من المعروف تاريخيا انه بعد "فتح/غزو" شمال غرب افريقيا والذي دام 70 سنة (وهي نفس المدة التي فتحت فيها أغلب المناطق الواسعة الممتدة من مصر الى الشام والعراق وإيران ..)، لم يدم الحكم الأموي في المغرب ( المغرب فتحه/غزاه الأمويون) إلا 40 سنة،حيث ثار المغاربة وهزموا الأمويين في معركتين فاصلتين هما معركة الأشراف (122ه) قرب طنجة،ومعركة بقدورة(123) قرب فاس. ومنذ ذلك التاريخ أصبح المغرب مستقلا بممالكة وامبراطورياته التي حكمت شمال غرب إفريقيا والأندلس ( إمارة مغراوة، إمارة سجلماسة، دولة الأدارسة، دولة بورغواطة عاصرت دولة الأدارسة وقضى عليها المرابطون، وبعد ذلك الإمبراطوريات الكبرى.المرابطون، الموحدون ...).
الإمبراطورية الثانية التي حاولت احتلال المغرب هي إمبراطورية العثمانيين التي امتدت حدودها من تركيا إلى أوروبا الشرقية شمالا، وجنوبا أغلب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا باستثناء المغرب، حيث حاولت هذه الإمبراطورية الإسلامية الدخول إليه لكن المغاربة هزموها في عهد السعديين في معركة وادي اللبن، المشهورة شر هزيمة، لم تفكر بعدها أبدا في احتلال المغرب.
أما الإحتلال الفرنسي والذي دخل باسم الحماية فلم يدم بدوره سوى 46 عاما ثم خرج مدحورا.
وبعد الإستقلال، وبسبب نخبه المتأثرة بالمشروع الثقافي والسياسي الشرق الأوسطي، بقي المغرب متذبذبا ومتأرجحا بين البقاء في شرنقة هذا الشرق وايديولوجياته السياسية وبين الرجوع إلى هويته الثقافية والحضارية الأمازيغية لمدة 46 سنة (1956- 2000)، إلى أن حسم أمره ابتداء من 2000 اي ما نسميه ببداية العهد الجديد بالرجوع رسميا إلى هويته الثقافية والحضارية، فحقق برجوعه هذا الكثير من المنجزات، من ابرزها العودة إلى القيادة وتبوئ مركزه ودوره التاريخي في قيادته لمنطقة غرب افريقيا والسودان الإفريقي الذي يعتبر عمقه التاريخي والإقتصادي والديني..
وهذا هو قدر المغرب، فكلما رجع إلى ذاته وإلى هويته الأمازيغية تقوى، و اصبح فاعلا أساسيا في افريقيا، (بعد ان تم تقزيم دوره بعد الإستقلال ليكون ذيلا تابعا للمشرق هوية وحضارة) ، هذه الدينامية الإفريقية هي ما يخيف الجيران، لأن الدينامية مظهر للزعامة، والزعامة مظهر لعودة هذا البلد إلى دوره التاريخي ليصبح قوة إقليمية فاعلة كما كان عبر سابقا، وما محاولتهم تقسيم المغرب إلا لعلمهم اليقين أن تقسيمه هو تقزيما له وفرملة لدوره الريادي والتاريخي والحضاري.
إذن ، فمظاهر رجوع المغرب إلى المرجعية الثقافية والحضارة المغربية بصلبها الأمازيغي هي عودة إلى أصله وقدره؛ وقدرنا -نحن المغاربة- أن نكون أحرارا أي أمازيغ، وقادة فاعلين في الجغرافيا وفي التاريخ.