عبد الرفيع حمضي: حقوق الإنسان..  دارها الماروك

عبد الرفيع حمضي: حقوق الإنسان..  دارها الماروك عبد الرفيع حمضي
اليوم  الأربعاء 10 يناير 2024 بنواكشوط منذ الصباح، وأنا من لحظة لأخرى أتحسس هاتفي وانتظر الخبر من أصدقائي المتابعين بكل من جنيف، الرباط وباريس، خاصة وأن الساعة  مضبوطة هنا  على غرينتش GMT وهناك ساعة إضافية.وفي كل إطلالة على شاشة الهاتف، لا خبر .
أعرف أن اليوم ، يوم الحسم بقصر الأمم المتحدة بجنيف  .
فلعدة شهور والآلة تتحرك من سيترأس مجلس حقوق الإنسان سنة 2024 ؟بعد نهاية ولاية جمهورية التشيك وجاهزية  السفير فاتسلاف باليك لتسليم المشعل  للرئاسة الجديدة .
منذ شهور والمعركة  قائمة في الكواليس أحيانا ووجها لوجه مرات عديدة .
فالمقعد واحد والمرشحان اثنان  المغرب وجنوب إفريقيا هذه قواعد العملية منذ إحداث هذا المجلس سنة 2006..
وهذا البلد الثالث ما محله من الإعراب فالجزائر صحيح أنها عضو بهذه الهيئة لكنها بلد غير مرشح، والجامعة العربية ساندت ترشيح المغرب وعلى الجزائر الامتثال.
فقد يتساءل البعض لماذا جعلت جارتنا الشرقية من هذه المناسبة معركة وجود ؟ لماذا سخرت  ديبلوماسيتها وإمكانياتها واستعملت كل الوسائل لها ؟ أو إن الهدف  يبرر الوسيلة حتى يبقى نيتشه على خاطره .
أليس الأمر كله عملية تقنية صرفة؟ وانتخاب لمدة سنة فقط؟ أم أن الأشقاء في الجزائر يعلمون أن الأمر يتجاوز المقعد ومدة الولاية والمحطة الانتخابية فالشأن جلل إنه ولاية حضارية .
سنة سيكون فيها المغرب البلد المغاربي الإسلامي الإفريقي المتوسطي الأطلسي يشرف على جهاز أممي يسمى مجلس حقوق الإنسان له تفويض من الجمعية العامة للأمم المتحدة التي  أناطت به صلاحية مناقشة كل قضايا ومواضيع حقوق الإنسان، بهدف تعزيزها وحمايتها في كافة أنحاء العالم. 
الجزائر وباقي الدول يعلمون أن  رئاسة هذه الهيئة ليست بداية السلم في مجال حقوق الإنسان بل تتويج لمسار طويل تدافعت فيه قوى مجتمعية ومؤسساتية وتعارضت فيه مصالح، مسار أغلقت  فيه سجون وأنصف فيه ضحايا وكشفت فيه حقائق وتصالحت فيه أجيال وصدر فيه دستور جديد وأحدثت محاكم ومؤسسات جديدة  وأطلق ورش الحماية الاجتماعية ولازال الطريق  أمامنا ……
الجزائر المزهوة بمقعدها في مجلس الأمن سنة 2024 والعازمة على خلق المتاعب.تعلم اهمية رئاسة مجلس حقوق الإنسان ولهذا كم كانت تمني النفس بالبلد الخصم  جنوب إفريقيا حتى أصبحتا وجهان لهزيمة  واحدة .
أعود إلى نواكشوط وبالضبط إلى قصر المؤتمرات الدولية الرائع هندسة وتجهيزا  "المرابطون"  في انتظار إنطلاق أشغال الجلسة الثانية للمؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم  بحضور السيدة الأولى لدولة غامبيا  فاطمة - با- بارو -كنت واقفا مع عدد من المشاركين من دول مختلفة عندما رن الهاتف وجاء الصوت من هناك .30 دولة  صوتت لفائدة المغرب  و17 لجنوب أفريقيا والهزيمة للجزائر.  
شاع الخبر وسط المشاركين والمشاركات وكان صديق لي موريتاني مقيم بباريس اول المهنئين ،والسرور على محياه باديا.بعده عانقني جامعي من جامعة الزيتونة بتونس وهذا من جزر القمر والآخر من مصر. 
وهذه  Mimouna Ba  من بوركينا فاسو إحدى الخمسة الفائزات بجائزة الأمم المتحدة للنشطاء الشباب في 2023  تهنئ ومسرورة بفوزالمغرب وهي التي لم تزره سابقا ولاتعرف عليه إلا القليل .لكن إنها  ماما أفريقيا . 
بجانبي كان صديق من باماكو  سبق أن التقيته بالمغرب وآخر من علماء السنغال 
ومعهم أمام جزائري في الستين من عمره.قال السنغالي وهو أحد موردي سيدي احمد التيجاني  Mabrouk mon frère على فوز المغرب برئاسة مجلس حقوق الإنسان فابتسم المالي مهنئا لأنه لم يكن يعلم  بالخبر.في حين انسحب الإمام الجزائري مهرولا ووجهه مكفهر وهو يتمتم "داروها الماروك "متناسيا كل ما ورد في القرءان  الكريم والسنة النبوية و أثر الأمة عن الأخوة في الدين وعن الجار الذي كاد أن يشمله الإرث.
عدت إلى مقعدي بعدما شرعت الوزيرة صفية بنت انتهاه تلقي مداخلتها معلنة انطلاق الأشغال .