أيها المثقفون المبدئيون منكم والكذابون والساسة الوطنيون منكم والانتهازيون ... هل تعلمون حجم الفضائح والكوارث والأزمات التي تحل ضيفا ثقيلا علينا كل يوم بهذا الوطن المليء بالمآسي والإخفاقات؟
هنا حيث الحكرة تمارس على الشعب المليء بشغف مباريات كرة القدم وأنتم صامتون ... ولا أمل أو أفق يوحي بانتهاء هذه الانتكاسات والأعطاب التي أدت إلى انهيارات متتالية... في مجال الاقتصاد والمالية لتتمدد و تطال المغاربة في جيوبهم وحياتهم وقوت يومهم واستقرارهم لتبلغ حداً غير مسبوق في تاريخ المغرب ، رغم تعاقب الحكومات والمنظومات السياسية والمالية، التي كلما حلت حكومة لعنت سابقتها التي خرجت معها من رحم مشوه، رحم أنجب طبقة سياسية رأسمالية متوحشة بشعة تختبئ وراء الوطنية المزيفة التي أصبحت الحارس الشخصي لكل من تشوب حوله الشوائب ... بينما الشعب لا حول ولا قوة له ولا عمل ولا إرادة و لا صحة و لا تعليم له يعيش منذ مرحلته الأولى مفلسا، مع أن الأسوأ والأخطر والأعظم لم يأت بعد و أظنه سيأتي في ظل تغول من يريد إعادة التربية للمغاربة و زمرته، البارع في جمع الأموال بدل الجُمل .
إن الوضع مؤلم و المواطن يصرخ وساسة مجتمعنا منشغلين بتحصين أنفسهم وسلطتهم وأموالهم وثرواتهم، من خلال انتهاج سياسة البقاء للأقوى و إحكام السيطرة على كل شيء جامد ومتحرك في هذا البلد، بما فيه المواطن المغلوب اليائس، من خلال الترغيب والتهريب والفساد ونشر الخوف، وطوابير الذل والهوان، ورأس الخيط في يدها تحركه ذات اليمين وذات الشمال كلما شاءت وأرادت بغير استحياء أو رحمة هي مفقودة من الأساس.
والأشد سوءا من هذا وذاك، استمرارها ممارسة سياسة الكذب والنفاق والوعود الكاذبة كقراراتها وإجراءاتها التي لا تنفذ ولو لمرة ، رغم انها تستعمل هذا المصطلح عندما يخدم مصالحها ومشاريعها، ويؤمّن لها استمرار تغولها الواضح والصريح وتشغل عموم المغاربة باصطناعها لخلافات وهمية ومشاريع على الورق والألسن والإعلام التابع التسويقي، لنضيع نحن وتضيع الحقيقة والحقوق الدولة وتهدر الكرامة والأمثلة كثيرة أمامكم، ولكم في سحب قانون الإثراء الغير المشروع خير مثال ومليون منصب شغل و التي اختزلت في برنامج أوراش .
لن أغوص كثيرا في فساد هذه الطبقة السياسية التي لم تترك بشرا أو حجرا أو مالا أو موقعا إلا و أحكمته بإحكام ولم تنتج في تاريخها السياسي الأسود القديم والمستجدّ، سوى المزيد من الكوارث والمآسي والإفقار والتجويع لهذا الشعب، والانهيار الجزئي أو الكلي لهذا البلد، الذي اهتزت صورته ومكانته، لأنّ كل ما فيه وعليه بات مكشوفا أمام العالم، حيث أصبح المواطن يحلم فقط بمواد غذائية حتى لا يموت فقرا وجوعا ومرضا وذلا، في حين تدرك تماما أنها المسؤولة عن هذا الانهيار التاريخي .
كيف يمكن الركون إلى ساسة يصدرون قرارات لا تنفذ عن قصد أو فشل أو بسوء نية، كل ما هم قادرين عليه التأجيل والتجميد وإشغال الناس بقرارات أخرى تندرج ضمن سياسة التمويه لينسوا ما قبلها؟ كيف يمكن ان يؤمنوا على شعب وقد أفقدته، الغذاء والدواء والمحروقات والخبز والماء والزيت، والأهم أنهم أخذوا الزكاة من أمواله، وهي نتاج تعبه وشقائه واغترابه؟ كيف لهذا الشعب أن يراهن على حكومة أغرقته في والذل والحرمان والإهمال ... ألا يشكل صمته المريب علامة فارقة شديدة السلبية، الذي يعني قبوله بما أصابه وسيصيبه في الآتي من الزمن القريب؟ ماذا ينتظر هذا الشعب النائم ليقول كلمته ويرفع صوته في مواجهة سارقي لقمة عيشه ومجوعيه ومذليه؟ ألم يحن بعد قول كلمة الحق في وجه هؤلاء المتغطرسين؟ أخاف ألا يأتي الوقت الذي يدق فيه نفير ثورة وطنية جديدة (ثورة ملك وشعب جديدة) لاسترداد الحقوق وإعادة الكرامات المبعثرة على الطرقات التي يصطف فيها الناس للحصول على حاجتهم المدفوع ثمنها مما تبقى معهم من مال بات من دون قيمة بسبب التضخم.
أيها الشعب الغارق في الهوس والإفلاس حان الوقت لتعرف أن الطبقة السياسة والمالية وتجار الدين والجشع والطمع والاحتكار، لا يقدمون لك سوى الكلام المحشو بالعسل والوعود الكاذبة، لأن همهم منصبّ على قتل إرادتك وتكبيلك و تنكيلك، وسلبك ما تبقى لديك من القوة والإرادة والحرية ، ليتفرّغوا لإدامة سلطتهم وحماية أموالهم وثرواتهم، بعد أن يطمئنوا إلى صمتك وعجزك واستسلامك، وأنت أيها المواطن الشريف المستسلم المسالم لا هم عندك سوى تعبئة هاتفك وارتداء بذلتك الأنيقة وركوب سيارتك التي تجعلك تشعر بنشوة القوة على هذا الإنجاز العظيم.
فانتصر أيها الشعب للوطن و لنفسك و للأخلاق و القيم لاسترجاع الكرامة قبل أن تتحول إلى خامل كسول مكسور كليا، تضحك عليك الشعوب الغابرة والعابرة و تبقى صورة مشوهة التي تجلب الذل والخزي والعار .