بنطلحة الدكالي: القضاة ومدونة أخلاقيات التقاضي

بنطلحة الدكالي: القضاة ومدونة أخلاقيات التقاضي محمد بنطلحة الدكالي
إن الإعلان العالمي لحقوق الانسان ينص على مبادئ المساواة أمام القانون وافتراض البراءة، والحق في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مختصة مستقلة ونزيهة مشكلة وفقا للقانون.
 
وحيث إن هذه المبادئ ينبغي أن يبنى تنظيم وإدارة شؤون القضاء على أساسها، وأن تسعى قواعد ممارسة الوظائف القضائية إلى تمكين القضاة من التصرف وفقا لها، فقد تم تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي أصبح يشتغل بمنطق جديد وبمعايير واضحة وفق دستور 2011 من أجل تدبير شؤون القضاة والسهر على توفير الضمانات الممنوحة لهم في إطار القانون تكريسا منه لاستقلال القضاء وتحقيق عدالة فعالة ونزيهة. كما تم توسيع اختصاصات المجلس لتشمل إلى جانب تدبير الوضعية الفردية للقضاة وفق معايير قانونية، وهي اختصاصات غير تقليدية تتمثل في استقلال القضاة وإبداء الرأي في القوانين التي تهم العدالة، وإصدار تقارير سنوية حول وضعيتها.

ومن بين أهم المكتسبات التي تحققت، إصدار مدونة لأخلاقيات التقاضي تتضمن القيم والمبادئ التي يتعين على القضاة الالتزام بها أثناء ممارستهم لمهامهم ومسؤولياتهم القضائية، إعمالا لمقتضيات المادة 106من قانونه التنظيمي.
 
إن المجلس الأعلى للسلطة القضائية قد أوضح أن هذه المدونة تهدف إلى توفير إطار مرجعي للقضاة وفي نفس الوقت دليل للقاضي من أجل دعمه وتوجيهه، مع العلم أنه جرى خلال إعداد هذه المدونة استحضار المرجعية الدستورية والتوجيهات الملكية، وكذا مقتضيات القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية إضافة إلى الالتزامات الدولية للمملكة المغربية.
 
هكذا أعطت مدونة الأخلاقيات تعريفا للحياد والتجرد في أداء الوظائف القضائية طبقا للوقائع المعروضة ووفقا للقانون دون أي تحيز أو تحامل أو محاباة.

لقد أكد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الأستاذ محمد عبد النباوي، خلال لقاء تواصلي مع مستشاري الأخلاقيات القضائية « أن اهتمام المجلس بموضوع الأخلاقيات المهنية، نابع من صلب مهنة القضاء، التي تقوم على أسس أخلاقية صارمة، ويتجلى ذلك من المكانة التي تحتلها الأخلاق في النصوص القانونية والدستورية المنظمة لمهنة القضاء ».

ومن بين المبادئ الأساسية لأخلاقيات التقاضي نجد معيار الكفاءة والتي تحتاج إلى ضرورة التكوين الجيد وإلى روح متجددة وخلاقة تواكب الدينامية التي يشهدها المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والتي وطدت مسارها بإسناد تكوين القضاة لإشراف مباشر للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
 
إن تطوير المسار التكويني للقضاة والرفع من قدراتهم وصقل مواهبهم،يبقى رهانا أساسيا أكد عليه الأستاذ محمد عبد النباوي في كلمة ألقاها بمناسبة حفل تسليم السلط بشأن المعهد العالي للقضاء حيث أكد على أن: (المجلس الأعلى للسلطة القضائية قرر العزم على أن يجعل من المعهد العالي للقضاء مختبرا لصناعة الجودة والتميز، وأنه لن يدخر أي جهد في ذلك،وهو مؤمن بأن الكفاءات القضائية الوطنية ستكون في الموعد لإعطاء دينامية جديدة للقضاء الوطني تمكنه من كسب رهان الإصلاح الذي يقوده الملك محمد السادس وتواكب التطور القانوني والحقوقي للمغرب في علاقته بالمنظور العالمي لدور العدالة وأهدافها ). 
 
ويبقى المجلس الأعلى للسلطة القضائية رمزا لسلطة دستورية هي السلطة القضائية، التي من مهامها إحقاق الحق، وإعلاء كلمة العدالة، والتي هي صوت من لا صوت له، وملاذ من لا ملاذ له، وضمير الأمة الذي نرجع إليه..