أكد محمد بنصديق، المنسق الوطني لموظفي الجماعات الترابية حاملي الشهادات العليا غير المدمجين في السلالم المناسبة، أن وزارة الداخلية ليس لديها الرغبة في حل المشاكل الاجتماعية والمهنية التي يتخبط فيها قطاع الجماعات الترابية، وتهربها المستمر من الاستجابة لمطالب الشغيلة الجماعية.
وشدد ضيف "أنفاس بريس" أن أول مطلب تنادي به الشغيلة الجماعية هو معاملة موظفي الجماعات الترابية على قدم المساواة مع موظفي جميع القطاعات الوزارية وتمتيعهم بنفس الحقوق.
ويرى بنصديق، أنه للاستجابة لمطالب شغيلة الجماعات الترابية، على رئيس الحكومة والوزراء الذين يعتبرون أعلى هرم في السلطات العمومية من فتح أبواب الحوار مع ممثلي الموظفين والشغيلة من الفرقاء النقابيين والتفاوض معهم والإصغاء إليهم والتوافق معهم.
+ منذ شهور وشغيلة الجماعات الترابية والتدبير المفوض تخوض إضرابات ووقفات احتجاجية متواصلة، لماذا هذا التصعيد الاحتجاجي؟
هذا التصعيد الاحتجاجي الذي قرره التنسيق النقابي الرباعي بقطاع الجماعات الترابية (الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد المغربي للشغل، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، والتي تتبناه كذلك التنسيقية الوطنية لموظفي الجماعات الترابية حاملي الشهادات والديبلومات غير المدمجين في السلالم المناسبة ونقابة المنظمة الديمقراطية للشغل، جاء نتيجة عدم رغبة وزارة الداخلية في حل المشاكل الاجتماعية والمهنية التي يتخبط فيها قطاع الجماعات الترابية، وتهربها المستمر من الاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة للشغيلة الجماعية، ومن أجل فتح أبواب الحوار القطاعي المغلق، رغم توصل كل من رئيس الحكومة و وزير الداخلية بعدة مراسلات تدعوهم فيها النقابات إلى الجلوس إلى طاولة الحوار كما هو جار في كل القطاعات الوزارة؛ في العدل والصحة والتعليم والمالية وغيرها.
+ ما هي أهم النقط التي يرتكز عليها ملفكم المطلبي؟
من الصعب الالمام بجميع المطالب وإن كانت مهمة، لكن سأحاول التركيز على الأهم منها.
أول مطلب ننادي به هو معاملة موظفي الجماعات الترابية على قدم المساواة مع موظفي جميع القطاعات الوزارية وتمتيعهم بنفس الحقوق، وفق الفصلين 6 و 31 من الدستور اللذان يؤكدان على استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة من كل الحقوق، والجميع متساوون أمام القانون وملزمون بالامتثال له بما فيهم السلطات العمومية التي تعمل على تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وليتأتى ذلك لابد من قيام رئيس الحكومة و الوزراء الذين يعتبرون أعلى هرم في السلطات العمومية من فتح أبواب الحوار مع ممثلي الموظفين والشغيلة من الفرقاء النقابيين والتفاوض معهم و الإصغاء إليهم والتوافق معهم، الشيء الذي نحرم منه وحدنا بالجماعات الترابية بين سائر القطاعات كأننا لسنا مواطنين مغاربة ولا تشملنا الحقوق التي ينص عليها الدستور.
من المطالب الأساسية كذلك للشغيلة الجماعية وعمال التدبير المفوض والعرضيين وعمال الإنعاش زيادة عامة في الأجر -كما جرى في القطاعات الحكومية الأخرى- لا تقل عن 2000 ألفي درهم في الشهر لمواجهة الغلاء الحاصل في المواد الغذائية ومتطلبات الحياة. إضافة إلى إخراج نظام أساسي عادل ومنصف ومحفز معنويا وماديا يشجع الموظفين على المزيد من العمل والاجتهاد والمردودية، وكذا حل جميع الملفات العالقة بالحوار القطاعي الفاشل والمتعثر، مثل تسوية وضعية الكتاب الإداريين وخريجي مراكز التكوين الإداري وجميع ضحايا حذف السلالم الدنيا سنتي 2010 و 2014 والاستجابة لمطالب جميع فئات الموظفين من متصرفين وتقنيين ومحررين ومساعدين تقنيين واداريين.
وتبقى القضية الأهم والأبرز هي تسوية وضعية حاملي الشهادات والديبلومات بأثر رجعي من تاريخ الاستحقاق، حيث أن الجماعات الترابية تعتبر القطاع الحكومي الوحيد الذي عمر فيها هذا الملف طويلا لأزيد من 12 سنة، مع العلم أن وزير الداخلية يتمتع بصلاحية قانونية تتيح له ادماج جميع حاملي شهادة الاجازة في السلم 10 بشكل مباشر بناء على الظهير الشريف رقم 038-63-1 صادر في 5 شوال 1382 (1 مارس 1963) بشأن النظام الأساسي الخصوصي للمتصرفين بوزارة الداخلية، الذي لا يسري عليه قانون الوظيفة العمومية وفق المادة 4 منه التي تؤكد على أنه "لا يطبق على رجال القضاء والعسكريين التابعين للقوات المسلحة الملكية ومهني الصحة، ولا على هيئة المتصرفين بوزارة الداخلية".
