يمكن أن أقول من خلال تجربتي كطبيب مع العديد من المرضى، على امتداد سنوات طويلة من الممارسة الطبية، إن هناك ثلاثة أسباب لإصرار الكثير من المغاربة المصابين بأمراض على الصيام رغم الترخيص الشرعي، ورغم نصيحة الطبيب وإرشاداته بل وإلحاحه على ذلك.
السبب الأول له علاقة بالثقافة المغربية حيث أن المغربي قد لا يصلي أو يزكي، ولكن الصيام عنده لا نقاش فيه مهما كان الثمن. هناك تقديس وارتباط قوي مع شهر رمضان؛ شهر الصيام، وأكبر الكبائر والمعاصي أن يرى المجتمع شخصا غير صائم، مما يساهم في خلق وسم سلبي يتجنبه المواطن ما أمكن. هذه القدسية مع فريضة الصيام تطبع المغاربة مثل ارتباطهم وتقديسهم لشعيرة أخرى هي سنة وليست فرضا، هي أضحية عيد الاضحى خلافا لباقي شعوب الأمة الاسلامية.
السبب الثاني يتعلق بغياب المعلومات الطبية لدى المريض بشكل عام حتى قبل رمضان، وعدم تقدير عواقب الصيام على الجسم. فعندما يقول الطبيب للمريض المصاب بداء السكري أو مرض مزمن آخر بألا يصوم خوفا من الآثار القوية عليه، يرد بأنه قادر على الصوم بدون أدنى مشكل، علما أنه لا يعلم شيئا كما يمكن أن يقع له. كما أنه لا يطلع على الإحصائيات الخاصة بعدد الوفيات لأشخاص كانوا مصابين بنفس المرض وأصروا على الصيام.
السبب الثالث في نظري هو تعامل المغاربة مع احتمال وقوع الخطر والمغامرة. مثلا قبل أن يكون حزام السلامة في السيارة إجباريا، كنا نعلم خطورة ذلك. والقليلون هم من كانوا يستعملونه رغم أنه يخفض بنسبة 50% من وقع الحادثة. تعاملنا مع الاحتمالات هو اعتقادنا أن تلك الأرقام والاحصائيات لا تقع إلا للآخرين، أما نحن فلن يقع شيء لنا من ذلك. وهكذا فعندما يسمع المريض نصيحة عدم الصيام، فإنه يستبعد الخطر ويعتقد أن الأمر سيمر عاديا فيرفض الرضوخ للترخيص الطبي والديني معا.