إن زيارة وفد الاتحاد العام لمقاولات المغرب لموريتانيا ذات أهمية، من حيث جدولها وتكوينها. بقيادة رئيسها شكيب العلج، على رأس فريق لايعتمد في نجاحه الاحترافي على الصدفة. الوفد فاجأ الموريتانيين حيث بدا لهم ككوماندو وجد تضاريس حددها سفير رفيع المستوى "حميد شبار"، المعروف بتمثله وإيمانه الشديد بأولويات المغرب.
لذلك دعونا نتفق على أن هذا الفريق بأكمله، بعيدًا عن المصالح الشخصية أو الفئوية، أصبح يشارك هذا الفخر بالقدرة على المشاركة في الكشف عن الرؤية الملكية البارعة لفتح بلدان الساحل. وفي معرض إحياء الذاكرة الجماعية للبلدين، أشار رئيس الاتحاد العام شكيب العلج، إلى الطبيعة العنيدة "للجغرافيا التي تسمح لنا بتأكيد التاريخ وشرح الحاضر ولكن قبل كل شيء التأثير على المستقبل".
الصيد أم الأزمة المشتركة
من المؤكد أن أزمة قطاع الصيد قد سلطت الضوء على الأخبار الاقتصادية التي تربط المغرب وموريتانيا اللذين يمتلكان فيما بينهما أكثر من 50٪ من موارد الصيد الإفريقية. لديهم نفس المخزون المتداخل من الأنواع السطحية وغيرها التي تنتقل من بلد إلى آخر حسب المواسم ودرجات الحرارة. وهكذا، سواء في إطار العمليات التجارية التقليدية، أو في إطار اتفاقيات الصيد مع الاتحاد الأوربي، فإنه غالبًا ما يكون لديهما نفس السوق ويواجهان دائما نفس المفاوضين الذين تمكنوا من تقييم فعاليتهم في المناورة على حسابهم. وبالتالي فإن هذا النقص في التنسيق بين البلدين يتم استغلاله بشكل منهجي من قبل نظرائهم الذين اعتادوا على تحقيق أقصى استفادة من خلال تسليط الضوء على حجة الاستغلال المشترك لنفس المخزون، مما يسلط الضوء على البلدين في وضع تنافسي.
من المؤكد أن طرح المشكلة أمر شائع، ولكنه يفتقر إلى الأهمية لأنه لا ينبغي لنا أن نسمح لأنفسنا بالوقوع في فخ التأكيد التبسيطي الذي بموجبه كل ما يخطئه أحد الطرفين يؤدي إلى ضرر للطرف الآخر.
تبادل الخبرات
في الواقع، بقدر ما يستغل البلدان نفس المخزون، فإن المنطق يملي أن سياسات الإدارة يمكن أن تلبي نفس المعايير العلمية، ولهذا فإن تبادل الخبرات أو البعثات العلمية المشتركة، من شأنه أن يحقق المزيد من الاتفاق في إدارة الطبيعة البيولوجية للأنواع لأنه ومن الواضح أن "الطبيعة لا تصنع السياسة"، و"مدارس الأسماك لا تحتاج إلى تأشيرة دخول".
ومع ذلك، يدرك الجميع أن الدول التي بنت اقتصادها على صيد الأسماك، قد أدركت أن كمية الأطنان التي يتم صيدها ليست هي المهمة، بل القيمة المضافة الناتجة، لأن القيمة المضافة فقط هي المؤشر الحقيقي لثروة الأمم. وربما في يوم من الأيام، كما هو الحال في الدول المتقدمة، يمكن إدارة الأسهم المشتركة من قبل الحكومتين لصالح الشعبين في إطار الحصص الوطنية.
الجغرافيا السياسية الملكية
لم يتم استبعاد جوانب التعاون الأخرى، فالجانب الزراعي هو الجانب الذي سيكون للمغرب فيه أكبر المزايا النسبية لموريتانيا. ولهذا السبب، تتجمع الحجج معًا: أولاً، الخبرة التي لا جدال فيها، ثم القرب الذي يضمن التكاليف اللوجستية ونضارة المنتجات، بالإضافة إلى القوى العاملة الوفيرة، وأخيرًا ظروف المعيشة المماثلة في البلدين. كل هذا يجعل من المغرب منافسا هائلا مقارنة بالدول المجاورة الأخرى التي تتطلع اليوم إلى رفاهية مغاربية، حيث يمكن أن يتضاعف معدل النمو، بفضل احتياطيات الغاز الكبيرة (وفقا لصندوق النقد الدولي)، بمقدار ثلاثة أضعاف في العام المقبل. وإذا كان تأثير الهيدروكربونات على ثروات السكان أقل من تأثيره على الدول، فإننا نصل إلى استنتاج منطقي مفاده أن هذا التآزر بين البلدين سوف يمر بالضرورة من خلال الزراعة التي تحتوي على أنشطة ليست متكاملة فحسب، بل يمكن أيضًا أن تكون قابلة للتداخل.
وإدراكا لكل هذه الفرص، قرر الطرفان، إنشاء فريق عمل سيتعين عليه حصر الإجراءات المشتركة التي يتعين القيام بها مع حكومتيهما من أجل التوصل إلى استراتيجيات متعددة الأبعاد مثل آليات ضمان الاستثمارات المغربية في موريتانيا، صناديق الاستثمار المتخصصة التي يدعمها أبطالنا الوطنيون، أو حتى الإدارة المنسقة لقطاعات معينة مثل صيد الأسماك. وأخيرا، تطوير مجموعة من التدابير الطموحة التي من شأنها أن تجعل السوق المشتركة خطوة إلزامية لتآزر الاقتصادين لصالح الشعبين.
أولوية الاقتصاد على السياسة
والواقع أن السقف قد يبدو مرتفعا، ولكن تم تحديده من خلال الثلاثية المتقنة التي حققتها الجغرافيا السياسية الملكية: فقد جاء تقاسم الثروة بين المناطق ليؤكد أولوية الاقتصاد على السياسة من خلال تسليط الضوء على القول المأثور الشهير: "الأعلام تتبع التجارة". حيث يجلب الجميع خبراتهم أو إعاقتهم لجعلها أصولا مشتركة.
محمد الزبدي، عضو وفد الاتحاد العام لمقاولات المغرب وصحافي سابق