من تصويت اللاعبين إلى تصويت المنخرطين
جاء قانون المنخرط لينهي استغلال الجموع العامة من طرف لاعبين يجب أن تنحصر مهمتهم على تسجيل الأهداف وتحقيق الانتصارات، لا على تغليب كفة رئيس على آخر. كما أنهت توغل المحبين والأنصار الذين يفرضون مرشحيهم على الجموع العامة مستفيدين من الفراغ القانوني، خاصة في زمن كانت جمعيات المحبين تدفع بمرشحيها لقيادة الفرق المغربية باعتبارها صوت الجماهير.
لكن المشكل لم ينته بصدور قانون المنخرط بل استمر عند تطبيقه على أرض الواقع، خاصة عند تشكيل المكاتب المسيرة وتحديد سومة الانخراط وشروطه وصلاحيات الرؤساء وقضية الإنزال التي ميزت الجموع العامة.
لم يكن قانون المنخرط عنوانا للحكامة الجيدة في ظل شروط تجعل حق الانخراط رهينا باحتضان صاحب الطلب من طرف عضوين من المكتب، وفي حالة رفض طلب الانخراط لا يحق استئناف القرار الذي يصبح نهائيا، وهو ما يجعل «حب النادي« متوقفا على تأشيرة الرئيس أو لجنة الانخراط التي يرأسها في الغالب رئيس النادي.
وأشار إبراهيم الفلكي، الناطق الرسمي لأولمبيك أسفي، إلى أن كرة القدم المغربية مرت بعدة محطات، تتعلق بالتسيير الخاص بالأندية الرياضية وفي تكوين المكاتب. «في البداية كانت كتلة اللاعبين هي التي تختار أعضاء المكتب المسير بما فيهم الرئيس من خلال جمع عام، وامتدت هذه الصورة لسنوات عديدة بعدها انتقل مفهوم التسيير من سلطة اللاعبين إلى سلطة كتلة المنخرطين».
إكراهات الانخراط في المشهد الرياضي
وحسب تقرير أصدرته منظمة «ترانسبرانسي المغرب»، حول «الشفافية في التدبير الرياضي»، فإن قانون المنخرط قد فتح الباب على مصراعيه لعملية إنزال في الجموع العامة، إذ أن الطامحين للرئاسة يؤدون ثمن الانخراط لأشخاص موالين لهم بهدف إغراق القاعة خلال الجموع العامة وإمالة الكفة لفائدة طرف معين». كما وقف التقرير عند انتهاك الحكامة الرياضية، إذ أن أغلب الأندية لا تقدم تقاريرها المالية والأدبية للمنخرطين في الآجال القانونية، أي 15 يوما قبل الجموع العامة.
وأوضحت المنظمة بأن تجربة تطبيق قانون المنخرط وضعت المتتبعين للشأن الرياضي أمام إشكاليات متشابهة، إذ غالبا ما تلجأ الفرق في تقاريرها المالية إلى خانة «مختلفات» للتغطية على مصاريف غير مبررة. بل إن هذه «المختلفات» تفوق أحيانا نفقات خانات أخرى.
يقول تقرير «ترانسبرانسي المغرب» «سياسة الإنزال ازدهرت رغم وجود قانون المنخرط، غياب وضوح في انتخابات المكاتب المسيرة الجديد، أداء مساهمات المنخرطين السنوية نيابة عنهم لضمان أصواتهم، وعدم الكشف عن لائحة المنخرطين، قبل الجمع العام، عدم الكشف عن قيمة انتقال بعض اللاعبين سواء من أو إلى الفريق، إلى منح الصلاحيات المطلقة للرئيس في تعيين فريق عمله».
وخلص التقرير إلى أن مرسوم 1995 المنظم للانخراط، قد اكتفى بوقف ما أسماه بـ »ديكتاتورية» اللاعبين، ورؤساء جمعيات المحبين، «وفتح المجال أمام ممارسات أكثر خطورة بعد سنوات من التجريب.
المنخرطون في عهد الشركات الرياضية
يقول عصام الإبراهيمي، المسير السابق في نادي الرجاء الرياضي إن الشركات الرياضية لن تطيح بالجمعية الرياضية ومنخرطيها، علما قانون 30.09 ينص على ضرورة احتفاظ الجمعية بـ 35 في المائة من أسهم الشركة، والغاية من هذه النسبة ما يعرف بـ «البلوكاج»، لأن هناك قرارات يمكن أن تؤخذ بثلثي لأعضاء. إن استمرار المنخرطين يظهر من خلال انتخاب الرئيس الذي يتم عبر المنخرطين وليس جهة أخرى. الشركات الرياضية قبل تأسيسها تعقد شراكة مع الجمعية الرياضية، حيث تسمح الأولى للشركة باستغلال أصولها وممتلكاتها ملاعب ومقرات، حيث تهتم الشركة بالفريق الأول ويتكلف رئيس الجمعية بتدبير الفئات العمرية والمدرسة، أي أن دور المنخرط يظل قائما».
