عندما تنكث الوزارة بعهودها ومواثيقها... هل تبقي فرصة لبناء الثقة وإبداء حسن النية؟؟؟
سؤال لوزارة التربية الوطنية... ولشركائها الاجتماعيين: في ظل أي نظام أو قانون يعمل اليوم مئات الآلاف من موظفي الوزارة؟؟؟
قبل الخوض في مدى قانونية قرارات التوقيفات التي نزلتمن. صباح الأمس ولازالت تنزل هذا اليوم على رؤوس العشرات من الأستاذات والأساتذة... تعالوا نبدأ من البداية... والبداية من القانون/النظام الذي يعمل في ظلهم مئات الآلاف من الأساتذة.. جميعنا يعلم أن هناك نظام أساسي يحكم أسرة التعليم وينظم اشتغالها.. وجميعنا يعلم أن هذا النظام تم تعديله بنظام أساسي جديد صدر يوم 5 أكتوبر 2023.. وبعد احتجاجات الشغيلة و نقاباتها التعليمية تم التوقيع على اتفاق بتجويده.. قبل أن يتم توقيع اتفاق آخر يوم 26 دجنبر 2023 باستنساخه... وفي انتظار ذلك تم توقيف العمل به وبمواده إلى حين استنساخه أو تجويده أو حتى تعديله.. وفي انتظار ذلك المفروض ومن الناحية القانوية الاستمرار في العمل بالنظام الأساسي القديم.. نظام 2003، وأن يستمر تطبيق النظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين على الأساتذة المفروض عليهم التعاقد، مادام أن النظام الأساسي الذي غير من وضعيتهم مجمد وتم تجميد العمل بهم فوضعيتهم لازالت كما هي وعليه فهم لم يلتحقوا بعد بالوظيفة العمومية والمفروض أن يلتحقوا بها بعد خروج النظام الأساسي الجديد.. وأمام هذا الأمر فمن حق أي متتبع أن يتساءل عن مدى شرعية وقانونية قرارات التوقيف التي توصل بها العشرات من الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد أو أطر الأكاديميات كما تحب الوزارة أن تسميهم؟ فبأي حق وتحت أي قانون يتم توقيفهم بالاستناد على قانون الوظيفة العمومية وهم لم يلتحقوا بعد بهذه الوظيفة؟؟
ونفس الأمر يصدق على الأساتذة موظفي الوزارة الذين صدرت في حقهم هم كذلك قرارات التوقيف استنادا على قانون الوظيفة العمومية والحال أن لديهم نظام أساسي يحكم بينهم والقانون الذي يفصل بينهم وبين الإدارة، نظام لا يمكن إلغاؤه إلا بنظام جديد أو مرسوم جديد وهو ما لم يقع... وهنا من حقنا أن نسأل هل نحن أمام شطط في استعمال السلطة؟؟ شطط جرى ووقع تحت بصر وسمع النقابات التعليمية مادامت كانت في اجتماع مطول مع الوزارة بينما قرارات التوقيف تتهاطل على رؤوس الأساتذة وبعد هذه البداية.. ننتقل لقراءة في الفصل "الثالث والسبعين" للنظام الأساسي للوظيفة العمومية والذي يقول بالحرف:
"إذا ارتكب أحد الموظفين هفوة خطيرة سواء كان الأمر يتعلق بإخلال في التزاماته المهنية أم بجنحة ماسة بالحق العام فإنه يوقف حالا من طرف السلطة التي لها حق التأديب.
والمقرر الصادر بتوقيف الموظف يجب إما أن ينص على أن المعني بالأمر يحتفظ بمرتبه طيلة مدة توقيفه وإما أن يحدد قدر ما سيتحمله من الاقتطاع، وتستثنى من ذلك التعويضات العائلية التي يظل المعني بالأمر يتقاضاها بأكملها.
وفي حالة التوقيف يجب استدعاء المجلس التأديبي في أقرب أجل ممكن كما يجب أن تسوى نهائيا حالة الموظف الموقف في أجل أربعة أشهر ابتداء من اليوم الذي جرى فيه العمل بالتوقيف. وإن لم يصدر أي مقرر عند انتهاء هذا الأجل فإن الموظف يتقاضى من جديد مرتبه بأكمله.
وللموظف المعني بالأمر الحق في استرجاع المبالغ المقتطعة من مرتبه إن لم تصدر عليه أية عقوبة غير الإنذار والتوبيخ والتشطيب من لائحة الترقية أو إن لم يقع البت في قضيته عند انتهاء الأجل المحدد في الفقرة السالفة.
غير أن الموظف إذا أجريت عليه متابعات جنائية، فإن حالته لا تسوى نهائيا إلا بعد أن يصير الحكم الصادر عليه من المحكمة التي رفعت لها القضية، نهائيا. ولا تطبق في هذه الحالة مقتضيات الفقرة الثالثة أعلاه الخاصة بالأجل المعين لإعادة الراتب بأكمله إلى الموظف."
