إذا كانت المدن العتيقة أورويا مصدر للثروة ولجذب السياح باعتبارها تراثا إنسانيا، حيث تضم العديد من المآثر التاريخية يزورها الملاليين من السياح، فقصر الحمراء بمدينة غرناطة مثلا يزوره 10 مليون سائح سنويا، إذ أن المدن العتيقة بالمغرب أصبحت تشكل خطرا على سلامة السكان والمواطنين، وذلك بسبب الإهمال الذي يطال العديد من البنايات والمآثر التاريخية.
الإحصائيات التي تقوم بها الجماعات المحلية والسلطات العمومية تشير إلى وجود الآلاف من الشقق الآيلة للسقوط بالمدن العتيقة مثل الدار البيضاء، فاس، مكناس، تطوان، مراكش والتي تحتاج للتدخل بشكل عاجل للترميم وإفراغ سكانها قبل أن تسقط على رؤوسهم. غير أن التدخل الوقائي للسلطات العمومية والمنتخبة يتم عبر إنذار السكان بضرورة الإفراغ، بدل البحث عن حل حقيقي، يقول رب أسرة بمدينة تطوان على أنه ليس بإمكانه أن يبحث عن كراء شقة أخرى تسعه هو وأولاده الثمانية، وهذا ما يتطلب من الجهات المسؤولة البحث عن تدابير لحل إشكال الإفراغ و إيواء الأسر خلال فترة التدخل لترميم المنازل المهددة بالسقوط.
الإكراه الثاني في معالجة الدور الأيلة للسقوط يتمثل في غياب المقاولات المتخصصة في معالجة مثل هذه الدور التي تتطلب تجربة وتقنية خاصة، بالإضافة إلى صعوبة هذه المقاولات في الولوج إلى هذه الدور عبر إدخال مواد البناء والآليات، وهكذا نسير أشغال الإصلاح بشكل بطيئ.
الإشكال الأخر الذي يطرح وهو حول تدبير المدن العتيقة بعد إعادة تهيئتها، ماذا نريد من المدن العتيقة أي دور وأي وظيفة يمكن أن تلعبها في مسلسل التنمية،؟ لا يعقل أن يتم تهيئتها كي يحتلها ا"لمشرملين" والباعة المتجولين؟ هل يعقل أن تصرف الدولة الملايين من الدراهم على أزقة ودروب وساحات المدن العتيقة لتتحول في أخر المطاف لبيع الدلاح والبطيخ.