تحديات الرقمنة والأمن السيبراني في المغرب بعيون كرام لحسن

تحديات الرقمنة والأمن السيبراني في المغرب بعيون كرام لحسن
قال كرام لحسن، مدير مؤسسة Data Corporation للحماية المعلوماتية والتحصين السيبراني، أن المغرب تمكن من تحسين تصنيفه في مؤشر الأمم المتحدة حول الحكومة الإلكترونية (EGDI) حيث قفز من المرتبة 140 في عام 2008 إلى المرتبة 101 في عام 2022.
وأوضح في حوار مع "
أنفاس بريس"، أن  هناك بعض التحديات التي يجب معالجتها لتحسين تقييم الرقمنة بشكل عام في المغرب، وتحتاج الحكومة إلى بذل المزيد من الجهود لتسريع عملية الرقمنة وتحقيق الشمولية الرقمية لجميع المواطنين.
من جهة أخرى، أبرز محاورنا أن الأحزاب السياسية المغربية في وضع لا تحسد عليه، لأنها مطالبة بإنتاج قوانين وتشريعات لحماية المجتمع المغربي عموما والمواطن المغربي خصوصا مما يتهددهما في سلامتهما وسيادتهما الرقمية.
 
في نظرك ما تقييمك للرقمنة بشكل عام بالمغرب؟
لقد أحس المغرب بأهمية الرقمنة منذ أكثر من عشرين سنة وبادر بتعليمات سامية من قبل الملك محمد السادس إلى إصدار الاسترتيجية الوطنية لانخراط المغرب في الاقتصاد الرقمي سنة 2007 كما عمل على إنتاج ترسانة قانونية تمكنه من مواكبة الطفرة العالمية في مجال الرقمنة حيث تم إنتاج خمسة قوانين متعلقة بمجال الرقمنة، إضافة إلى العديد من الأمور الأخرى لا يتسع المجال لسردها، الأمر الذي مكن بلادنا من تحسين تصنيفه في مؤشر الأمم المتحدة حول الحكومة الإلكترونية (EGDI) حيث قفز من المرتبة 140 في عام 2008 إلى المرتبة 101 في عام 2022. ويمكن للمتتبع قراءة هذا التحسن في التصنيف من خلال الإنجازات التي حققتها المملكة المغربية خلال الخمسة عشر سنة الفارطة، فقد أتاحت التطبيقات والبوابات الإلكترونية للمواطن تسهيل الحصول على بعض الوثائق المطلوبة وإنجاز بعض المساطر الإدارية، كما تم تطوير البنية التحتية الرقمية من قبيل توسيع شبكات الألياف البصرية وزيادة سرعة الإنترنت. ولا يمكن إغفال التوجه الحكومي نحو رقمنة الخدمات العمومية في مجال التعليم والصحة والضرائب، وهذه مجرد أمثلة على سبيل الذكر لا الحصر.
لكن في المقابل يمكنني الإشارة الى الفجوة الرقمية بين المناطق الحضرية والقروية، ونقص المهارات الرقمية لدى بعض فئات المجتمع، إلى جانب ضعف البنية التحتية الرقمية في بعض المناطق والمرافق إضافة الى ارتفاع تكلفة الخدمات الرقمية بالنسبة لبعض المواطنين.
وبشكل عام، حقق المغرب تقدماً ملحوظاً في مجال الرقمنة خلال السنوات الأخيرة؛ لكن لا تزال هناك بعض التحديات التي يجب معالجتها لتحسين تقييم الرقمنة بشكل عام في المغرب، وتحتاج الحكومة إلى بذل المزيد من الجهود لتسريع عملية الرقمنة وتحقيق الشمولية الرقمية لجميع المواطنين.
 
