انطلقت، يوم الأربعاء بالولايات المتحدة الأمريكية، أولى إجراءات التحقيق بالاستماع إلى الشهود في قضية مقتل الشاب "مايكل بروان" الذي سقط برصاص أحد رجال الشرطة، بمدينة فرغستون بولاية ميسوري، يوم 9 غشت الجاري. وهو ما فجر سلسلة احتجاجات لا تزال تتواصل إلى اليوم، بعد مقتل مواطن آخر على يد البوليس الأمريكي، لتعيد إلى الأذهان واقع استمرار السعار العنصري كداء متأصل لدى العديد من رجال الشرطة الأمريكيين البيض، ومن خلاله لدى فئات واسعة من المجتمع الأمريكي.
وبحجم فداحة الجريمة بحجم ما خلفته من أصداء وردود فعل من أعلى هرم السلطة هناك، ومن المنتظم الدولي. فلقد فاجأتالمفوضة السامية لحقوق الانسان بالأمم المتحدةالرأي العام بتصريح صارخ أدانت فيه ما اعتبرته "الاستخدام المفرط للقوة من الشرطة"، داعية إلى احترام حق الاحتجاج.كما أن الحادث قد ألهم رواد وسائل التواصل الاجتماعي الذين تداولوا صور الضحية، وأنشأوا صفحات باسمه، معيدين إلى الذاكرة تجربة الألم العنصري واحتداد ظاهرة الاحتجاجات في السنوات الأخيرة، في سياتل وأوكلاند، وعلى امتداد المدن والولايات المتحدة الأمريكية.
ووسط كل هذه التفاعلات يسترعي انتباه المحللين والمراقبين غياب أي رد فعل من لدن المنظمات الدولية غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان مثل " هيومان رايتش" أو "كينيدي" او "أمنيستي" وغيرها من المنظمات التي نلاحظ حضورها في أدق تفاصيل حياة الدول النامية في مصر أو تونس أو البرازيل...، وفي المغرب تحديدا، في حين "تقطع الحس" حين يلحق الألم، بل حين يلحق القتل المواطن الأمريكي الضعيف الأعزل، أو حين تتمادى الشرطة الأمريكية في احتقار الإنسان الأسود البشرة ضاربة كل المبادئ السماوية والضعية الكونية التي تضمن الكرامة الآدمية. الأمر الذي لا تفسير له سوى التوظيف السياسي وفق منطق القوى الكبرى لتسخير المنظمات "الحقوقية " التابعة لها في خدمة أجندة لا علاقة لها، في الجوهر، بتنامي واقع حقوق الانسان ، بقدر ما يرتبط ذلك بمخطط استمرار هيمنة ايديولوجية الرجل الأبيض على العالم.