في عصر الرقمنة.. استمرار تزايد استعمال "الكاش" في المغرب

في عصر الرقمنة.. استمرار تزايد استعمال "الكاش" في المغرب كريم الزيتوني، رئيس مجموعة سيسباي SISPAY المغربية
في عالم يتحول إلى الرقمنة بشكل متزايد، لا يزال استعمال النقد أو "الكاش" يلعب دورًا مهمًا. في الواقع، لا يزال النقد هو الوسيلة الأكثر استخدامًا للدفع في العالم. بالرغم من أن  وسائل الدفع الرقمية تتمتع بتطور استثنائي، ومع ذلك فإن التعامل ب"الكاش" يقاوم ولايزال يمضي في منحى تصاعدي.

في عام 2023 ، لا يزال يمثل في العالم 80٪ من المعاملات من حيث الحجم و 60٪ من حيث القيمة. لا أحد محصن من استعمال النقد، سواء الدول الكبرى أو الأكثر تقدمًا، كلهم ​​يتعرضون للنقد كواقع متزايد.

جولة بسيطة في الأسواق والمتاجر المغربية، تكشف انتشار استعمال النقد للأداء. ولا يكاد المرء يجد أجهزة للدفع الإلكتروني، إلا في الأسواق الكبرى ومحطات الوقود وبعض المحلات. أما تجار الأسواق الشعبية والحرفيون، فأغلبهم يتعامل بالـ "كاش".
وتكشف معطيات حديثة للبنك الدولي وبنك المغرب وستاتيستا Statista الأرقام التالية:

انظر الجدول جانبا (الصورة)
 
لماذا ارتفاع استعمال التداول النقدي؟
أوضح كريم الزيتوني، رئيس مجموعة سيسباي SISPAY المغربية في  تصريح ل "أنفاس بريس"، أن ذلك يعود إلى الأسباب التالية: باعتبار أن النقد هو وسيلة دفع بسيطة وسهلة الاستخدام، يمكن استخدامه لشراء أي سلع أو خدمات دون الحاجة إلى حساب مصرفي أو بطاقة دفع بنكية. ولأنه وسيلة دفع مجهولة الهوية. كما أن المعاملات النقدية لا تترك أي أثر، مما قد يكون ميزة لبعض الأشخاص. ولأن النقد  وسيلة دفع آمنة. من الصعب تزوير الأوراق النقدية أو العملات المعدنية.

مهما كانت الأسباب وراء التداول والنمو المتزايد لاستعمال "الكاش"، فإن وسائل الأداء الرقميّة في الوقت الراهن لن تحل محلّه ولكنها تقدّم بديلًا ضعيفا وأقل جاذبية.

وتابع كريم الزيتوني بالقول أن  الأداء الرقمي اليوم يواجه العوائق  التالية: يتطلب استعمال وسائل الأداء الإلكتروني اللجوء  إلى عملية KYC ( Know Your Customer  اعرف زبونك). هذا يمثل عنصرًا من عناصر معيقات الأداء الإلكتروني، خاصة في بعض البلدان التي تعتمد على المستندات الورقية والتوقيع اليدوي.

جميع المعاملات الإلكترونية يتم تتبعها واقتفاء أثرها بوضوح، مما يمثل عاملًا نفسيا في تعثر اعتماد الأداء الإلكتروني.
عدم إمكانية استخدام المعاملات الإلكترونية للدفع في كل مكان، بسبب عدم وجود بنية تحتية كافية تجعل هذه العمليات ممكنة. مثل عدم توفر امكانيات الاتصال بالويفي أو ال4G، وعدم وجود أجهزة نقاط البيع التي تسمح بهذه الأنواع من العمليات. أو ببساطة، في العديد من البلدان، لا تزال البنية التحتية للدفع الإلكترونيّ غير كافية لتغطية جغرافية شاملة للبلد حتى يتمكن الجميع من الدفع بسهولة وبصورة رقمية.

ارتفاع تكلفة الدفع الرقميّ مقارنة بالدفع النقديّ. يمكن أن تكون المدفوعات الإلكترونية مكلفة بشكل خاص بالنسبة للتجار مقابل تقريبًا لا توجد تكلفة للنقدي، خاصة بسبب رسوم المعاملة.

إذن كل هذه العوامل تمنع وتبطئ التغيير والانتقال من استعمال النقد إلى الأداء الإلكترونيّ.
من جهة أخرى، يوضح كريم الزيتوني، فالأداء الإلكتروني  هو فرصة للدولة لأنه سيسمح لها بتتبع المعاملات وتوسيع مداخيلها على ناتج المعاملات التجارية. كما أنه فرصة كبيرة للبنوك، لأنها تربح أكثر من الأداء الإلكترونيّ مقارنة مع استعمال النقد وبأقل تكلفة.

يستثمر الفاعلان اللذان يكسبان أكثر في حالة الأداء الرقمي بحجم قليل جدا لتشجيع هذا التغيير وتحقيق الانتقال بسرعة وفعالية كبرى.

عند استعمال الدفع الرقمي يفقد المستخدم النهائيّ المرونة وبعض المزايا ومع ذلك، لا أحد يشجعه على التحول إلى النظام الجديد. لذلك فهو غير مهتم حقًا.

اما التاجر فهو خاسر في هذ التحول الرقمي على جميع المستويات. لذلك فهو يقاوم ذلك ويحاول الحفاظ على هذا الوضع الذي لا يفيده بأي شكل من الأشكال.

في النهاية، خلال الانتقال من النقد إلى نظام الدفع الإلكتروني، تربح الدولة، تربح البنوك، يدفع الزبون في جميع الحالات، والتاجر يعتقد أنه الخاسر.

لب المشكل وأساسه أنه يُنظر إلى نظام الدفع الإلكترونيّ على أنه حل من حلول الفينتيك Fintech. التي يجب على المستعمل أن يدفع مقابل الاستفادة منه. بينما الحقيقة مختلفة تماما. وسائل الدفع هي كما يوحي اسمها وسائل لتبادل وشراء السلع والخدمات ولا يجب أن تكون بأي حال من الأحوال مكلفة لأي طرف أو باهظة الثمن من حيث التكلفة الاقتصادية مقارنة باستخدامها.

لا يدفع التجار والعملاء اليوم رسومًا مقابل شراء السلع والخدمات نقدًا، ولا حتى يُطلب منهم تقديم أسمائهم أو التوقيت الذي يستخدمون فيه أموالهم. هذا ما يجعل النقد جذابًا جدًا وسيظل كذلك طالما لم يتم تقديم وسيلة دفع إلكترونيّة حقيقيّة.

زيادة على أنه طالما التتبع والتعريف مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالأداء الإلكتروني، فلن يكون هناك نظاما يستخدم 100% الأداء الإلكترونيّ.