الفصل إذن يتحدث عن "هفوة خطيرة" وعن "اخلال بالتزامات مهنية" وعن "جنحة ماسة بالحق العام" و قرارات التوقيف التي توصل بها العشرات من الأساتذة تقول لارتكاب هؤلاء الأساتذة ل" هفوة خطيرة وإخلال بالتزامات مهنية" وتوضح هذا الأمر بـ:
⁃ عدم الالتزام بأداء المهام الوظيفية والتعليمية
⁃ الانقطاع المتكرر عن العمل بصفة غير مشروعة مما حرم التلاميذ من حقهم في تدريس قار ومستمر
⁃ التحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي على القيام بالتوقفات المتكررة عن العمل
⁃ عدم التقيد بقيم وأخلاقيات المهنة وفقا الضوابط المعمول بها في منطومة التربية والتكوين
قبل القيام بقراءة في هذا القرار وما تم البناء عليه لإصدار قرارات التوقيف هذه، نعود لأسمى قانون في البلاد، الدستور المغربي والذي ينص الفصل 29 منه على أن “حق الإضراب مضمون، ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته"... فبمنطوق الدستور يبقى الإضراب حق مشروع بل وحق مضمون.. وجميعنا متتبعين وغير متتبعين، مهتمين وغير مهتمين، جميعنا كمواطنات ومواطنين نعلم علم اليقين أن الشغيلة التعليمية بصفة عامة والسادة الأساتذة بصفة خاصة يخوضون منذ حوالي ثلاثة أشهر إضرابات احتجاجية ومطلبية، إضرابات يعلنون عنها سواء عبر نقاباتهم أو تنسيقياتهم، جميع المغاربة وبلا استثناء يعلمون هذا الأمر علم اليقين مادام هو حديث كل الأسر وكل أجهزة الإعلام باختلاف أنواعها، فكيف تسمح وزارة التربية الوطنية أن تكذب على نفسها وعلى أساتذتها وعلى موظفيها وعلى عموم المواطنات والمواطنبن بالقول أن هؤلاء الأساتذة المضربين كانوا متغيبين عن العمل؟؟ كيف تسمح لنفسها بهذا الأمر ثم تطالب الجميع بإبداء حسن النية بل وبالثقة في مواثيقها وتعهداتها.. أبعد هذا الكذب والتلفيق سيبقى مجالا للثقة ولإبداء حسن النية؟؟
وعلى فرض أن الأساتذة الموقوفين لم يكونوا مضربين بل كانوا متغيبين.. هل يمكن توقيفهم عن العمل دون اتباع المسطرة القانونية في حق المتغيبين وهو ما يوضحه فالفصل 75 مكرر من النظام الأساسب للوظيفة العمومية والذي ينص على أن الموظف الذي يتعمد الانقطاع عن عمله، يعتبر في حالة ترك الوظيفة ويعد حينئذ كما لو تخلى عن الضمانات التأديبية، غير أنه لا يمكن تفعيل الإجراءات الزجرية المرتبطة بمسطرة ترك الوظيفة إلا بعد توجيه إنذار للموظف لمطالبته باستئناف عمله، يتم تذكيره فيه بالإجراءات التي سيتعرض لها في حالة عدم استئنافه لعمله داخل أجل سبعة أيام ابتداء من تاريخ الإنذار... فهل تم إنذار هؤلاء الأساتذة؟؟ حتى نتمكن الإدارة من التحقق من إرادة الموظف في شأن التشبث بمنصبه أو التخلي عنه... والإنذار من المنطقي أن يفرز ثلاث حالات:
1 – حالة الموظف الذي يلتحق بالعمل داخل الأجل القانوني بعد تسلم الإنذار:
ينبغي في هذه الحالة تفعيل مسطرة الاقتطاعات من الأجور وعرض المعني بالأمر، عند الاقتضاء، على المجلس التأديبي؛
2 – حالة الموظف الذي لا يستأنف عمله بعد انصرام أجل سبعة أيام رغم توصله برسالة الإنذار:
لرئيس الإدارة في هذه الحالة صلاحية إصدار عقوبة العزل من غير توقيف الحق في المعاش أو العزل المصحوب بتوقيف الحق في المعاش، وذلك مباشرة وبدون استشارة المجلس التأديبي.
3 – حالة تعذر تبليغ الإنذار للموظف الموجود في حالة ترك الوظيفة:
يأمر رئيس الإدارة فورا بإيقاف أجرة الموظف المؤاخذ بترك الوظيفة بموجب أمر بإيقاف الأجرة يصاغ طبقا للنموذج رقم 2 رفقته. وينبغي التمييز هنا بين وضعيتين:
أ – إذا استأنف الموظف المعني بالأمر عمله داخل أجل ستين (60) يوما المذكور أعلاه، وجب عرض ملفه على المجلس التأديبي. ولا يمكن في هذه الحالة إصدار الأمر باستئناف صرف الأجرة إلا بعد البت في حالة المعني بالأمر من طرف المجلس التأديبي، وذلك بموجب أمر يوجهه رئيس الإدارة إلى المصالح المكلفة بأداء الأجرة، يصاغ طبقا للنموذج رقم 3 رفقته.
ب – إذا لم يستأنف الموظف عمله داخل اجل ستين (60) يوما ابتداء من تاريخ اتخاذ قرار إيقاف الأجرة، وجب تطبيق العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من الفصل 75 مكرر المذكور أعلاه (العزل من غير توقيف الحق في المعاش أو العزل المصحوب بتوقيف الحق في المعاش دون استشارة المجلس التأديبي)
أمام هذه التجاوزات الخطيرة للدستور المغربي وللنظام الأساسي للوظيفة العمومية والنظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية وللنظام الأساسي لأطر الأكاديميات.. من حقنا أن نصف هذه القرارات بالتعسفية والانتقامية واللاقانونية.. ومن حقنا الاستمرار في النضال من أجل بناء دولة القانون ومغرب الحرية والكرامية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.