المتيوي: نأمل أن يشكل إحداث الوكالة الجهوية للتعميروالإسكان فرصة لإنصاف شغيلة القطاع

المتيوي: نأمل أن يشكل إحداث الوكالة الجهوية للتعميروالإسكان فرصة لإنصاف شغيلة القطاع أحمد المتيوي، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للوكالات الحضرية الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب
يرى أحمد المتيوي، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للوكالات الحضرية الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، بأن الهدف من إحداث الوكالات الحضرية كان هو إعادة التوازن والنظام إلى ميدان التعمير، عبر تأطيره وضمان التحكم فيه وتوطيد أهدافه المسطرة في وثائق التعمير.
وأكد أن تأخر إخراج قانون أساسي منصف وعادل لشغيلة الوكالات الحضرية على غرار مؤسسات ووكالات متشابهة كان عقبة في وجه تطور هذه المؤسسات  وأبرز أن مشروع إحداث الوكالات الجهوية للتعمير والإسكان ينتظر منه تبني آليات حديثة للحكامة الجيدة في تدبير التراب برؤى استشرافية واستباقية تستجيب لانتظارات الشركاء المعنيين بعمل وكالات التعمير الجهوية.
 
 
ماذا استفاد المغرب من إحداث الوكالات الحضرية، وما هو تقييمك لأداء هذه المؤسسات خلال أربعين سنة من إحداثها؟
مما لا شك فيه، أن بلادنا تعتبر قطاع إعداد التراب الوطني والتعمير دعامة أساسية لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة ، وذلك من خلال الرهان الحقيقي على المجال وإيلائه العناية التي يستحقها، من خلال توفير الشروط الموضوعية لتنمية متوازنة لمجالها الجغرافي عبر التخفيف من الفوارق المجالية وكذا ضبط الاستثمارات الوطنية والأجنبية، وكذا  توزيع الثروات  وضبط النمو الديمغرافي والتخفيف من وطأة الهجرة القروية المكثفة  نحو المدن، بحيث عملت الدولة  على  خلق أقطاب اقتصادية في مختلف ربوع المملكة المغربية، من أجل التقليص من آثارها السلبية على المجالات الحضرية بالمدن: كالتوسع العمراني العشوائي، وذلك في إطار إرساء توازن شمولي ومعقلن بين المجالين الحضري والقروي. 

لقد كان الهدف من إحداث الوكالات الحضرية هو وضع بنية مؤسساتية في ميدان إعداد التراب الوطني والتعمير، عبر السعي إلى توفير تغطية شاملة للتراب الوطني بوثائق التعمير، خصوصا التوجيهية منها، وكذا إعادة هيكلة المناطق التي تعاني من نقص في التجهيزات الضرورية، وتنظيم وتنمية التجمعات السكنية المنسجمة.

وتضطلع الموارد البشرية بقطاع الوكالات الحضرية بأدوار جد مهمة تتمحور حول تنمية وتطوير التخطيط المجالي، وتنزيل التوجيهات والتصورات الكبرى للوزارة الوصية، إلا أن تأخر إخراج قانون أساسي منصف وعادل لهذه الشغيلة على غرار مؤسسات ووكالات متشابهة كان عقبة في وجه تطور هذه المؤسسات، مما أدى إلى ضياع حقوق العديد من المستخدمين والتسبب في هجرة آخرين إلى مؤسسات أخرى، بالإضافة إلى عدة عوائق عانت منها الشغيلة في هذا القطاع...وكنا دائما في الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وانسجاما مع الأدوارالمنوطة بنا كنقابة وطنية مناضلة، نترافع للذود عن مكتسبات الأطر والمستخدمين من خلال تسطير برامج نضالية والانخراط إلى جانب كل النقابات والمتدخلين في عقد لقاءات وحوارات قطاعية مع الوزارة الوصية من أجل تسوية الملفات العالقة. وقد توجت هذه النضالات بالتوقيع على اتفاق نتج عن الحوار الاجتماعي بين الوزارة الوصية والنقابات القطاعية المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بتاريخ 07 مارس 2019.

إلا أن التغييرات المتتالية في المسؤولين الوزاريين حينئذ، لم تساهم في التسريع بتنزيل مخرجات الحوار الاجتماعي القطاعي بالشكل الذي كنا نطمح له. ونأمل أن يشكل إحداث الوكالة الجهوية للتعمير والإسكان فرصة لإنصاف كافة شغيلة القطاع.    

