لحسن العسبي: متى يخرج إلى الوجود مخطوط "كتاب الجغرافية المغربية"؟

لحسن العسبي: متى يخرج إلى الوجود مخطوط "كتاب الجغرافية المغربية"؟ لحسن العسبي
قليل منا جدا كمغاربة من يعرف شيئا عن هذا المخطوط وصاحبه أحمد شهبون، حتى وهو يقوم دليلا علميا محترما على محاولات الإصلاح في مغرب القرن 19.
 
كتب هذا الكتاب سنة 1898، وهو يعتبر أنضج أطلس جغرافي مغربي منذ العمل العلمي الشهير للشريف الإدريسي المغربي في القرن 12 الميلادي الذي هو بعنوان "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق"، الذي أنجز أول خريطة للعالم (عرفت بخريطة الأقاليم السبع) سنة 1157 ميلادية (رفقته نموذج منها). 
 
"كتاب الجغرافية المغربية" (هذا عنوانه الأصلي)، أنجز بأصول علم الجغرافية الحديث، بمقاييس علمية اعتمدت فيه حسابات رياضية وفيزيائية وطوبوغرافية مدققة كما كانت متاحة في زمنها. حيث اعتمد إحداثيات خطوط الطول والعرض والإسقاط المخروطي ل lambert، مكنته من تحديد جد مدقق لجميع القارات والجزر بالعالم، مع تحديد مدقق للأنهر والبحيرات والبحار، ورسم علمي لطبقات الكرة الأرضية، وتحديد بيومناخي للكرة الأرضية (تحديد مدقق لمدار الجدي ومدار السرطان والمجال الإستوائي).
 
لكن أهم ما في هذا المؤلف الذي لا يزال مخطوطا (كما تؤكد ذلك الأطروحة العلمية الرصينة للدكتور جمال حيمر "البعثات التعليمية في عهد السلطان الحسن الأول")، هو وضعه لخريطة مستقلة للمغرب فيها تفاصيل عن واقعه السياسي والديمغرافي و الإثنوغرافي بمختلف مناطقه وهذا في سنة 1898.
 
المثير أكثر هو أن أحمد شهبون واحد من أول الطلبة المغاربة الذين تم إرسالهم للتكوين والدراسة بالخارج سنة 1860، بقرار من السلطان المغربي محمد بن عبد الرحمان (محمد الرابع)، حيث كان ضمن وفد طلابي بعث إلى مصر على عهد الخديوي محمد سعيد باشا (رابع أبناء مؤسس مصر الحديثة محمد علي باشا)، لدراسة العلوم الرياضية يتكون من كل من الطاهر الأودي، أحمد شهبون ومحمد بنكيران.
 
سيرسل ذات السلطان بعثات أخرى ثلاث إلى مصر للتكوين العسكري والعلمي، مثلما سيرسل ابنه السلطان مولاي الحسن الأول بعثة واحدة إلى مصر للتكوين الطبي، بالتوازي مع إرساله بعثات طلابية متعددة في السنوات ما بين 1876و 1894 إلى ألمانيا، إيطاليا، بلجيكا، جبل طارق، إنجلترا، إسبانيا، الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا (كانت فرنسا وإسبانيا أقل من تم إرسال بعثات طلابية مغربية إليها).
 
للأسف ها قد مرت أكثر من 125 سنة على تحرير الطالب المغربي العالم في الجغرافية أحمد شهبون كتابه "كتاب الجغرافية المغربية"، ولم يطبع أبدا، وبقي مخطوطا نائما في رفوف الخزانة الحسنية بالرباط (تحت رقم 11654). علما بالمناسبة أن كل ما ألفه بعض من أولئك الطلبة المغاربة من كتب ومصنفات وتقارير  قد بقي مخطوطا في مكتبات رسمية مغربية أو في مكتبات خاصة (مثل المكتبة الصبيحية بسلا) أو تتوارثه عائلاتهم ضمن مكتباتهم العائلية الخاصة.