مع حلول شهر رمضان، كشفت لجنة البرمجة التابعة للعصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية، عن توقيت مباريات النخبة الأولى في هذا الشهر، ابتداء من الجولة 24 بين يومي الجمعة والأحد 15 و17 مارس 2024، وتمت برمجة كل المواجهات في العاشرة ليلا. ما يعني أنها ستجرى تحت الأضواء الكاشفة. كما راسلت العصبة الاحترافية لكرة القدم أندية الهواة والقسم الثاني لإخبارها بالشروط التي يتعين توفرها، لاستضافة مباريات كأس العرش بداية من سدس عشر النهاية، والذي يعرف مشاركة أندية القسم الأول للبطولة الاحترافية.
شروط العصبة الاحترافية لتنظيم مباريات رمضانية
فرضت العصبة الاحترافية لكرة القدم على أندية الهواة والقسم الثاني ثلاثة شروط لاستقبال فرق القسم الأول للبطولة الاحترافية، والمتمثلة في توفر الملعب على عشب طبيعي وأن يكون متوفرا على إضاءة جيدة، وأن يكون مصادقا عليه لاستخدام تقنية الفيديو المساعد. ما يعني حضور برمجة رمضانية مسائية.
وطالبت العصبة الاحترافية بتوفير الملاعب على إضاءة جيدة، لأنه ستتم برمجة جميع المباريات ليلا بالتزامن مع شهر رمضان، إضافة إلى منع إجراء اللقاء على العشب الاصطناعي، ما يجبر أندية الهواة والقسم الثاني إلى البحث عن ملاعب لخوض منافسات كأس العرش التي ستنطلق في رمضان الحالي، تتوفر فيها الشروط السالفة الذكر.
ولتسهيل هذه العملية فإن العصبة الاحترافية لا تمانع في إجراء مباريات كأس العرش بملاعب الأندية بملاعب الأندية الضيفة، وذلك بالنظر إلى المشاكل التي تعيشها بعض الأندية في إيجاد ملاعب لإجراء مباريات البطولة الاحترافية، بسبب إغلاق عدد منها لإصلاحها استعدادا لاستضافتها نهائيات كأس إفريقيا للأمم التي يحتضنها المغرب في 2025 .
رمضان يغير العادات التدريبية للأندية
التحضير لشهر رمضان لا يقتصر على البرمجة الرسمية للمباريات التي تغيرت مواعيدها، بل يمتد إلى الحصص التدريبية التي تتلاءم مع مواعيد المباريات وتتحول إلى تداريب مسائية.
وأوضح التونسي عمر بن ونيس، المعد البدني للرجاء البيضاوي، عن الإعداد البدني للفريق الأخضر، أنه حضر برنامجا خاصا للاعبين خلال هذا الشهر. وقال بن ونيس في حوار مع قناة الفريق الأخضر على "يوتوب": "في الفترة الأخيرة كثفنا من الحصص التدريبية، لأنه بعد توقف البطولة كان لدينا معسكر في دبي، لكننا لم نستغله للعمل على الجانب البدني، لأنه كانت هناك مباريات ودية إلى جانب إرهاق السفر ذهابا وإيابا".
من جهته أشار زكرياء عبوبن مدرب أولمبيك أسفي، إلى أهمية تعاون اللاعبين مع المعطى الجديد، أي الصيام خلال المباريات الرسمية وما يتطلبه الشهر من تغييرات على مستوى التداريب حيث تكثر الالتحامات الثنائية، ويقل الجهد البدني تدريجيا مع تغيير موعد الحصص التدريبية من النهار إلى الليل، خاصة في الأيام الأولى من شهر رمضان حيث يكون البدن في فترة التأقلم مع مضاعفات الصيام.
وتخضع التداريب والمباريات لمعايير خاصة وهو ما أكده الدكتور مصطفى بهليوي، العضو بجمعية أطباء الطب الرياضي، “يصبح إجراء التداريب في نهار رمضان صعبا لأنها تكون شاقة على اللاعبين بسبب وجود نسبة السكر بشكل منخفض في الدم” وأضاف: “فصلنا في أمر التداريب في رمضان وشددنا على ضرورة نقص المجهود البدني الكبير في نهار رمضان بسبب وجود نسبة قليلة من السكر في الدم، الشيء الذي يصبح معه أداء التداريب والجهد البدني صعبا. وبالنسبة للمباريات التي ستجرى ليلا، لابد من احترام قاعدة ثلاث ساعات بين الوجبة وانطلاق المقابلات، بغض النظر على جانب احترام وقت النوم واسترجاع القوى. شئنا أو أبينا هناك إشكالية في شهر رمضان، لهذا على اللاعب الالتزام بنصائح الجهاز الطبي والتقني”.
