يرى عبد الفتاح البغدادي، متصرف ممثل للأجراء بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أن الدولة لا تقوم بدورها الحقيقي المتمثل في الوصاية الحقيقية وتقديم العون للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بل تتسب في اغراقه بالمشاكل والقرارات الفوقية. واتهم البغدادي الوزيرة الوصية على الصندوق بتجاهل ورفض جميع القرارات وتؤجل الاجتماعات دون احترام لأعضاء المجلس الإداري من الفرقاء الاجتماعيين.
وجهتم رسالة إلى وزيرة الاقتصاد والمالية، باعتبارها رئيسة المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، قلتم فيها أن السلطات الحكومية تستخف بقرارات المجلس الإداري كيف ذلك؟
هناك قرارات اتخذها المجلس تعود لسنة 23 يوليوز 2013، تتعلق بالبحث عن الطريقة الفضلى لإيداع الاحتياطات وتحقيق مردودية أحسن من طرف صندوق الإيداع والتدبير، بمعنى أن الأموال التي تدبر من طرف هذا الصندوق، يجب أن تدبر بطريقة أحسن، لأنه لا يمكن لهذا الصندوق، أن يعطينا فوائد أقل مما هو معمول به في السوق المالي، كما لا يمكننا تأدية الضرائب لأننا صندوق تابع للدولة ومؤسسة ذات منفعة عامة، لا يعقل أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يؤدي مبلغ 200 مليون سنتيم في السنة كضرائب. من بين القرارات كذلك التعريفة الوطنية المرجعية التي يجب أن ترتفع قيمتها، لأننا اليوم عندنا مشكل في التغطية الصحية، لأنه في بعض الحالات الباقي الذي يجب أن يؤديه المنخرط يصل لـ 55 في المائة وهذا غير معقول، علما أن 90 في المائة من الأجراء المصرح بهم في الضمان الاجتماعي يصرح بهم بـ (السميك)، وهذا أمر خطير. هناك الكثير من القضايا التي تؤكد أن الدولة لا تقوم بدورها الحقيقي المتمثل في الوصاية على هذه المؤسسة، والوصاية الحقيقية تعني المواكبة والمصاحبة والمساعدة وتقديم العون للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وليس إغراقه بالمشاكل والقرارات الفوقية .
في رسالتكم ككونفدرالية، طالبتم وزيرة الاقتصاد والمالية، بتنفيذ القرارات العالقة لمجلس إدارة الصندوق وعدم الانفراد بالتصرف في أموال الطبقة العاملة، هل يمكن توضيح هذا الأمر؟
الوزيرة كرئيسة للمجلس الإداري للصندوق، فإنها لا تطبق قرارات الصندوق، رغم أن جل القرارات لم تكن في ولايتها الوزارية، ولكن إذا كان عندها حسن نية فيمكن أن تفتح معنا نقاش حول جل القرارات التي لم تطبق، كي نصل لحل وسط، لا أن تتجاهلنا وترفض جميع القرارات وتؤجل الاجتماعات دون احترام لأعضاء المجلس الإداري من الفرقاء الاجتماعيين. هذا دون أن ننسى أن هناك انفراد باتخاذ القرارات، فالوزيرة تشتغل تحت سلطة رئيس الحكومة، لأنها رئيسة المجلس الإداري للصندوق بتفويض من رئيس الحكومة، أي أن ما يجب القيام به هي أن توصل كل الملفات العالقة إلى رئيس الحكومة باعتباره هو الرئيس الفعلي، وهنا يجب ان نتساءل لماذا فقط الملفات الخاصة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هي التي يتم تجاهلها وتأخيرها، لماذا عندما أرادوا أن يأخذوا أموال التلقيح من (AMO) التأمين الإجباري عن المرض، لم يتشاوروا معنا وأخذوا مبلغ مليار و360 مليون سنتيم ظلما، وهذا القرار رفضناه ككونفدراليين وانسحبنا من المجلس الإداري الذي اتخذ فيه هذا القرار الظالم، لأن هذه أموال الطبقة العاملة ويجب أن تصرف في المجال المخصص لها، لا في عملية التلقيح، علما أن الدولة قامت بالعملية بدون مقابل للمواطنين. القرار الثاني هو أخذ 500 مليون درهم من أموال الصندوق لدعم ضحايا الزلزال، صحيح نحن نؤازر إخواننا المغاربة الذين أصابهم الزلزال، لكن الصندوق الوطني بدوره يتخبط في أزمة مالية، وبالتالي فقد تعلق غريق بغريق، فالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعاني وعنده تاريخ طويل من الفساد...، ونأتي اليوم لنستنزف ميزانيته بـ 500 مليون درهما علما أن نفس المبلغ تم أخذه من الصندوق في أزمة كوفيد، هل في هذه الحكومة رجل حكيم؟؟
فالصندوق مؤسسة ذات منفعة عامة، ولا يجب علينا مس أموال المنخرطين بدون وجه حق. فالوزيرة الحالية عندما تكون هناك قرارات سلطوية فإنها تفرضها على الجميع وتمررها بشتى الطرق، وعندما تكون القرارات مهمة جدا وتصب في مصلحة المنخرطين وفي مصلحة الصندوق ولضمان التوازن المالي لهذه المؤسسة الاجتماعية، فلا أحد يستمع لنا أو يسعى لتطبيقها.
