إدريس الفينة: بعض الوزراء تحكمهم عقدة الأجنبي بخصوص الدراسات وهذه حقيقة أرقام الاستثمارات الأجنبية بالمغرب

إدريس الفينة: بعض الوزراء تحكمهم عقدة الأجنبي بخصوص الدراسات وهذه حقيقة أرقام الاستثمارات الأجنبية بالمغرب إدريس الفينة، رئيس المركز المستقل للدراسات الاستراتيجية
أكد‭ ‬إدريس‭ ‬الفينة،‭ ‬دكتور‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬ورئيس‭ ‬المركز‭ ‬المستقل‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجة،‭ ‬على‭ ‬سيطرة‭ ‬عقدة‭ ‬الأجنبي‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬لجوء‭ ‬بعض‭ ‬الوزارات‭ ‬لمكاتب‭ ‬دراسات‭ ‬أجنبية،‭ ‬كما‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬ضعف‭ ‬جلب‭ ‬الاستثمار‭ ‬الخارجي‭ ‬وأسباب‭ ‬عدم‭ ‬تحرر‭ ‬المغرب‭ ‬اقتصاديا،‭ ‬وعجز‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭....‬

 
‬تم‭ ‬مؤخرا‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬اللجوء‭ ‬لطلب‭ ‬دراسة‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬مكتب‭ ‬توني‭ ‬بلير‭ ‬لفائدة‭ ‬المغرب‭ ‬حول‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭. ‬لماذا‭ ‬تلجأ‭ ‬الحكومة‭ ‬المغربية‭ ‬وبإسهال،‭ ‬إلى‭ ‬مكاتب‭ ‬الدراسات‭ ‬الأجنبية؟‭ ‬هل‭ ‬المغرب‭ ‬يشكو‭ ‬الخصاص‭ ‬في‭ ‬الخبراء‭ ‬وفي‭ ‬مكاتب‭ ‬الدراسات؟
‬مسألة‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬مكاتب‭ ‬الدراسات‭ ‬الأجنبية‭ ‬غير‭ ‬جديدة،‭ ‬منذ‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬لاحظنا‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الوزراء‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تغيير‭ ‬منهجية‭ ‬الاشتغال‭ ‬داخل‭ ‬الوزارة،‭ ‬صاروا‭ ‬يلجؤون‭ ‬إلى‭ ‬مكاتب‭ ‬الدراسات‭ ‬الأجنبية.‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬مزوار‭ ‬مثلا‭ ‬لجأ‭ ‬إلى‭ ‬ماكينزي‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬استراتيجية‭ ‬الإقلاع‭ ‬الصناعي،‭ ‬وبعده‭ ‬بات‭ ‬وزراء‭ ‬آخرون‭ ‬يقومون‭ ‬بنفس‭ ‬الأمر‭.‬

بطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬تتضمن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬السلبية،‭ ‬أولا‭ ‬يتم‭ ‬تهميش‭ ‬أطر‭ ‬الوزارات‭ ‬المعنية،‭ ‬كما‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المكاتب‭ ‬تعمل‭ ‬مع‭ ‬خبراء‭ ‬كبار‭ ‬يبيعون‭ ‬خبرتهم‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإفريقي،‭ ‬أو‭ ‬الأوروبي‭.‬

وللأسف،‭ ‬فيمكن‭ ‬لمكاتب‭ ‬الدراسات‭ ‬الوطنية‭ ‬القيام‭ ‬بنفس‭ ‬تلك‭ ‬الدراسات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬سلبيات‭ ‬هذا‭ ‬التوجه،‭ ‬خروج‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬التي‭ ‬يحتاج‭ ‬إليها‭ ‬المغرب‭.‬

وإذا‭ ‬توقفنا‭ ‬عند‭ ‬ميزان‭ ‬الأداء،‭ ‬نجد‭ ‬بأن‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬تقتنيها‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬تتعدى‭ ‬15‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭ ‬مكاتب‭ ‬الدراسات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فالأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬فقط‭ ‬بعقدة‭ ‬الأجنبي‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬الوزراء‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يؤمنون‭ ‬بالخبراء‭ ‬المغاربة‭.‬

