إذ تكمن أهميتها في عملية التقويم من خلال طرح الإنتقادات البناءة وتقديم التوجيهات والتقدم بالمقترحات وإبداء النصح والهدف نبيل بطبيعة الحال بغية إيجاد الحلول للأزمات والمساهمة في تدليل التحديات التي قد تواجه المجالس المنتخبة وكذا المؤسسات الحاكمة.
وعليه ، فالمعارضة سياسيا تقوم فلسفتها على تقبل الرأي الآخر باعتباره حقا مشروعا والمعارضة هنا ليست ممانعة واعتراض ومواجهة وما يدخل تحت يافطة كل الأشكال الإحتجاجية التي يبيحها القانون طبعا.
ولكي تلعب المعارضة دورها المنوط بها واجب على من يتقلد مهامها تجنب ما يسم صورتها بالعدمية بشتى أنواع السطحية والنرجسية والإكتفاء باستعراض النقد من أجل النقد ليس إلا .
إن ما يؤشر على وجود معارضة حقيقية هو ما تؤديه من أدوار داخل هذا المجلس أو ذاك ، في انسجام تام مع الضوابط القانونية وكذا الأخلاقية في منأى عن ممارسة البوليميك المضلل وبعيدا عن التشنجات والصراعات سواء فردية كانت أو جماعية كما هو واجب على أي معارضة أن تكون مستقلة منسجمة هادفة وخلاقة وألا تشوبها شائبة من أمراض التحكم و أسقام التبعية وألا تكون رهينة حسابات ذاتية وألا تكون دمية تحركها أزرار ضمير الغائب لغرض في نفس من يتحكمون في التيليكوماااوند عن بعد .
إن دور المعارضة له مكانة هامة ورفيعة وإلا ما كان على المشرع إفراد بنود هامة ومساحة قانونية واسعة أكسبتها مكانة و شرعية ، هذه الشرعية والقوة تترجمها قوة أدوارها ومفعول آثارها لاسيما وأن مقتضيات القانون التنظيمي للجماعات المغربية فوض لها صلاحية الرقابة على عمليات تنفيذ مقررات المجلس الجماعي ومداولاته وكل ما يتعلق بتدبير شؤون الجماعة .
إن قوة فريق المعارضة تظهر من خلال القدرة على التفاوض والترافع والمحاججة وبسط المقترحات الهادفة الرامية إلى تعزيز مسلسل التنمية والنماء وهي مكملة لأدوار الأغلبية ويصبان معا في صالح الساكنة والمجال .
إن قوة المعارضة تترجم بفضل القوة الإقتراحية وما تقدمه من دراسات خلال كل دورة عادية كانت أو استثنائية لأن الساكنة لها انتظارات من خلال ما ينجز أمام ناظريها من مشاريع وبرامج تنموية بإحداث وتدبير المرافق والتجهيزات التابعة لها وتقديم خدمات القرب للساكنة في العديد من المجالات كتوزيع الماء الصالح للشرب والإمداد الكهربائي والنقل العمومي والتطهير وغيرها من الواجبات والضروريات الملقاة على عاتق المجالس المنتخبة معية كل الجهات المسؤولة طبعا .
وإن كان مدلول المعارضة يحيلنا إلى مجموعة من المعاني والدلالات؛ كالممانعة والاعتراض والاحتجاج والمواجهة… بينما يدل في الاصطلاح السياسي على الحق الجماعي في تقويم ومناقشة سلوك السلطة السياسية في إطار التعاون المشترك في التدبير والتسيير بين الأغلبية التي تتحكم في مقود المسؤولية والتسيير وبين صف المعارضة هذه المعارضة التي واجب عليها ألا تذخر جهدا في إبداء النصح وتنقية الطريق أمام المجلس برمته .
إن المعارضة هي أعين تلتقط ما لا تصل إليه أعين السائق في الجوانب الأخرى و تساعد في إنارة المسلك نحو تحقيق أهداف الساكنة لذا تقوم فلسفتها على تقبل الرأي الآخر باعتباره حقا مشروعا.
إن المعارضة لا تعني أنها فقط تسعى الى تعطيل وفرملة كل قرارات المجالس المسيرة، بل هي وسيلة تساعد على التدبير الجيد للشأن العام المحلي وكآلية للمراقبة، وكتوجه مغاير ويقترح بدائل وحلول للمشاكل التنموية التي يتم التداول في شانها.
فدور المعارضة يحتم عليها التحلى بالرزانة السياسية وكونها قوة اقتراحية وإسداء النصح والعمل على إيجاد حلول موضوعية وتحمل المسؤولية المدنية والأخلاقية والتاريخية أمام الساكنة رغم اختلاف الرؤى والأطروحات مع الأغلبية.
وهنا نكون فعلا أمام المعارضة المخلصة وليست معارضة إنا عكسنا ومعارضة العصى في الرويدة ...
والإخلاص هنا هو إخلاص لنفس المصالح والمبادئ الأساسية التي على السلطة الماسكة بدفة التسيير التحلي بها والذوذ عليها .
إن المعارضة المخلصة تكون شرعية وبناءة وإن حصل انقلاب على مستوى هذه الأهداف والقيم من لدن الماسكين بزمام الأمور في إطار الأغلبية المسيرة فهذا لا يمنع المعارضة بالتشبت بكل القيم والعض على المبادئ والقناعات وألا تسقط في بحر العبث والرعونة والكيل بمكيالين ...
إن حصلت أي ردة من الماسكين بزمام الأمور فهذا ليس مبررا لتتهاوى المعارضة في نفس المستنقع الضحل ...
إن حصل وزاغت سكة قطار الحاكمين والمسيرين سواء بحسن نية أو بنوايا مبيتة فالفرصة ذهبية تلك سنحت للمعارضة بالتميز والترفع والسمو ...
هي فرصتها "باااش تبين حنت يديها "
إن فشل السائقون فالمعول عليه هم المعارضون.