يوضح أحمد الشرايبي، فلاح منتج ومصدر في منطقة الإنتاج ضواحي مدينة أكادير، عضو في المكتب المسير لجمعية المنتجين والمنتجين المصدرين للخضر والفواكه "أبفيل"، أسباب ارتفاع أسعار الطماطم خلال الفترة الحالية.
وأبرز في حوار مع "أنفاس بريس"، أن منطقة سوس ماسة تعد الخزان الفلاحي للبلاد نظرا للكميات المهمة التي تنتجها المنطقة ما يقارب 70 % من الإنتاج الوطني. ولولا ماء التحلية، رغم تكلفته 5,35 درهم للمتر المكعب، في غياب التزويد المنطقة بماء سد يوسف بن تاشفين، وفي ظل التقلبات المناخية لأصبح سعر الطماطم أكتر بكثير من 15 درهما للكلغ.
شهدت أسعار الطماطم ارتفاعات متتالية وصلت إلى 15 درهم للكلغ ما هي أسباب هذه الارتفاعات؟
بداية لابد أن أوضح شيئا مهما هو أن 15 درهم للكلغ من الطماطم هو ثمن البيع بالتقسيط في الأسواق الممتازة والبعيدة كل البعد عن سوق الجملة بمدينة إنزكان الذي يوجد في منطقة إنتاج، حيث أن ثمن بيعها في هذه الأيام يتراوح بين 3,5 و7,5 درهم حسب جودة المنتوج.
الفرق الكبير في السعر مع سوق إنزكان ناتج عن المضاربات وتعدد الوسطاء وسوء تسيير وتنظيم وتقنين أسعار المنتجات الفلاحية داخل الأسواق بالمملكة.
أسعار الخضر والفواكه في الأسواق المغربية تحدد كل يوم نتيجة تقابل العرض مع الطلب حيث تلتقي عروض الباعة مع طلبات الزبائن ويتحدد سعر معين لمنتوج معين.
هذا هو منطلق جوابي حول الارتفاع الكبير الحالي لبعض المنتوجات الفلاحية كالطماطم التي وصل سعرها في سوق إنزكان إلى حوالي 8 درهم للكلغ.
ارتفاع أسعار المنتوجات الفلاحية في أغلبية الأحوال ناجمة عن قلة وفرة المنتوج في السوق أو كثرة الطلب عليه، وكترة الطلب تكون غالبا موسمية كشهر رمضان أو في بعض المناسبات.
بالنسبة للطماطم التي أعرفها لأنني فلاح منتج ومصدر في الخضروات وعضو في المكتب المسير للجمعية المغربية للمنتجين والمنتجين المصدرين للخضر والفواكه "أبفيل".
هناك حاليا قلة في وفرة المنتوج لعوامل كثيرة من بينها ما هو ظرفي مناخي ك:
*برودة الجو في منطقة الإنتاج في إقليم شتوكة أيت باها ضواحي مدينة أكادير الحرارة الدنيا أقل من 5 درجات في جل ساعات الصباح وأقل من 10 درجات ساعة بعد الغروب، معدل جني الطماطم تحت البيوت المغطاة لا تتعدى 300 كلغ للهكتار الواحد مقارنة ب 1.200 كلغ للهكتار في الأيام العادية الدافئة التي تسود في أغلبية موسم الجني من أكتوبر إلى غاية يونيو. للإفادة شهر رمضان الكريم الذي يكثر فيه الطلب سيتزامن طيلة 7 السنوات المقبلة مع فصل الشتاء الذي يقل فيه المحصول (أزمة السنة الفارطة).
*الحرارة 50 درجة مع رياح الشركي المفرطة التي عرفتها المنطقة في شهر غشت 2023 مع بداية الموسم بعد غرس شتائل الطماطم والتي سببت خسائر في هياكل البيوت البلاستيكية مع إتلاف الشتائل المغروسة تحتها آنذاك مما استدعى بعد مدة طويلة إلى تعويضها بشتائل أخرى (مدة بين الغرس والجني تتراوح من 50 إلى 90 يوما حسب الحرارة).