الأمر‭ ‬الثاني‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬التوقف‭ ‬عنده،‭ ‬كون‭ ‬الدراسات‭ ‬السابقة‭ ‬كانت‭ ‬ضعيفة‭ ‬جدا‭ ‬لسبب‭ ‬بسيط‭ ‬يتعلق‭ ‬بكون‭ ‬تلك‭ ‬المكاتب‭ ‬لا‭ ‬معرفة‭ ‬لها‭ ‬بخصوصيات‭ ‬النموذج‭ ‬المغربي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تقدم‭ ‬أفكارا‭ ‬تكون‭ ‬صالحة‭ ‬لكل‭ ‬بلد،‭ ‬ولا‭ ‬تقدم‭ ‬حلولا‭ ‬محددة،‭ ‬خاصة‭ ‬بالمغرب‭ ‬فقط،‭ ‬مثل‭ ‬"ماكدونالد"‭ ‬فهو‭ ‬صالح‭ ‬لكل‭ ‬منطقة،‭ ‬وتلك‭ ‬الدراسات‭ ‬تكون‭ ‬عامة،‭ ‬وغير‭ ‬دقيقة‭.‬

وفي‭ ‬رأيي‭ ‬لجوء‭ ‬الوزير‭ ‬المنتدب‭ ‬المكلف‭ ‬بالاستثمار‭ ‬والتقائية‭ ‬وتقييم‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية،‭ ‬محسن‭ ‬الجزولي،‭ ‬إلى‭ ‬المكتب‭ ‬الدولي‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية،‭ ‬"معهد‭ ‬توني‭ ‬بلير"،‭ ‬لإعداد‭ ‬الدراسة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بوضع‭ ‬الإطار‭ ‬الوطني‭ ‬لالتقائية‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية،‭ ‬يتعلق‭ ‬فقط‭ ‬بعقدة‭ ‬محلية،‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬كون‭ ‬معدي‭ ‬الدراسة‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المغرب،‭ ‬لتصديق‭ ‬مضمونها‭.‬
 
جلب‭ ‬الاستثمار‭ ‬الخارجي‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬المحددات‭ ‬الرئيسية‭ ‬لإبراز‭ ‬صورة‭ ‬البلد‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الدولي‭. ‬في‭ ‬تقديرك‭ ‬هل‭ ‬المغرب‭ ‬يحظى‭ ‬ببريق‭ ‬لدى‭ ‬المستثمر‭ ‬الأجنبي؟‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك،‭ ‬ماهي‭ ‬قراءتك‭ ‬لحجم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المتدفقة‭ ‬على‭ ‬بلادنا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة؟
أرقام‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخارجية‭ ‬تستدعي‭ ‬ملاحظتين،‭ ‬الأولى‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬ظل‭ ‬جامدا‭ ‬لسنوات،‭ ‬30‭ ‬مليار‭ ‬درهم،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يناهز‭ ‬3‭ ‬ملايير‭ ‬دولارا،‭ ‬تم‭ ‬تراجعنا‭ ‬لـ‭ ‬2.5‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭.‬

هذا‭ ‬التراجع‭ ‬يمكن‭ ‬تفسيره‭ ‬بتراجع‭ ‬جاذبية‭ ‬التراب‭ ‬الوطني،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬التنقيط‭ ‬المغربي‭ ‬عرف‭ ‬تحسنا،‭ ‬ومن‭ ‬تم‭ ‬هناك‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬ما‭ ‬ينفر‭ ‬المستثمر‭ ‬الأجنبي‭ ‬من‭ ‬المجيء‭ ‬للمغرب‭ ‬للاستثمار،‭ ‬فمن‭ ‬المؤكد‭ ‬وجود‭ ‬عقبات‭ ‬تواجه‭ ‬المستثمرين‭ ‬الأجانب،‭ ‬ولم‭ ‬يتم‭ ‬حلها،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬ترتيب‭ ‬المغرب‭ ‬الثالث‭ ‬إفريقيا،‭ ‬الآن‭ ‬صار‭ ‬في‭ ‬الترتيب‭ ‬السابع،‭ ‬وقد‭ ‬نتراجع‭ ‬إلى‭ ‬التاسع‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تطور‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تزاحم‭ ‬المغرب‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخارجية‭. ‬هناك‭ ‬أعطاب‭ ‬كثيرة،‭ ‬وأظن‭ ‬أن‭ ‬مدونة‭ ‬الاستثمار‭ ‬لن‭ ‬تحل‭ ‬هذا‭ ‬الإشكال‭.‬
 
الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬الخطاب‭ ‬الرسمي‭ ‬يبالغ‭ ‬في‭ ‬الاحتفال‭ ‬بالاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬بالمغرب،‭ ‬بالمقابل‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬عيش‭ ‬المغاربة‭ ‬ولا‭ ‬نرى‭ ‬له‭ ‬أثرا‭ ‬على‭ ‬امتصاص‭ ‬البطالة‭ ‬أو‭ ‬تحسين‭ ‬ميزان‭ ‬الأداءات‭ ‬بالمغرب‭. ‬لماذا؟
الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬لعبت‭ ‬دورا‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬تطور‭ ‬مستويات‭ ‬الحياة،‭ ‬والرقي‭ ‬بالدخل،‭ ‬وخلق‭ ‬مناصب‭ ‬الشغل،‭ ‬وتحسين‭ ‬الأوضاع‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬مثال‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬والصين،‭ ‬ودول‭ ‬آسيا‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬طفرة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬نموها‭ ‬بفضل‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخارجية‭.‬

في‭ ‬المغرب،‭ ‬للأسف،‭ ‬الأمور‭ ‬جامدة،‭ ‬لأسباب‭ ‬يجب‭ ‬التدقيق‭ ‬فيها،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬هذه‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخارجية‭ ‬طفرة‭ ‬جديدة‭.‬

هناك‭ ‬خطاب‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬أرقام‭ ‬تجسد‭ ‬وضعا‭ ‬حقيقيا،‭ ‬وما‭ ‬تقوله‭ ‬الأرقام‭ ‬مخالف‭ ‬تماما‭ ‬للخطابات‭ ‬الرسمية‭.‬
 
ارتباطا‭ ‬بميزان‭ ‬الأداءات،‭ ‬تم‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬تسجيل‭ ‬أرقام‭ ‬مقلقة‭ ‬حول‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬بالمغرب‭. ‬ماهو‭ ‬سبب‭ ‬ذاك،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬مافتئ‭ ‬يحتفي‭ ‬بكونه‭ ‬يحتضن‭ ‬منصات‭ ‬عالمية‭ ‬لتصدير‭ ‬السيارات؟
فعلا‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬عرف‭ ‬قبل‭ ‬كوفيد‭ ‬مسارا‭ ‬للتدهور،‭ ‬بحيث‭ ‬صارت‭ ‬صادرات‭ ‬المغرب‭ ‬أضعف‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الواردات‭ ‬التي‭ ‬تطورت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬لأسباب‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬اعتماد‭ ‬المغرب‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الخارج،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬فشل‭ ‬سياسة‭ ‬التصنيع‭ ‬المحلي‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تعط‭ ‬أكلها‭ ‬لأسباب‭ ‬متعددة،‭ ‬فالمقاولة‭ ‬المغربية‭ ‬لا‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬التصنيع،‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬تتوجه‭ ‬إلى‭ ‬القطاعات‭ ‬الريعية‭ ‬للربح‭ ‬السريع،‭ ‬والمجازفة‭ ‬الضعيفة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فنحن‭ ‬مرتبطون‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬المواد‭ ‬المصنعة‭ ‬بالخارج،‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬صناعي‭ ‬نستورده‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬كون‭ ‬مجال‭ ‬الصناعة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬يعرف‭ ‬ضعفا،‭ ‬وتتحكم‭ ‬فيها‭ ‬رؤوس‭ ‬أموال‭ ‬خارجية‭.‬

وبالتالي‭ ‬كل‭ ‬الأرباح‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تحقيقها‭ ‬تذهب‭ ‬للخارج،‭ ‬وحتى‭ ‬الصناعات‭ ‬الخارجية،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الحرة،‭ ‬فهي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬مدخلات‭ ‬تأتي‭ ‬كلها‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬الذي‭ ‬عرف‭ ‬تدهورا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭.‬
 
‬رغم‭ ‬مرور‭ ‬66‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬الاستقلال،‭ ‬لم‭ ‬يتحرر‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬قبضة‭ ‬أوربا‭ ‬الغربية،‭ ‬إذ‭ ‬مازالت‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬هي‭ ‬أول‭ ‬شربك‭ ‬اقتصادي‭ ‬للمغرب‭ ‬مما‭ ‬يرهن‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للبلد‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ويضعه‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬ضعف‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭. ‬هل‭ ‬توجد‭ ‬تجارب‭ ‬دولية‭ ‬يمكن‭ ‬الاستئناس‭ ‬بها‭ ‬بخصوص‭ ‬تنويع‭ ‬الشركاء‭ ‬وضمان‭ ‬هامش‭ ‬واسع‭ ‬للبلد‭ ‬في‭ ‬التفاوض‭ ؟
بالفعل‭ ‬المغرب‭ ‬بقي‭ ‬مرتبطا‭ ‬في‭ ‬مبادلاته‭ ‬التجارية‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوربي،‭ ‬خصوصا‭ ‬فرنسا،‭ ‬وإسبانيا،‭ ‬بحكم‭ ‬العلاقات‭ ‬القديمة،‭ ‬اللغة،‭ ‬التاريخ،‭ ‬القرب‭ ‬الجغرافي‭.‬

