‎لماذا تدير كأس إفريقيا ظهرها للمغرب منذ نصف قرن؟

‎لماذا تدير كأس إفريقيا ظهرها للمغرب منذ نصف قرن؟ المنتخب المغربي لعام 1976، وأسود الأطلس 2024

كلما أقصي المنتخب المغربي لكرة القدم من نهائيات كأس أمم إفريقيا، تجدد السؤال الجوهري الكبير:

لماذا عجزنا عن الظفر بكأس إفريقيا؟ وكيف نرضى بكأس يتيمة في خزانة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم؟

وأمام الإخفاق تتناسل أسئلة أخرى مشروعة عن أسباب الإخفاق القاري مقابل التألق العالمي، عن السخاء الذي تعيشه المنتخبات الوطنية مقابل الخصاص الذي تعرفه أغلب الفرق الممارسة في البطولات الوطنية، وعن السر في تألق الأندية المغربية في المنافسات القارية مقابل تواضع المنتخب الوطني، وأسئلة عديدة سنحاول البحث عن أجوبة شافية عنها. لأن إقصاء المنتخب الوطني المبكر من "كان" الكوت ديفوار، يستحق أن نقف عنده بهدوء لنستخلص الدروس ونتطلع إلى ما سيأتي، حتى يمكننا البناء على قاعدة صلبة.

المنتخب في زمن العسكر والخصاص

تاريخيا تأسست الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم سنة 1956 بعد الاستقلال وأصبحت عضوا في الاتحادين الإفريقي والعالمي، وخاض أول مباراة في 19 أكتوبر 1957 ضد منتخب العراق.

على مستوى الإنجازات التي تحققت، فقد فاز المنتخب المغربي بكأس الأمم الأفريقية 1976، وفاز بطولة أمم أفريقيا للمحليين مرتين، في 2018 و2020 وكأس العرب مرة واحدة في 2012. شارك المنتخب في كأس العالم ست مرات، أولها سنة 1970 بالمكسيك. وفي ثاني مشاركة لهم في المحفل العالمي، أصبح المغرب المنتخب الأفريقي الأول الذي يحتل صدارة مجموعة في كأس العالم، خلال نهائيات كأس العالم 1986.

في سنة 1998 سيحقق المنتخب المغربي أعلى تصنيف عالمي باحتلاله الرتبة العاشرة، لكن دون أن يحصل على ألقاب، بالرغم من توفر الفريق الوطني على خيرة اللاعبين المغاربة والمحترفين. وعلى امتداد سنوات كان الشأن الكروي في البلاد تحت وصاية شخصيات عسكرية اختارها الملك لحس الانضباط وروح المسؤولية التي يميزها، نذكر منهم: الكولونيل المهدي بلمجذوب والكولونيل ماجور الحسين الزموري والجنيرال إدريس باموس والجنيرال دوكور دارمي حسني بن سليمان، إضافة لبعض وزراء الرياضة الذين كان يعنهم الملك الحسن الثاني على رأس جهاز الكرة.

في عهد فوزي لقجع يمكن القول أن أفضل إنجاز للمغرب دوليا قد حصل في قطر خلال كأس العالم 2022، حيث أصبح أول منتخب أفريقي يصل للمربع الذهبي.

لكن ظل المنتخب عاجزا عن الظفر بكأس أمم إفريقيا، بالرغم من الميزانية الخرافية للجامعة والتي انتقلت من مليار سنتيم ونصف في عهد الجنيرال حسني بن سليمان إلى 90 مليار في عهد فوزي لقجع.

يرى كثير من المحللين الرياضيين، أن تأهل المنتخبات إلى المنافسات القارية والعالمية ليس إنجازا، لأنه لا يصل إلى مرحلة التتويج، لكن على مستوى الأندية هناك حضور قوي قبل وأثناء فترة فوزي لقجع، ما يطرح سؤالا حول سر التألق على مستوى الفرق قاريا مقابل التواضع على مستوى المنتخبات، في عهد لقجع تم تتويج الكرة المغربية بلقبين لعصبة الأبطال 2017 و2022 مع الوداد الرياضي، وحصلت الأندية المغربية على أربعة كؤوس للكونفدرالية، لقبان مع نهضة بركان ولقبان مع الرجاء الرياضي، كما توجت الكرة المغربية بثلاثة ألقاب لكأس السوبر الإفريقي للأندية، لقب مع الوداد وآخر مع الرجاء وثالث مع نهضة بركان، وفاز الرجاء الرياضي بكأس العرب ونال الجيش الملكي للإناث لقب عصبة الأبطال الأفريقية لأول مرة في تاريخ الكرة المغربية. وعلى مستوى الجوائز السنوية للكان كان للمدربين المغاربة واللاعبين والمسيرين نصيب الأسد.

لكن لماذا تصعد أنديتنا منصات التتويج الإفريقي ويغيب فريقنا الوطني عنها؟

حسب المحلل الرياضي المصري محمد عزيز، فإن من أسباب هذه المفارقة كون عناصر المنتخب المغربي غالبيتها ولدت وعاشت في أوربا، وقليلة الاستئناس بالأجواء الإفريقية، عكس اللاعبين المغاربة في الدوريات الإفريقية حيث اكتسبوا خبرة من خلال كثرة المباريات إذ يجرون أزيد من عشر مباريات في دول مختلفة.

وأضاف المحلل الرياضي المصري: "لا تنسوا أن منتخب المغرب لعب أغلب مباريات التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا في المغرب، لأن الخصوم لا يتوفرون على ملاعب معتمدة من الفيفا".

وهناك عامل ثالث رصده المحلل الرياضي، ويمكن في وجود حافز لدى اللاعب المحلي مع ناديه، وحلم الاحتراف، بينما عند لاعب المنتخب تبقى المشاركة "حنين للوطن وتكريس للانتماء".

فشلت جميع محاولات إنهاء عقدة "الكأس اليتيم"، وتم التعاقد مع مدربين لهم اختصاص إفريقي، كهيرفي رونار ووحيد خاليوزيتش وهنري ميشال، واستعانت الجامعة بمدرب مغربي حقق العديد من المكاسب الإفريقي وهو محمد فاخر، دون أن جدوى.

لكن رغم ما يقال عن تطور الكرة المغربية، إلا أن حال البطولة الوطنية يثير للشفقة، حيث تعيش أغلب الفرق المغربية تحت حزام القفر، وجلها ممنوع من انتداب اللاعبين بسبب ديونه، إذ لا يعقل أن يحصل بطل المغرب على جائزة مالية قدرها 600 مليون سنتيم، وهي تتعاقد مع لاعب واحد بأعلى من هذا الرقم.