هل ساهمت الوكالات الحضرية في تحسين جودة العيش الحضري؟
كنقابي متابع عن كثب للمجهودات المبذولة من طرف الوكالات الحضرية في ميداني التدبير الحضري والتخطيط العمراني بتنسيقٍ مع شركائها، أستطيع القول بأن التجربة السابقة قد ساهمت بشكل معتبر في تثمين المؤهلات المجالية داخل التراب الوطني، ومكنت كذلك من توفير الآليات القانونية لمواكبة الاستثمار وتقريب الخدمات من المواطنين، آخذةً بعين الاعتبار رهان التنمية المجالية كأحد أهم المرتكزات الأساسية للمشروع المجتمعي الذي انخرطت فيه بلادنا بفضل التوجيهات الملكية، والذي يضع في أولوياته الحد من الفوارق وضمان التوازن والتضامن بين المجالات، من أجل تحقيق الاندماج السوسيو اقتصادي بطريقةٍ مستدامة، ولكن كانت هناك نواقص تتعلق بالتخطيط الاستراتيجي في شموليته الجهوية دفعت إلى اتخاذ خيارات تنظيمية جديدة.

لكن على المستوى العملي هل رفعت الوكالات الحضرية من جودة المشهد الحضري والمعماري في المدن المغربية؟
من بين المهام المنوطة للوكالات الحضرية طبقا للمادة 3 من الظهير بمثابة قانون رقم 1-93-51 المؤرخ في 22 ربيع الأول 1414 (10 شتنبر 1993)، تتولى الوكالة الحضرية: تشجيع وإنجاز عمليات إصلاح القطاعات الحضرية وتجديد المباني وإعادة هيكلة الأحياء المفتقرة إلى التجهيزات الأساسية والقيام لهذه الغاية بإنجاز الدراسات وامتلاك الأراضي اللازمة لذلك. 

وفي هذا السياق فان من أولويات الوكالات الحضرية هو تحسين جودة المشهد الحضري والسهر على سلامة المباني والتحقق من مطابقتها للمقتضيات التقنية الجاري بها العمل.

 كما يجب أن نستحضر الدور الأساسي الذي لعبته هذه الوكالات في مواكبة البرنامج الوطني "مدن بدون الصفيح" الذي اعطى الملك محمد السادس الانطلاقة له في 24 يوليوز 2004. والذي يعد دفعة جديدة في مجال مكافحة السكن الصفيحي والذي أصبح من بين اهم الاولويات الوطنية. هذا البرنامج الذي يمثل محورا استراتيجيا للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومكونا اساسيا للتأهيل الحضري وورشا كبيرا للتنمية المستدامة، يعتمد مقاربة تشاركية تدمج جميع الشركاء على المستوى المحلي والمركزي فضلا عن الساكنة المستهدفة.

كما أن الوكالات الحضرية تعتبر من أبرز المتدخلين العموميين على المستوى اللامركزي، في مجال تدعيم الاقتصاد المحلي والجهوي باعتباره مدخلا أساسيا لصناعة التنمية الوطنية الشاملة، حيث تتجلى أهم تدخلاتها على هذا المستوى في تسريع ودراسة مختلف الطلبات الاستثمارية، بالإضافة الى تعبئة الوعاء العقاري عبر دراسته وتحديد وضعيته وأيضا تهيئته، حتى يصبح عاملا مستقطبا لمختلف الاستثمارات.

ما هي القيمة المضافة التي حملتها هذه الأجهزة التقنية الموضوعة رهن إشارة السلطة العمومية لضبط التعمير والعمران؟
في تقديري الخاص، شكلت الوكالات الحضرية البنية الهادفة إلى تحقيق نوع من التوازن والتوافق والانسجام بين مجموعة من الأطراف والعلاقات سواء على المستوى الداخلي لها، أو على المستوى الخارجي والمرتبط أساسا بالمحيط البيئي لهذه الإدارة، وهي مستويات تساهم بتأثيرات عدة على أداءها بشكل مستمر. ومن تم فإن مهمة الإدارة هي في غاية الصعوبة والتعقيد نظرا لارتباطها بمجموعة من العلاقات التي قد تؤثر على أدائها، وكذا قدرتها على الاستمرار والبقاء. فأهداف ورغبات هذه الأطراف تبدو في كل الظروف متباعدة ومتعارضة أحيانا، والإدارة إزاء هذا الواقع تعمل على تحقيق التوازن بين أهدافها وأهداف هذه الأطراف. فالوكالات الحضرية تعتبر مؤسسة مركزية تلتقي فيه مجموع هذه المصالح المتضاربة والمتشابكة إذ نجد أن: المنعشين العقاريين الذين يهدفون إلى تحقيق الربح في إطار استثماراتهم، والطبقات المتوسطة والفقيرة والتي لا تبحث سوى عن السكن والعيش الكريم، والسلطات العمومية التي تهدف إلى تحقيق التوازن والاستقرار الذي يعتبر من الأساسات الضرورة لكل تنمية مستدامة.