+ تتهمون الحكومة ووزارة الداخلية بممارسة التمييز في تعاطيهما بين الحوار القطاعي للجماعات الترابية، وباقي القطاعات العمومية الأخرى كيف ذلك؟
لابد من التأكيد على أن موظفي الجماعات الترابية وعمال التدبير المفوض والعمال العرضيين والانعاشيين مستاؤون جدا من خرق الحكومة و وزارة الداخلية للدستور ومن اعتماد ازدواجية المعايير والتمييز بين موظفين لهم نفس الحقوق و الواجبات في ظل دولة الحق والقانون. وهو الشيء الذي يجرمه الدستور في فقرة "تصدير الدستور" حيث يؤكد على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان.
هذه الازدواجية وهذا التمييز يتجليان في سهر الحكومة على فتح حوارات بكل القطاعات الوزارية تفضي إلى نتائج ملوسة وتستجيب لمطالب الموظفين وتمنحهم تحفيزات تشجعهم على المزيد من العمل، بينما شغيلة الجماعات الترابية محرمون بشكل متعمد حتى من الجلوس إلى طاولة الحوار المتعثر أصلا منذ دجنبر 2019 والمتوقف منذ سنة كاملة لأسباب مجهولة، وبالأحرى أن تستجيب الحكومة و وزارة الداخلية لمطالبنا العادلة والمشروعة مثل أقراننا.
+ من المطالب الملحة كذلك لدى الشغيلة الجماعية هو النظام الاساسي الخاص بالموارد البشرية، أين وصل هذا الملف؟
أكدت القوانين التنظيمية الثلاث للجماعات الترابية، الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الصادرة سنة 2015 على ضرورة إحداث نظام أساسي خاص بالموارد البشرية العاملة بالجماعات الترابية. وسنة 2018 خلال انطلاق جولات الحوار القطاعي المتعثر تقدمت بمسودة مشروع يتكون من 18 مادة فقط، جلها رهين بصدور نص تنظيمي أو قرار لوزير الداخلية من أجل تنزيلها وتفعيلها، مما يعني أن جوهر ولب النظام الأساسي ستستأثر به بصورة انفرادية ومطلقة وزارة الداخلية، الشيء الذي لا يضمن تحقيق تطلعات الموظفين. خاصة وأن المشروع اقتصر على 18 مادة، في الحين أن الأنظمة الأساسية لموظفي القطاعات الأخرى يتكون من أكثر من 70 مادة على الأقل يتضمن جميع تفاصيل الحياة المهنية للموظف مع التحفيزات المعنوية والمادية الضرورية.
هذه المواد 18 لم تلم حتى بعشر مطالب وانتظارات الشغيلة الجماعية التي تضم جميع فئات الوظيفة العمومية من مهندسين وأطباء وممرضين ومتصرفين وتقنيين ومحررين ومساعدين تقنيين ومساعدين إداريين وعرضيين، الشيء الذي أثار الغضب والسخط داخل القطاع، مما أدى بالنقابات إلى المطالبة بإحداث لجنة تقنية خاصة بالنظام الأساسي من أجل اعداده بشكل مشترك ومتوافق عليه مع وزارة الداخلية، لكن هذه اللجنة لم تتمم عملها بسبب فشل الحوار وتعثره بين سنتي 2018 و 2023 وغلقه لاحقا خلال شهر مارس من السنة المنصرمة.
+ كيف تعاملت وزارة الداخلية مع ملف حاملي الشواهد العليا والفئات الأخرى؟
للأسف الشديد أثبت الواقع أن وزارة الداخلية لا تلي أي اهتمام للموارد البشرية العاملة بالجماعات الترابية، فالنظام الأساسي لم يتم التوافق عليه واخراجه للوجود منذ سنة 2015 لحد الآن، ولا الملفات العالقة للموظفين بالحوار القطاعي المتوقف حاليا تم الحسم بشأنها مع الفرقاء النقابيين.
وفيما يخص ملف حاملي الشهادات العليا عير المدمجين في السلالم المناسبة يمكنني القول أن وزارة الداخلية تستغل القدرات المعرفية والمهارات التقنية والمعلوماتية والرقمية لهذه الفئة بشكل مجاني، حيث تسند إليهم من قبل رؤساء الجماعات مهام الأطر العليا، من قبيل التكليف بمهام مدير الجماعة ورؤساء المصالح والمكاتب، تفويض مسؤولية التوقيع في مصالح الحالة المدنية وتصحيح الامضاء، حضور الاجتماعات الرسمية، توقيع محاضر التعمير، وتكليفهم بالمنصات الرقمية وغيرها من المهام المعلوميات ... رغم أنهم مصنفين في درجات إدارية أدنى لا تسمح لهم بمزاولة تلك المهام، ودون تسوية وضعيتهم وادماجهم في السلالم التي تناسب شهاداتهم وديبلوماتهم والمهام التي يزاولونها.
في الحين أننا نجد وزارة الداخلية تسهر على تحفيز موظفي القطاعات الأمنية وأعوان السلطة من الشيوخ والمقدمين وتوفر لهم الشروط المناسبة للاشتغال، بينما تهمش موظفي القطاع التنموي المتمثل في الجماعات الترابية. وهذا في حد ذاته يعتبر تمييز بين موظفين وأعوان تابعين لقطاع وزاري واحد، بالإضافة إلى التمييز الذي نعاني منه فيما يخص تعاطي الحكومة و وزارة الداخلية بين الحوار القطاعي للجماعات الترابية، وباقي القطاعات العمومية الأخرى.
وهذا ما جعل الأصوات تتعالى من قبل أبناء القطاع من موظفين ومنتخبين والمهتمين بالتنمية المحلية في المناداة بإحداث وزارة ولو منتدبة خاصة بالجماعات الترابية والتنمية المحلية من أجل الفصل بين ما هو أمني وما هو تنموي.