نحن نسير بسرعتين مختلفتين الأولى(تيجيفي) تجعلك لا تلتقط انفاسك وقد تصيبك الدهشة من كثيرالصور والمعالم دون التقاط الأنفاس . لاشك أنها مفخرة لكل مغربي وهو يسمع إشادة السياح والزوار يثنون على بلد متقدم بمقومات الحياة تتمتع بكثير من الخاصيات، كل المستشفيات خاصة وعامة هنا والشركات والمدارس العليا والطرق السيارة وغيرها من المرافق الأساسية كلها هنا ...
السرعة الثانية بطيئة حد الموت لاحياة فيها عقارب الساعة لا تسعفك لاحترام كل المخططات السياسية والبرامج التي ما إن تخرج من دهاليز القرار حتى تضيع في أروقة العمالات والمجالس فلا تجد لها أثرا ولا صدى .
عند عتبات ومداخل هذه المدن والقرى المهمشة الطرق مهترئة تتوقف عندها التنمية ليتسلل مكانها اليأس والفراغ القاتل. وقلة اليد، الفقر المدقع سبب رئيسي يدفع الكل للهجرة وأغلب الدواوير تسكنها النساء والأطفال والعجزة بينما الشباب بمختلف أعمارهم رحلوا للمدن للدراسة او للبحث عن عمل .
الواقع يكشف حقيقة مرة أن الهامش مجال لاغتناء الفسدة من السياسين دون أن يتركوا وراءهم رصيدا يذكر. عزلتهم السياسة بعدما أقصتهم الجغرافيا ولم تنتصر البرامج عليها في أغلب المناطق المتوارية وراء الجبال والتي لا نسمع عنها إلا في الكوارث أو للسياحة كوجهات عالمية اكتشفها سائح أجنبي وأعجب بها وقررالبقاء. لم نعد نحكم على منطقة معينة من خلال مؤشرات التنمية وتقارير لجان التقصي والافتحاص، بل صارت حوادث سير مفجعة تسبقها لتحدث بدواخلنا رجة و ألم ووجع. والعجيب في أمر هذه المناطق أنها وفيه كل سنة لحدث مؤلم دون أن يستطيع أحد وقف النزيف .
واقعة أمس الأحد والتي جاءت صادمة بكل المقاييس بعد انقلاب حافلة نقل مزدوج، ذهب ضحيتها ثلاثة عشرة من بينهم اساتذة. وهي مرشحة للارتفاع وجرحى ومصابين. فاجعة تثير كثير من الأسئلة حول واقع الطرق والنقل بالهامش المنسي شهادة إحدى الناجين تفضح النقل السري الذي يتمتع بسلطة خارج الرقابة الطرقية والتقنية ليصبح عبارة عن هياكل صدئة لصناعة الموت .
النقل المزدوج الذي يجوب طرقاتنا تحت أعين الكل يسد ثغرة العجز لكنه يحتكر مساحة فراغ سياسة متخلفة لا تستفيد من أخطائها بل تكتفي بزيارة مسؤولين للضحايا سويعات خفيفة وصور تلتقط بجانب أجساد مكلومة، قد تصبح جثثا في المستقبل مالم نقطع مع هذه السياسات التي لاتنتج سوى الألم والوجع.