دخلت منطقة الشرق الأوسط إلى مرحلة "اللايقين الاستراتيجي"، في ظل إصرار واشنطن على دعم إسرائيل في عملياتها بزعم "القضاء على حماس" في غزة.
وتشير تقديرات الخبراء إلى أن التطورات في المنطقة لا يمكن التنبؤ بها، أو تحديد مساراتها، في ظل احتمالية اتساع رقعة الحرب في أي وقت، حال استمرار الحرب في قطاع غزة.
ووفق الخبراء، فإن واشنطن تسعى لتحقيق أهداف استراتيجية تتعلق بوجودها في المنطقة، بعد انسحاب سابق، إذ ترغب في فرض هيمنتها مرة أخرى من خلال دعمها لإسرائيل.
وكان وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، من حزب "عوتسما يهوديت" المتطرف، قد صرح بأن أحد خيارات إسرائيل في الحرب في غزة، هو إسقاط قنبلة نووية على القطاع.
ويقول تقرير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام إن إسرائيل تتبنى سياسة نووية غير شفافة منذ فترة كبيرة، مشيرًا إلى أنها لا تعترف أنها دولة نووية ولا تنكر ذلك رسميا.
وبحسب تقديرات اتحاد علماء الذرة الأمريكيين في 2023، فإن إسرائيل تصنف ضمن الدول النووية الـ9، وتمتلك نحو 90 قنبلة نووية.
في هذا الإطار قال الشرقاوي الروداني، الخبير الاستراتيجي، في تصريح لقناة "سبوتنيك"، بإن الأمور تسير إلى التعقيد، وكل المؤشرات تظهر أن المنطقة برمتها دخلت مرحلة اللايقين الاستراتيجي.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن الموقف الأمريكي والغربي الرسمي، يبين أن هناك استراتيجية جديدة قيد التنفيذ من خلال "سياسة شرق أوسط جديدة"، ستكون فيها موازين القوى مختلفة عما كان في السابق.
ولفت إلى أن قواعد الاشتباك في هذه الحرب تختلف في محدداتها بين الأطراف المعنية، وأن التوازنات في المنطقة سيكون مآلها الاهتزاز.
سيناريوهات عدة باتت تلوح في الأفق إزاء التطورات الحاصلة، إذ يشير الروداني إلى أن "دخول "فيلق القدس" أصبح أمره محسوما، بالإضافة إلى تحرك "منظمة بدر" في العراق وفصائل أخرى، من خلال استهداف الأصول الأمريكية والغربية في المنطقة، خاصة قاعدتي "عين الأسد" و"حرير" من قبل ما تسميه إيران محور "المقاومة الإسلامية".
وأشار الروداني إلى أن الوضع الراهن قد يغير من المشهد الأمني في المنطقة وخاصة في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن.
وحول تأثير الأزمة الراهنة على السياسة الدولية، أوضح الروداني أن عدم وجود توازن في المواقف الأمريكية وبعض الدول الأوروبية تجاه ما يقع في غزة والضفة الغربية، سيكون له تأثيره الكبير على مجموعة من الملفات السياسية الدولية التي لها نقط تماس مع مواقف دول عربية.
وتابع الخبير قائلا:"في الأيام الأخيرة، كانت هناك هجمات على قواعد عسكرية أمريكية في العراق، وقد لعب فيلق القدس دورا تنسيقيا، ولكن مع مرور الوقت سيكون هناك دور عملياتي لعناصره من خلال مد الفصائل التابعة له بصواريخ وأسلحة ستغير من معايير الاشتباك في مجموعة من الجبهات".
بشأن الدعم الأمريكي لإسرائيل، يرى أنه يمكن قراءته من خلال استراتيجية التوازن عبر الشاطئ، خاصة بعد الانسحاب الاستراتيجي من المنطقة لفائدة منطقة المحيطين الهندي والهادىء.
يفسر الخبير هدف عودة واشنطن للمنطقة عبر دعم أحد حلفائها الاستراتيجيين في المنطقة بخلق توازن جديد ما بين العقيدة الجيوسياسية للشرق الأوسط الكبير والعقيدة الجيوسياسية للمحيط الهندي الهادئ".
واستبعد الخبير إمكانية استخدام إسرائيل للسلاح النووي في قطاع غزة لعدة اعتبارات مرتبطة بأهداف العملية العسكرية الإسرائيلية في حد ذاتها.
ويرى أن الاتجاه والأسلوب التي تدار به المعركة وقواعد الاشتباك يشير إلى أن واشنطن قد تتخذ خطوات من خلال تثبيت إدارة مؤقتة في غزة، ستكون لها الأولوية في إعادة الإعمار، وكذلك إنهاء التواجد المطلق لحركة حماس في المنطقة كجزء من التخطيط الأول.
وأشار الروداني إلى أن المرحلة الثانية قد تتمثل في مفاوضات حول إعادة تمركز السلطة الفلسطينية في غزة.