فريد الحمديوي: دفاعا عن التربية الفنية والجمالية في المدرسة المغربية العمومية

فريد الحمديوي: دفاعا عن التربية الفنية والجمالية في المدرسة المغربية العمومية فريد الحمديوي
إن النظام التعليمي بالمغرب يرتكز بشكل أساسي على حشو عقول الناشئة بكم هائل من المعارف، في وسط مدرسي مكتظ غير صحي، من المنظور التربوي السليم، وهذا من بين أهم المعيقات التي تقف في طريق تجويد والارتقاء بالمدرسة العمومية المغربية.
والمدخل الأساسي للخروج من هذا المأزق، من زاويتي وبحكم تجربتي الخاصة، هو فسح المجال للارتكاز على الفنون في التربية، والتخفيف من حصص الدراسة الموجهة للأطفال في المدارس، وفتح المجال أمام خريجي شعب التربية الفنية (الموسيقى، الرسم، المسرح...أو الفنون الجميلة بكل أصنافها) والتربية الجمالية والثقافية عموما، وفتح باب التشغيل أمامهم بخلق مناصب شغل في قطاع التربية والتعليم لهذه الفئة، من أجل الرقي بالأداء التعليمي والتربوي في المدرسة المغربية في كل أسلاكها (الابتدائية، الإعدادية، الثانوية والجامعية).
فالسياسة التعليمية التي تنهجها وزارة التربية الوطنية منذ عقود، تنفّر التلاميذ من المدرسة، ويعتبرونها مجالا لا يتناسب واهتماماتهم وميولاتهم، ومجالا يخنق فيها روح الإبداع والابتكار، ولا يواكب التطور الحاصل في العالم اليوم، ولا يحتضن مواهبهم.
سياسة تجبر التلاميذ على اجترار معارف ومعلومات، سيتجاوزها العقل البشري مستقبلا، كما تجاوز الكثير منها عبر التاريخ، ولا تصلح إلا لاجتياز الفروض والامتحانات ثم تنسى في صبيحة اليوم الموالي ليوم الاختبار.
يجب على المدرسة المغربية أن تربي الإنسان قبل أن تشحن العقول، إنسان يقبل على الحياة ويحبها ويسايرها في تطورها، أن تربي أطفالنا على قيمنا الثقافية والجمالية والفنية والدينية، وتعلمهم المهارات الحياتية التي يحتاجون إليها في حياتهم اليومية.
على المدرسة المغربية أن تحتضن ثقافاتنا بكل روافدها وعلى اختلافها، لأننا أقوياء بهذا الاختلاف وهذا التآلف والتعايش بينها.
استفيدوا من تجارب الدول الناجحة في هذا المجال، وافسحوا الطريق للعقول المغربية المتخصصة في التربية، أن تفكر وتبدع نموذجا تعليميا مغربيا نابعا من ثقافتنا وقيمنا وتاريخنا وتطلعات أبنائنا، ولا تجعلوا قطاع التربية والتعليم ومستقبل فلذّات أكبادنا بين يدي سياسيين لا يطول عمرهم السياسي أكثر من ست سنوات.