقانون الدولي، لاسيما المادة الأولى من العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تنص حرفيا على أن «لجميع الشعوب حقّ تقرير مصيرها بنفسها . وهي بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي". وهو نفس المبدأ الذي نصّت عليه المواد 20 و21 و22 من إعلان هلسنكي لعام 1975".
وذهب الباحث الفرياضي إلى التأكيد على أنه "لهذا السبب صار لزاما على منظمة الأمم المتحدة أن تطالب الجزائر بتمكين الشعب القبايلي من حقه الشرعي في تقرير المصير. كما أن إحجام المنتظم الأممي عن تمكين الشعب القبايلي من التّمتّع بهذا الحق الذي تكفله له التشريعات الدولية، يعتبر، بشكل من الأشكال، نوعا من التزكية المبطّنة للجرائم التي يرتكبها النّظام العسكري التوتاليتاري الحاكم في الجزائر في حقّ هذا الشّعب»، وفق توضيحاته.