عكس وجهة نظر الفلكي، الذي يرى أن دور المنخرط في التدبير والتسيير للأندية في طريقه إلى الزوال: «لأنه سيبقى مرتبطا بالجمعية الرياضية وبتدبيرها كما حدده قانون التربية البدنية، وسينصرف على الفرق والتكوين والمنشات الرياضية وغيرها. أما ما يتعلق بالفريق الأول فهو من اختصاص الشركة الرياضية، هذا المنحى سيضعف دور المنخرط في تدبير وتسيير الفريق الأول والذي يعتمد على موارد خاصة في إطار الشركة الرياضية».
وحسب منصف اليازغي الباحث في السياسات الرياضية، فإن إقدام المشرع على تنزيل قانون الشركة الرياضية المنظمة في إطار قانون التربية البدنية المادة 15، قد حاول الفصل بين الجمعية الرياضية التي تبقى قائمة الذات والتي يسري عليها مرسوم 1995 المنظم لعملية الانخراط، والشركة التي تعتمد على مساهمين وعلى محاسبين يسهرون على تدير ممتلكات الجمعية في إطار تعاقد بينهما، بمعنى أن اختصاصات كل طرف تصب في خدمة النادي، فلا يمكن الحديث عن تعويض الشركة لمؤسسة المنخرط. هذه التشريعات لا تعفي المشهد الرياضي المغربي من وجود «تحايل» على القانون، حيث تحول عدد من رؤساء الفرق الرياضية إلى رؤساء لشركات الأندية، ووضعوا على رأس الجمعيات من يأتمر بأوامرهم، ليظل القرار بيد الرئيس الذي استجاب لقرار الانتقال إلى التدبير المقاولات وأصبح رئيسا للشركة الرياضية دون أن يتخلى عن التسيير اليومي للفريق.
قانون المنخرط يعطل الحكامة
منح قانون المنخرطين لرؤساء الأندية الرياضية المغربية، حق التحكم في جميع الاختصاصات بما فيها التقنية، كما جعلهم يملكون حق تحديد ثمن الانخراط الذي يتراوح في الجمعيات الرياضية المغربية ما بين 500 درهم و20 ألف درهم. بالرغم من المطالب بتقليص السومة بالنسبة لفرق الصفوة حتى تتمكن من توسيع قاعدة منخرطيها التي تتراوح ما بين 180 منخرطا و15 منخرطا، ما يجعل مصير فرق رياضية كبير تحت رحمة أقلية.
لكن أيوب قطاية، الاستشاري في التدبير الاستراتيجي لأندية كرة القدم، له وجهة نظر أخرى إذ يرى بأن قانون المنخرط مازال ساري المفعول، لأن جل الأندية الوطنية الممارسة بجميع الأقسام مبينة بالأساس على الجمعيات الرياضية، وأشار قطاية إلى دور المنخرطين قائلا: «يعتبر دورا أساسيا ومؤثرا في إبداء الرأي، أو حتى في الجموع العامة من خلال التصويت على التقارير، لهذا فالمنخرطون لهم ثقل أساسي وكبير على مستوى تدبير الجمعية الرياضية، وهم يشكلون مؤسسة تعد شريكا صريحا للجمعية الرياضية، في إشارة إلى دعامتها المادية من خلال مبالغ الانخراط التي تعتبر من مداخيل الأندية».
ولأن علاقة المنخرط بالنادي لا تتجاوز الجمع العام ومتابعة مبارياته، فإن هذا الوضع الذي يحول المنخرط من قوة اقتراحية إلى صوت انتخابي، جعل المتتبعين للشأن الرياضي إلى تقديم بدائل لتحول المنخرطين إلى برلمان حقيقي للنادي يسائل المسؤولين ويساهم في تشريعات تهم سير الفريق. من خلال مجلس للمنخرطين داخل مؤسسة المنخرط، من أجل تسهيل التواصل، وعقد الاجتماعات، ويتحدد دور هذا المجلس المنتخب من طرف المنخرطين المساهمة التشاركية في التدبير، كما يمكن لهذا المجلس أن ينوب عن المنخرطين في مناقشة كافة التقارير ومعرفة الخطوط العريضة لعمل المكتب.