الرسالة التي وجهتموها اتهمت سلطات الوصاية بتجميد القرارات التي صادق عليها أعضاء المجلس الممثلين للقطاعات الحكومية، لماذا تم رفض هذه القرارات في اعتقادك؟
يجب التأكيد على أن هناك قرارات لا يستطيعون الاقتراب منها أو تفعيلها، لاسيما تلك المتعلقة بصندوق الإيداع والتدبير، نحن الوحيدين ككونفدرالية من نتطرق لهذا الملف وأول من طرحه سنة 2003. فالضمان الاجتماعي هو الصندوق الوحيد المفروض عليه أن تذهب أمواله كلها لصندوق الإيداع والتدبير، بينما الصناديق الأخرى لا تودع إلا جزءا بسيط من أموالها في هذا الصندوق. نحن لا نقول بسحب أموال الضمان الاجتماعي من صندوق الإيداع والتدبير، بل ما نطالب به هو التفاوض مع إدارة الصندوق على نسبة فائدة مهمة، حتى نتمكن من تنمية وتقوية الرصيد المالي للصندوق، وهذا هو الهدف من إلحاحنا على ذلك. نحن لسنا ضد (لاسيديجي)، إنما هي مؤسسة مالية كباقي المؤسسات، ومن حق إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التفاوض معها على فائدة أحسن بمنطق رابح رابح. القرار الثاني الذي لم يتم تطبيقه هو تحسين التغطية الاجتماعية، من خلال تحسين الخدمات وتوسيع سلة العلاجات، ومناقشة التعريفة الوطنية، وهذا هو الإشكال. فقانون 65-00 الذي تمت المصادقة عليه في 2004، هو قانون واضح ويفرض على الدولة في ظرف 5 سنوات، تحسين سلة العلاجات والخدمات، ومناقشة جدولة تحسين التعريفة الوطنية المرجعية وتأهيل المستشفيات العمومية وتحسين خدمات المصحات التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لكن للأسف كل هذا لم يطبق. واليوم في 2023، يتحدثون عن تعميم التغطية الصحية، أي تعميم يتحدثون عنه إنهم يعممون الهشاشة. خلاصة القول ونحن كمتصرفين، ليست هناك حكامة جيدة داخل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. الحكامة الجيدة تعني تدبير المؤسسة بدون أن ترتفع كلفة التدبير، ما نلاحظه هو أن سلطة الوصية تحول دون تحقيق هذه الحكامة التدبيرية. فنحن كمجلس إداري قادرون على التفاوض مع الأطباء ومع إدارة صندوق الإيداع والتدبير، لأننا متمرنون ونحن خبراء في هذا المجال ولدينا بعد النظر. لكن للأسف ليست هناك إرادة سياسية حقيقية، وشعار الدولة الاجتماعية هو شعار الحركة النقابية الديمقراطية، فمن يدبر شؤون الحكومة الحالية لاعلاقة لهم بالدولة الاجتماعية، بل هم يمثلون رأس المال، والتوجه النيوليبرالي المتوحش وينفدون التعليمات وتوجيهات البنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية ونحن نرفض سياسة المديونية التي ستؤدي بالبلاد إلى ما لا يحمد عقباه.