كما تلعب الوكالات الحضرية دور المساعد التقني للجماعات المحلية وكذا جميع المتدخلين العموميين والخواص في قطاع الإسكان والتعمير وطنيا ومحليا.

تستعد الحكومة للتخلي عن الوكالات الحضرية على صعيد كل إقليم، وتعويضها بإحداث 12 وكالة حضرية وفق التقسيم الجهوي، ما الهدف من ذلك وما هو المغزى من إحداث هذه الوكالات وفق التقسيم الجهوي؟ أم أن الامر لا يغدو أن يكون رياضة وطنية تمارسها الحكومات في إطار اللعب بالمؤسسات وكل حكومة تحاول وضع بصمتها بالشكل الذي تريده؟ 
إن قرار إحداث 12 وكالة جهوية للتعمير والإسكان عوضا عن الوكالات الحضرية الحالية يأتي في إطار تنزيل سياسة جديدة الدولة في مجالات إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة.

وبناء على المذكرة التقديمية لمشروع القانون المتعلق بإحداث الوكالات الجهوية للتعمير والإسكان، يأتي هذا المشروع تنفيذا للتعليمات الملكية بمناسبة خطاب العرش بتاريخ 29 يوليوز 2020 والذي أكد فيه الملك بضرورة الإسراع بإطلاق إصلاح عميق للقطاع العام، ومعالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والمقاولات العمومية، قصد تحقيق أكبر قدر من التكامل والانسجام في مهامها.

كما تجدر الإشارة إلى أن مشروع إحداث وكالات جهوية للتعمير يأتي في إطار تنزيل الجهوية المتقدمة كاستراتيجية وتفعيلا للتوصيات المنبثقة عن الحوار الوطني الذي نظمته وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة السنة الماضية سنة 2023، بمختلف جهات المملكة حول التعمير والإسكان، بخصوص إعادة تموقع الوكالات الحضرية.

ومن وجهة نظر نقابية، وانطلاقا من وعي النقابة الوطنية للوكالات الحضرية المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، بدقة وتعقيدات اللحظة التي يعيشها أطر ومستخدمي الوكالات الحضرية بالمغرب، والتي تتميز بالشك والترقب من مآلها داخل   هذه المؤسسة الجديدة، فإننا ننتظر من الوزارة الوصية تنظيم حوارات اجتماعية قطاعية جادة ومسؤولة، باعتبارها الآلية الأنجع لضبط وتنظيم العلاقات المهنية، وتجنب التوترات الاجتماعية وصولا إلى تعاقدات ترقى بالأوضاع الاجتماعية والمهنية والمادية والمعنوية للمستخدمين  إلى ما هو أحسن.

ما هي الثمار التي سيجنيها المواطن والمدن المغربية من إحداث هذه الوكالات الجهوية؟
ينتظر من مشروع إحداث الوكالات الجهوية للتعمير والإسكان تبني آليات حديثة للحكامة الجيدة في تدبير التراب قوامها التخطيط الاستراتيجي الذي يعتمد المقاربة التشاركية مع جميع المتدخلين، ونهج مقاربات أفقية وتلقائية برؤى استشرافية واستباقية تستجيب لانتظارات الشركاء المعنيين بعمل وكالات التعمير الجهوية.

كما أن المشروع يأمل المساهمة في تحقيق رهان إنجاح تنزيل ورش الجهوية المتقدمة وتنزيل البرامج والمخططات التنموية الاستراتيجية الكبرى للدولة على الصعيد الجهوي مثل النموذج التنموي الجديد والميثاق الوطني للاستثمار، والبرامج القطاعية الأخرى في مجال (السكن، السياحة، الصناعة، الفلاحة ...) لتحسين حاجيات المواطن اليومية.
وانطلاقاً من هذا الإطار، وانسجاماً مع التغيرات والتحولات الكبرى التي تعرفها بلادنا، فإن الوكالات الجهوية تتوخى المساهمة الفعالة والناجعة في إنعاش حركة الاستثمار وتسريع عجلة التنمية، وذلك بالانخراط بكل جديةٍ في تتبع التحولات المجالية والاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المجال الترابي الوطني، وذلك عبر توفير كل الآليات المساعدة على تنميته وكل الإجراءات المصاحبة لدعم تنفيذ مختلف المشاريع التنموية.

ونحن كنقابة مواطنة سنسعى للتفاعل الإيجابي مع هذا الإصلاح الهيكلي، مع ضرورة التفاوض المسؤول مع الوزارة الوصية لتحصين مكتسبات الشغيلة وتحسين أوضاعها المادية والاعتبارية وضمان مسارات مهنية طبيعية لضمان عدم تكرار النواقص الكبيرة التي شابت الأنظمة الأساسية المؤقتة للوكالات الحضرية السابقة.