ونوه الدكتور البهلوي، بالمسؤولين عن البرمجة في العصبة الوطنية لكرة القدم، على برمجة المباريات ليلا، حتي يتمكن اللاعبون من استرجاعهم قواهم بسبب الإرهاق اليومي: "لا يمكن أن ننكر وجود نوع من الضغط على اللاعبين، بل إن البعض منهم يجري حصصا أخرى حتى يكون في مستوى عال، وحتى المدربين يضعون برامج خاصة من المعدين البدنيين حتى تكون الحصة مدروسة من جانب الجهد البدني، مع مراعاة طبيعة الطقس والجو يشهد حرارة معتدلة بمعنى لن يكون هناك اجتفاف كبير، لكن برمجة المباريات ليلا تقتضي احترام نظاما معينا للوجبات الغذائية حتى تمر المقابلات في رمضان في جو صحي بدون عناء ولا مشاكل صحية".
برمجة خاصة لمباريات الكرة النسوية في رمضان
تشهد البطولة النسوية لكرة القدم، خلال شهر رمضان برمجة خاصة ووفق ما كشفه مصدر من العصبة الوطنية لكرة القدم النسوية، أن المباريات ستبرمج في الساعة الرابعة على أن تجري الفرق التي تتوفر على ملاعب بأضواء كاشفة مبارياتها ليلا.
لكن الإكراه المطروح يتمثل في عدم توفر بعض الأندية النسوية لكرة القدم على ملاعب بأضواء كاشفة، الشيء الذي يجعل جل المباريات مبرمجة على الساعة الرابعة زوالا.
وأمام هذا المعطى تفضل الأطر التقنية التي تشرف على فرق كرة القدم النسوية، برمجة حصص التدريبية على الساعة الرابعة زاولا حتى تستأنس اللاعبات بهذا المعطى خلال إجراء المباريات الرسمية خلال شهر رمضان.
من جهتها فضلت عصبة الدار البيضاء، توقيف منافسات البطولة النسوية تحت مبرر منح المرأة فرصة للتكفل بالانشغالات المنزلية في هذا الشهر الفضيل.
غضب في تونس بسبب برمجة زوالية لديربي العاصمة
لا حديث في أوساط الدوري التونسي لكرة القدم، إلا عن قرار الاتحاد التونسي للعبة، القاضي بخوض مباريات البطولة المصغرة للتتويج باللقب خلال نهار رمضان أي أثناء فترة الصيام ما أفرز مواقف متباينة وفجر أزمة بين الأندية.
قبيل حلول شهر رمضان المبارك، حددت رابطة الدوري التونسي الممتاز يوم السادس عشر من مارس الجاري، الذي يتوافق مع الأيام الأولى لشهر الصيام، موعدا لإجراء مباريات الجولة الثالثة من سباق التتويج باللقب والتي تتضمن لقاء “ديربي” العاصمة بين الترجي والأفريقي وهي المواجهة التي تحبس في العادة أنفاس جماهير الكرة التونسية.
أثار قرار رابطة كرة القدم المحترفة انطلاق مباراة “الديربي” في الساعة الثانية زوالا اعتراض مسؤولي الترجي التونسي وجهازه الفني ولاعبيه مطالبين بأن يتم تأخير المباراة إلى ما بعد موعد الإفطار أي ليلا، مشددين على أن تمسك اللاعبين بالصيام سيشكل عائقا كبيرا أمام المدرب لإعداد فريقه على أحسن وجه.
قال البرتغالي ميغيل كاردوزو، مدرب الترجي: “لا أعرف ما الإشكال في خوض المباريات ليلا خلال شهر رمضان، ذلك سيكون عاملا مساعدا للاعبين لتقديم أداء بدني يليق بالمباريات القوية، اللعب في نهار رمضان وأثناء فترة الصيام ستكون له تبعات سيئة على جاهزية اللاعبين”.
الدوريات الأوربية بين التساهل في الإفطار العاجل ورفضه
منحت انجلترا وهولندا فسحة في بعض المباريات التي سيتم تحديدها، من أجل تمكين اللاعبين المسلمين من “كسر” صيامهم، على أن يكون التوقف من أجل تناول ثمر وشرب كوب ماء، بعدها يتم استئناف المباريات خلال شهر رمضان من 10 مارس و8 أبريل.
لكن هناك دولا أوربية لم تتجاوب مع مطالب اللاعبين المسلمين، ولم يتم إشعار الحكام بأي قرار من شأنه توقيف المباريات ليس فقط على مستوى القسم الممتاز بل في جميع التصنيفات.
تعالت الأصوات الفرنسية والبلجيكية المنتقدة لقرار الاتحادين المحليين لكرة القدم بمنع إيقاف المباريات التي تتزامن مع أذان المغرب في شهر رمضان المبارك للسماح للاعبين بتناول الإفطار، وهو القرار الذي فتح عليهم نيران مسلمي البلدين وليس فقط اللاعبين منهم.
لكن الإشكال لا يكمن في المباريات فقط بل في التداريب بصفة أكبر، إذ يعفى اللاعبون المسلمون من تناول وجبات الطعام معا ومن الفترة التدريبية الثانية، خلال الأيام التي تشهد إقامة فترتي تمارين. وهناك مدربون يجبرون لاعبيهم الملسمين على الإفطار في المباريات الرمضانية، وردد كثير من المدربين في وجه لاعبيهم المسلمين عبارة: "في يوم المباراة، يجب ألا تصوموا. هناك الكثير من المجهود، يجب أن تكونوا جاهزين".