أثار قرار إلغاء محاضرة سعيد الكملي في موضوع: "حلية معلمي الناس الخير" بالمدرسة العليا للأساتذة بمرتيل (21/2/2024)، حفيظة التيار الوهابي فصب جام حقده على جريدة "أنفاس بريس"، لإثارتها جوانب منهجية في ذلك، حتى لا يتم الخلط بين الجانب التربوي /الأكاديمي، وبين الرهانات الإديولوجية للأصوليين، خصوصا وقد قام هذا التيار، بتعبئة في تطوان والنواحي لتنظيم حملة إنزال بالآلاف هدفها استعراض القوة أمام الدولة لغايات، لا علاقة لها بالتأهيل البيداغوجي لطلبة المدرسة. وللتمويه على هذه التعبئة نص إعلان المحاضرة على أن"الدعوة خاصة بطلبة المدرسة". وبالموازاة مع هذا ،قام منسق نادي القرآن الكريم والسنة النبوية، بهذه المؤسسة التربوية، سعيد القنطري، بتوجيه دعوات إلى مجموعة من الفاعلين، للتجيير الرسمي للغزوة الوهابية، من خلال رافعة المحاضرة. حيث لم يكتف بهذا الإخراج السيء، في عملية "الدعوة"، بل عمد إلى تحرير صيغة إخبار إلغاء المحاضرة بنزعة المظلومية، مغازلة للوهابية. بحيث ألقى مسؤلية الإلغاء على جهات أخرى.
بل الأكثر من هذا، عمد عقب هذا الإلغاء في حساب النادي، إلى تدوينات الارتماء بالمطلق في أحضان الكملي. ولعل هذه المغازلة المكشوفة من حساب "رسمي"، لن تمر هي الأخرى، بدون مساءلة.
ما حصل يقتضي ضبط مسالك النظر من أجل وظيفية أكبر في باب تنوير الرأي العام، ومن ثم المساهمة في تجويد وظيفة المؤسسات من مدخل الإحاطة السليمة بطبيعة الإشكالات المطروحة. ولعل هذا من مقدمات المراشد لمدير المؤسسة أولا، لكي يتحرر من تلبيسات منسق النادي.
1- تبين الحملة الحاقدة والمتطرفة على "أنفاس بريس"، أن التيار الوهابي المتزمت هو من يقف وراءها بالتحديد. ومن ثم فالكملي محسوب على الوهابية في المغرب، ويخدم أجنداتها التبشيرية، تماما كمحمد الأمين الإسماعيلي، وقد تولى رسميا كرسي "العقيدة الأشعرية"،وهو لم يكن في الواقع إلا مكرسا للرؤية الوهابية. وكما يفعل الكملي مع "الموطأ"، وهو يخضعه للتكييف الحنبلي. وكما فعل القنطري مع أبي الحسن الأشعري من داخل المجلس العلمي بتطوان، وهو يخضعه لنظارات ابن تيمية.
ولا نعرف كيف سيتعامل الوزير التوفيق مع هذه الفضيحة، وقد أصبح يتمتع بتفويض تعيين أعضاء ورؤساء المجالس العلمية المحلية؟
كل هذا يظهر أن حد أوجه الانقلاب على الثوابت المذهبية للبلاد، يتم تمريره من داخل المؤسسات الرسمية. لذلك لا يجب الانخداع ببعض الظواهر /المظاهر، أو ببعض ظرفيات التدبير.فلكل أجل كتاب.
2- كما تبين هذه الحملة أن شهية الهيمنة لدى الأصولية لا حدود لها. فهي لن تقنع بأن تكون شريكا من بين شركاء آخرين في معركة البناء الوطني المستقل من منطلق حاجيات البلاد الداخلية.كما يظهر أنها في زحفها تعارض كل أشكال تنظيم الفضاء العمومي، وضرورة مراعاة طبيعة خصوصية مجالات هذا الفضاء.لذلك فالأصولية لن تقبل بممارسة الدعوة حيث يجب أن تكون. بل إذا لم يتم الانتباه لخلفيات ومضاعفات نهج السيبة لديها ضدا على القانون، فسنجدها غدا، تراهن على ما تعتبره حق الدعوة، داخل مراكز تكوين الشرطة والإدارة الترابية والجيش والدرك والقوات المساعدة والقضاء وحراس السجون وأعوان الغابة والوقاية المدنية.
3- إن التحدي الذي دخل فيه منسق نادي القرآن والسيرة النبوية - بالمدرسة العليا للأساتذة، عقب إلغاء محاضرة الكملي بمغازلة الوهابية، عبر إعلان التبعية لهذا المحاضر -(هذا التحدي) مع كل من يهمه الأمر، يستدعي بعض التوقف.لأن حتى الجهات المسؤولة، لن تقبل بأن تجهل عليها أو تنطحها "قروعة"،كما يقال في المثل الدارج. فمن يريد أن "ينطح"، عليه أن تكون له "قرون"مفتولة معرفيا و يتمتع بمصداقية مشهود بها. أما أن يخرج علينا من سوقوا في مسار حياتهم على أنهم محسوبون على "المخزن"، واستفادوا على المستوى الشخصي بذلك، ليتحدوا الدولة والمجتمع اليوم، من خلال إعلان الإرتماء في أحضان جهات وتيارات أصولية معولمة، فهذا أمر غير مقبول، من منظور "تمغربيت".
4- إن حساب نادي المؤسسة على الفايسبوك هو حساب وظيفي، لا يمكن أن يتحول إلى حساب شخصي، تمرر فيه "الأهواء" الشخصية. وأكيد أن الطبيعة الشخصية المنحرفة لهذا الحساب، ستطرح السؤال عن طبيعة هذا النادي ووظيفته.
وفي كل الأحوال، فإن قرار إلغاء محاضرة الكملي، هو قرار من صميم الانشغال بعدم اختلاط الحابل بالنابل في وظيفة المؤسسات التربوية، كان يفترض أن يتحمل مدير المدرسة العليا للأساتذة ومنسق النادي كلفة مسؤوليته، وليس أن تتم الهرولة للاحتماء بصولة الوهابية، وتقديم فروض الطاعة لها.
ويبقى أن مسؤولية النهوض بمختلف استحقاقات البلاد، في حاجة إلى روح الاقتدار، والإيمان بأصالة هذه الأمة، في هذا المغرب العظيم!.