بالنسبة لتأثير الرقمنة على حياة المغاربة، ما رأيك؟
لكي أكون دقيقا وواضحا في أجوبتي عن هذا السؤال الصعب سأحاول التركيز على ثلاثة مجالات أساسية في نظري الأكثر تأثرا بالرقمنة في حياة المواطن المغربي، وأقصد كل من الوصول إلى الخدمات والتمكين الاقتصادي والمشاركة المجتمعية، وسأفصل في ذلك ليكون كلامي مفيدا: 
أولا، الوصول إلى الخدمات: سهولة الوصول إلى بعض الخدمات الحكومية عبر الإنترنت، مثل تجديد جوازات السفر والبطاقة الوطنية وتتبع القضايا المرفوعة لدى المحاكم، إضافة إلى تسهيل دفع الفواتير والضرائب وغيرذلك، مع تحسين جودة بعض الخدمات الصحية من خلال التطبيقات الإلكترونية و… إضافة الى إتاحة التعليم عن بعد خصوصا خلال ازمة كورونا؛
ثانيا، التمكين الاقتصادي: خلق فرص عمل جديدة في مجال التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي مع دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال التجارة الإلكترونية إلى جانب تعزيز التعامل المالي من خلال الخدمات البنكية الرقمية؛
ثالثا، المشاركة المجتمعية: زيادة فرص التواصل بين المواطنين والمشاركة في صنع القرار، وتعزيز الشفافية والمساءلة، مع نشر الوعي حول القضايا الاجتماعية والثقافية وغيرهما…؛     
إن ازدياد منسوب هذه العناصر الثلاثة تمكن من القول إن أدوات الرقمنة دخلت الى حياة المغاربة من أوسع الأبواب ليسجل معها ازدياد مخاطر الجرائم الإلكترونية والاختراقات والقرصنة وظهور بعض الظواهر والأخلاقيات الغريبة عن الثقافة والهوية المغربية، مما يضع الأحزاب السياسية المغربية في وضع لا تحسد عليه لانها مطالبة بإنتاج قوانين وتشريعات لحماية المجتمع المغربي عموما والمواطن المغربي خصوصا مما يتهددهما في سلامتهما وسيادتهما الرقمية، وذلك بوتيرة سريعة ومتتالية وعلمية وحديثة ولا أعتقد أن هذه الاحزاب الحالية بهيكلتها وووو… قادرة على رفع هذا التحدي الخطير، في ختام الجواب على هذا السؤال أقول بأن الرقمنة لها تأثير كبير على حياة المغاربة، مع العديد من الإيجابيات والسلبيات. ومن المهم التركيز على تعزيز الفوائد وتقليل المخاطر من خلال الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وتطوير المهارات الرقمية. وكذا تعزيز الأمن والحماية السيبرانية مع انتباه النقابات العتيقة والتاريخية في مطالبها خلال الحوار الاجتماعي الى مناقشة تأثير الرقمنة على المجتمع وتحديد أفضل السبل للاستفادة من إيجابياتها في تطوير اساليب المهن وضمان التاهيل والتكوين المستمر بشقيه الذاتي والمؤسساتي للعمالة المغربية، وهي مشاريع بطالة مستقبلا نتيجة لانقراض مهن ووظائف بعينها في العشر سنوات القادمة كثمرة للانفجار المعرفي والتكنولوجي المرقمن و لغزو الذكاء الاصطناعي.
إذن سيواجه المغرب مستقبلا مشاكل كبيرة نتيجة لشيخوخة الجسم الحزبي والنقابي الدعامتين الأساسيتين للدولة المغربية للحفاظ على السيادة المغربية بمفهومها الرقمي الجديد والحديث وعلى استقراره المجتمعي والاقتصادي.
 
