يسود تكتم شبه عام، في الوسط الإعلامي الجزائري، حول الحالة الصحية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حول من يحرك دواليب قصر المرادية في ظل رجل عاجز ومريض، فيما يجنح السواد الكبير من شعب "الفيس بوك" لطرح التساؤلات المقلقة حول الوضع السياسي في الجزائر، حول حالة الإقالات والاستقالات والإعفاءات التي طالت جنرالات ومستشارين ومدراء... تساؤلات حملت معها حديث "العنف" كخيار نحو عملية التحول الديمقراطي في الجزائر.
عبد الله جاب الله، رئيس جبهة العدالة والتنمية، عضو التنسيقية الوطنية للحريات والانتقال الديمقراطي CLTD، بالجزائر، لم يخف قلقه من عودة العنف إلى الجزائر، حيث رافع، في سبيل تجنّب مسببات العنف خلال عملية التحوّل الديمقراطي مؤكدا، في لقاء للتنسيقية، مواصلة تشكيلته السياسية المشاركة في كل مسعى تنسيقي فعال يوحد المعارضة. الحيرة نفسها جثمت على قلب مقران آيت العربي المحامي والناشط الحقوقي، أحد أعضاء التنسيقية المذكورة، حين صرح لوسائل الإعلام الجزائرية، بأنه ليس ضد عودة الجيش للثكنات، ولم يطلب تغيير النظام في الجزائري بالوسائل التقليدية المعروفة كالانقلابات العسكرية، لكون هذه العملية، برأيه، لا تتم إلا بالعنف، وطالب بضرورة تغيير سلمي وسلس عن طريق اتفاق المعارضة والسلطة والمجتمع المدني والشخصيات الفاعلة والكفاءات في كل المجالات حول برنامج انتقالي.وأكد مقران أن دور الجيش في الظروف الراهنة يتمثل في إقناع بوتفليقة بضرورة التوصل إلى اتفاق عاجل بين السلطة والمعارضة، حول أرضية مشتركة يتبناها الجميع، بهدف التغيير السلمي، لتفادي مأساة جديدة في الجزائر.
وألمح محند الطاهر يعلى، الجنرال الجزائري المتقاعد، في حديث صحفي، أنه آن الأوان لتغيير النظام في الجزائر، لإنقاذها من التفسخ والانهيار والتقسيم، في إشارة منه إلى ما قد يحدث من تبعات، في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، تعيد الجزائر إلى سيناريوهات العشرية السوداء في الجزائر، مذكرا بأن الجزائريين الذين استطاعوا في الماضي رفع التحدي قادرون اليوم على إنقاذ الجزائر من الشلل والرداءة والفساد وحتمية التخلف.
وفيما تتسع دائرة النقاش في الجزائر حول مستلزمات الانتقال الديمقراطي في الجزائر، في ظل واقع الرجل المريض في الجزائر، عبد العزيز بوتفليقة، الذي أدخل الجزائر في نظام الحكم بالوكالة... وهو حديث لم يخل من ترجيح كفة العنف على حساب كفة التحول السلمي، سارع الحاكم بالوكالة سعيد بوتفليقة نحو تعيين اللواء عثمان طرطاق من جهاز الاستعلامات والأمن المعروف وسط المؤسسة العسكرية باسم "البشير"، في منصب مستشار أمني للرئيس بوتفليقة (يوم السبت 13 شتنبر 2014) رغم أنه لا يحظى بقبول الرئيس بوتفليقة. وكان طرطاق قد أحيل، منذ سنة فقط، على التقاعد بإيعاز من الجنرال محمد مدين، المعروف باسم "توفيق"، الرقم الأول في جهاز المخابرات، بحكم علاقات جد سيئة كانت تربط الرجلين.
بعد مرور أقل من 24 ساعة على هذا التعيين تتحدث أنباء عن عودة وزير الدفاع السابق الجنرال المتقاعد خالد نزار إلى وزارة الدفاع الوطني بصفة مستشار وتم تكليفه بتولي مهام معينة في الرئاسة والدفاع، ليكون خلفا للجنرال محمد تواتي المستشار الأمني الأسبق برئاسة الجمهورية.
وهي تحولات تشي من زاوية عميقة بحالة الاضطراب والقلق الذي يخيم بظلاله على قصر المرادية، ما استدعى إلى عودة الرجل الدموي خلال العشرية السوداء في الجزائر "اللواء عثمان طرطاق" لتشديد القبضة الحديدية في حالة انفلات أمني منتظر.