وقال جمال فيكيكي، في كلمه له بالمناسبة باسم الهيئات المنظمة إن تنظيم هذه الندوة فرضته عدة اعتبارات من بينها اعتبار الراهنية حيث يتزامن ذلك مع الجدل القائم حول قانون الصحافة والنشر، وغيره من القوانين ذات الصلة بالعمل الصحفي وبحقل الإعلام والاتصال عموما، كما أن اختيار الموضوع فرضته بالأساس تلك العلاقة التي ظلت تربط الإعلام والاتصال بباقي الحقول المعرفية والعلمية.
من جانبه توقف عبد القادر مساعد، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة عند طبيعة الخطاب الإعلامي المتداول اليوم بالمغرب ومدى استحضاره لمبادئ حقوق الإنسان، منبها إلى ضرورة استناد المعجم اللغوي الإعلامي إلى هذه المبادئ لأن المطلوب اليوم، حسب نفس المتدخل، هو التسلح بثقافة حقوق الإنسان والانتقال من مفهوم "الصحافي العضوي" إلى مفهوم "الصحافي الموضوعي".
وارتباطا دائما بالبعد الحقوقي تساءل الإعلامي حسن اليوسفي المغاري، الباحث في الإعلام والاتصال في مداخلة له بعنوان "العمل الصحفي وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي: المساءلة القانونية والمسؤولية الأخلاقية" عن مدى قدرة المتدخلين والفاعلين في الحقل الإعلامي على أنسنة الفضاء الإعلامي وبرامج الذكاء الإصطناعي، وهل يمكن ضبط وتقييد هذا التطور المتسارع بالتقنين ومواكبته بالتشريع، كما أشار في مداخلته إلى جملة من الإكراهات التي تواجه الممارس للعمل الصحفي من قبيل معالجة المعطيات والبيانات دون السقوط في ممارسات قد تمس مثلا الحياة الخاصة للأشخاص، وكيفية التحقق من صحة المعلومات اثناء معالجتها عبر برامج الذكاء الاصطناعي.
في نفس السياق أشار عبد الصمد الجزيري، محام بهيئة المحامين الناظور- الحسيمة إلى أن الصحافة الإلكترونية أضحت تواجه عدة تحديات قانونية فيما يتعلق بموضوع الحرية والمسؤولية ومنها تلك المتعلقة بمسؤولية مدير النشر ومهامه التي لا تتناسب في صيغتها الحالية مع جوهر العمل الصحفي المبني على السبق والسرعة، هذا الى جانب التحدي المرتبط بتعدد المتدخلين في القطاع الصحافي في الوقت الذي تتجه فيه جميع القطاعات إلى صيغة "الشباك الوحيد".
واستعرض نفس المتدخل جملة من التدابير الكفيلة بتطور الصحافة الإلكترونية على المستوى التشريعي والتنظيمي تتوزع بين ما يهم توسيع نطاق الحريات وتشجيع المقاولة الإعلامية، مواكبة التطور التقني، تنظيم الإشهار، تقليص عدد المتدخلين، التكوين والتكوين المستمر ضمانا لجودة المحتوى، وتوفير الحماية القانونية للصحافيين أثناء ممارسة مهامهم.
أما سعيد خمري، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق المحمدية جامعة الحسن الثاني فأكد في مداخلة بعنوان "تطور وسائل الإعلام في المغرب الراهن: بين حرية التعبير وتقييد القانون" على أن النقاش حول الانحرافات والانزلاقات فركز على أهمية حرية الإعلام في تعزيز البناء الديمقراطي وفي بناء دولة الحق والقانون وتحقيق التنمية المرجوة في كل مجتمع، موضحا بأنه إذا كان الصحافي مطوقا بالمسؤولية أثناء أداء رسالته السامية في المجتمع فهذا لا يعني في الأصل تقييد حريته بالمطلق، وإنما لضبطها بشكل استثنائي حتى لا يتم بالمساس بحقوق وحريات الآخرين كما تنص على ذلك المواثيق الدولية وحتى القوانين الوطنية التي أصلت لحرية الصحافة.