كيف ترى الحماية المعلوماتية والسيبرانية على المستوى الوطني؟
الحماية المعلوماتية والسيبرانية على المستوى الوطني ضرورية لحماية البنية التحتية الرقمية الوطنية والمجتمع من التهديدات المتزايدة والتي تعاني وأقصد الحماية المعلوماتية والسيبرانية من مجموعة من الإكراهات من قبيل النقص في الموارد حيث يسجل عدم توفر الموارد المالية والبشرية الكافية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتحصين السيبراني إلى جانب مستوى القدرات التقنية لمواجهة التهديدات السيبرانية المتطورة، لكن ما يطمئن النفس ما تتضمنه الاسترتيجية الوطنية التي أشرت إليها في بداية حديثي في السؤال الأول، حيث يتوفر المغرب مثلا من خلال الإدارة العامة لأمن النظم المعلوماتية على أهداف وخطط لحماية البنية التحتية المغربية إلى جانب الرقمية؛ أما دوليا فان المغرب انخرط في مجهود التعاون الدولي اذ يشارك  في الاتفاقيات الدولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية وتبادل المعلومات والخبرات مع باقي الدول، وأستدل بالتعاون الأخير بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية داخل الامم المتحدة بخصوص الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك ما يخيفني حقيقة ضعف المغرب في مسألتين أساسيتين، ضعف التحسيس والتوعية بمخاطر الهشاشة الرقمية المعرفية لدى المواطن المغربي، وضعف بل إلى حد غياب التعاون بين القطاع العام والخاص في مجال الحلول التطبيقية وتكنولوجيات الحماية الرقمية؛ وبناء عليه أرى ضرورة التركيز على ثلاثة أشياء أساسية: 
1- زيادة الاستثمار في مجال الأمن السيبراني من خلال توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية ودعم البحوث والتطوير في مجال التحصين السيبراني؛
2- تطوير التشريعات عبر سن قوانين وتشريعات أكثر صرامة لمكافحة الجرائم الإلكترونية وكذا مراجعة القوانين المتعلقة بالمجال الرقمي لضمان وضوحها؛
3- وهو الأهم من المهم، وأقصد تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص إذ يستوجب إقامة شراكات بين القطاعين لتبادل المعلومات والخبرات مع السماح بمشاركة القطاع الخاص في تطوير وتنفيذ استراتيجية الأمن السيبراني؛
في الختام، أود أن أتوجه الى قراء "أنفاس بريس" بكلمة كون الحماية المعلوماتية والسيبرانية مسؤولية الجميع من خلال العمل يدا في يد، يمكننا خلق بيئة مغربية رقمية آمنة.
 
نبذة عن كرام لحسن
 
- المدير العام الشركة:DATA Corporation   متخصصة في تحصين النظم المعلوماتية  و الحماية السيبرانية.
- ذو تكوين: 
  1  أكاديمي  في مجال   المعلوميات، بالمغرب  
 Sec-Num Académie  - 2  
 à l'Agence Française de la sécurité des systèmes d'informations - France 
 Dopage, Sports,    3 Organisations et Sciences» 
À L'Université de Lausanne - Swiss*
- مستشار عن إدارة المخاطر لدى مختلف المنظمات الوطنية والدولية.
- راكم خبرة ميدانية طويلة كإطار سابق في المعلوميات لدى مؤسسات CDG Capital.
- مديرسابق لشركة Maroc info
- المسؤول السابق عن خلية المعلوميات  المكلفة بادراج التكنولوجيا و النظم المعلوماتية  للتحكيم بالجامعة الملكية المغربية للملاكمة، والمكلف بمشروع وضع، تنفيذ والتكوين على تكنولوجيا تحكيم الملاكمة الجديدة في المغرب (خطة لحاق التاخير  لفترة 1992-2003)
- اصغر قاضي دولي للملاكمة بالعالم سنة 1997
-  حكم دولي مكلف بالتحكيم الإلكتروني للملاكمة.
- الرئيس المؤسس للجمعية المغربية للتحسيس من مخاطر المنشطات
- كاتب:  ناشر 7 كتب من 2000 إلى 2018: كتابين عن الملاكمة، كتابين عن المنشطات، كتابين عن السياسة، وكتاب محمد المعجزة صلى الله عليه وسلم.