ومنها ما له علاقة بالصحة النباتية،إذ منذ سنتين ظهر في المغرب فيروس جديد للطماطم ToBRFV الذي أدى سلبا إلى نقص حاد في المحاصيل بعد إتلاف العديد من هكتارات الطماطم. ومنها ما هو ناجم عن تقليص في المساحات المغروسة للطماطم المستديرة الحجم المتوسط والكبير المفضلة للمستهلك المغربي لعوامل شتى:
*منتوج لم يعد مربحا مند سنوات عديدة منذ بداية آفة الكوفيد 19 والحرب في أوكرانيا.
*معدل تكلفة الإنتاج في ظل الغلاء الكبير في مدخلات الإنتاج 3 ـ 4,5 درهم الكيلو الواحد في الضيعة.
*بعض الفلاحين المصدرين تخلو على هذا المنتوج بعد أزمة الطماطم في رمضان الموسم الفارط، حيث تدخلت الحكومة للحد من كميات تصدير الطماطم المستديرة وفرض الحصص للتصدير الكوطة مراعاة للكميات المخصصة للسوق المحلي بإنزكان مما أدى سلبا إلى إلغاء العديد من التعاقدات مع الزبائن المستوردين.
توسع صادرات الطماطم إلى جانب السوق الأوروبية، نحو السوق الافريقية والسوق الخليجية، هل أثرت الصادرات على عرض وأسعار الطماطم بالسوق الوطنية؟
من بداية موسم الفلاحي 2023ـ2024 إلى غاية 10 دجنبر 2023 بلغ إجمالي صادرات المغرب من البواكر حوالي 359 ألف طن (295 ألف طن إلى أوروبا والمملكة المتحدة و58 ألف طن إلى الأسواق الإفريقية).
حجم صادرات الطماطم 180 ألف طن، والخضر الأخرى 132 ألف طن، والفواكه 42 ألف طن.
83 % من مجموع صادرات المغرب (299 ألف طن) مصدرها جهة سوس ماسة.
مند زمن بعيد والمغرب يزاول تصدير المنتوجات الفلاحية إلى أوروبا ودائما كانت هنالك وفرة المحاصيل في الأسواق حتى في السنين الأخيرة خلال فترة برنامج المغرب الأخضر، قبل كوفيد 19، لم أتذكر أي ضجة إعلامية لأزمة غلاء في المنتوجات الفلاحية لأنه كان هنالك توازن بين تزويد السوق الداخلي والتصدير (نسبة التصدير المتداولة للطماطم هي 50 % تصدير و50 % سوق داخلي).
ـ التصدير هو الذي يدعم أسعار السوق الوطنية، التصدير هو محرك قاطرة للإنتاج والإنتاج المهيكل، كما أن التصدير في صلب سياسة المغرب الأخضر (منذ 2008) التي تتمحور حول سلسلة القيم انطلاقا من الإنتاج وانتهاء بالتسويق والتصدير (تثمين المحاصيل الخضر والفواكه)، التي تعد من أحد محركات التنمية الاقتصادية في بلادنا.
ما ردك على أن تدبير أسواق الجملة للخضر والفواكه وكثرة الوسطاء تساهم في ارتفاع أسعار الطماطم؟
سوء التدبير في أسواق الجملة من مسببات الغلاء بالمغرب، الجميع يعرفه المنتجون/الفلاحون، والتجار، والوسطاء، والمستهلكون، والدولة/القطاعات الحكومية المعنية، وكذلك المنتخبون. للتبصر في إشكالية التسويق أدعوكم إلى الرجوع إلى تقرير المفصل لمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أو تقرير لجنة برلمانية حول أسواق الجملة.
كيف ساهمت محطة تحلية مياه البحر بشتوكة أيت باها في تأمين مياه السقي؟
تعد منطقة سوس ماسة الخزان الفلاحي للبلاد نظرا للكميات المهمة التي تنتجها المنطقة ما يقارب 70 % من الإنتاج الوطني. لولا ماء التحلية، رغم تكلفته 5,35 درهم للمتر المكعب، في غياب التزويد المنطقة بماء سد يوسف بن تاشفين في ظل التقلبات المناخية لأصبح سعر الطماطم أكتر بكثير من 15 درهم.
تضخ هذه المحطة يوميا 125.000 متر مكعب لسقي 15.000 هكتار وتزود أكادير الكبير يوميا بالماء الشروب ب150.000متر مكعب.