للأسف‭ ‬المغرب‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬مستعمريه‭ ‬القدماء،‭ ‬فحين‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوربي‭ ‬فهاتين‭ ‬الدولتين،‭ ‬هما‭ ‬اللتان‭ ‬تهيمنان‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬الخارجية‭ ‬المغربية‭.‬

ويتوجه‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬نحو‭ ‬المبادلات‭ ‬الخارجية،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬آسيا،‭ ‬روسيا،‭ ‬أمريكا،‭ ‬وأمريكا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬لكن‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬لازال‭ ‬هذا‭ ‬التنوع‭ ‬لحدود‭ ‬الآن‭ ‬محدود،‭ ‬وغالبا‭ ‬يرتبط‭ ‬الأمر‭ ‬بثقافة‭ ‬المغرب،‭ ‬وتحرره‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭.‬

وبطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بيداغوجية،‭ ‬وإلى‭ ‬تطوير‭ ‬الأسطول‭ ‬البحري‭ ‬لتصدير‭ ‬منتجاتنا‭ ‬لمناطق‭ ‬بعيدة،‭ ‬هناك‭ ‬أسواق‭ ‬جد‭ ‬مهمة،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬الأسف،‭ ‬لم‭ ‬نستفد‭ ‬من‭ ‬توقيع‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كثيرا،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المبادلات،‭ ‬أو‭ ‬الاستثمارات،‭ ‬حيث‭ ‬تتموقع‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬في‭  ‬المركز‭ ‬الثالث،‭ ‬أو‭ ‬الرابع،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أول‭ ‬مستثمر‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬خطة‭ ‬مدروسة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭.‬
 
لدينا‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬كانت‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬السبعينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬المغرب‭ ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬منه،‭ ‬وهي:‭ ‬كوريا،‭ ‬سنغافورة‭ ‬وماليزيا‭. ‬اليوم‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬حققت‭ ‬وثبة‭  ‬وتحتل‭ ‬مكانة‭ ‬مرموقة‭ ‬في‭ ‬سلم‭ ‬الرفاهية،‭ ‬بينما‭ ‬المغرب‭ ‬مازال‭ ‬يئن‭ ‬تحت‭ ‬البؤس‭ ‬والفقر‭. ‬ماهي‭ ‬الوصفة‭ ‬التي‭ ‬ساعدت‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬المذكورة‭ ‬لبلوغ‭ ‬المجد‭ ‬الاقتصادي؟‭  ‬
الدول‭ ‬التي‭ ‬تحدثت‭ ‬عنها،‭ ‬وهناك‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬شقت‭ ‬طريقها‭ ‬بشكل‭ ‬عقلاني‭ ‬نحو‭ ‬تنمية‭ ‬متسارعة،‭ ‬لكن‭ ‬المغرب‭ ‬لا‭ ‬يتوفر‭ ‬على‭ ‬تصور،‭ ‬واستراتيجية‭ ‬عامة‭ ‬للنمو‭ ‬السريع،‭ ‬حتى‭ ‬حين‭ ‬نقرأ‭ ‬النموذج‭ ‬التنموي‭ ‬الجديد،‭ ‬فلا‭ ‬جديد‭ ‬فيه،‭ ‬ولا‭ ‬أظن‭ ‬أننا‭ ‬سنصل‭ ‬إلى‭ ‬الأهداف‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬فمازلنا‭ ‬بعيدين‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬بلدا‭ ‬صاعدا،‭ ‬نخفض‭ ‬الفجوة‭ ‬فيما‭ ‬بيننا،‭ ‬وبين‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬بالأمس‭ ‬القريب‭ ‬بجانبنا‭.‬

نحن‭ ‬لا‭ ‬نعطي‭ ‬للرأسمال‭ ‬البشري‭ ‬الأهمية،‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الاختيارات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬القيادة،‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الوزارات‭ ‬تعرف‭ ‬للأسف‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التردي‭ ‬في‭ ‬التدبير،‭ ‬وغياب‭ ‬الكفاءات،‭ ‬والتجربة،‭ ‬مما‭ ‬يضيع‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬إمكانيات‭ ‬هائلة‭ ‬للنمو‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭.‬