يوضح زهير لخيار، أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن بالدار البيضاء، دلالات اختيار المغرب لاحتضان الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بمراكش.
وأبرز في حوار مع "أنفاس بريس"، أن أهم انتظار ينبغي تحقيقه من هذه التظاهرة العالمية هو تثمين الإصلاحات الهيكلية التنموية التي قام بها المغرب وإبراز أهميتها ونجاعتها بالنسبة للاقتصاد الوطني والدولي كما أنه من المنتظر أيضا أن يلعب المغرب الدور الأساسي في مآزرة ودعم القضايا الاقتصادية الكبرى للقارة الإفريقية.
ماهي دلالات اختيار مراكش لاحتضان الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الفترة (9- 15 أكتوبر2023)؟
يمكن القول في هذا الصدد أن اختيار المغرب لاحتضان هذه التظاهرة الاقتصادية والمالية الهامة تحكمه عدة مقاييس جعلت المغرب يفرض نفسه في الساحة الاقتصادية والمالية العالمية وتتمثل هذه الدلالات فيما يلي:
الدلالة الأولى: الاستراتيجية البعيدة النظر التي سلكها الملك محمد السادس في مجال تفعيل الشراكات الاقتصادية الدولية وخصوصا مع الدول الإفريقية الأخرى، والتي مكنت المغرب من بناء سياسة جذابة جعلت المؤسسات المالية الدولية تسعى إلى التعامل بكل أريحية مع القارة الإفريقية عموما والمغرب على الخصوص، لأنه كان هو السباق إلى بناء تصور تنموي يعتمد بالأساس على التنسيق والتواصل والعمل المشرك وهو الأمر الذي يصطلح عليه الآن باستراتيجية التعاون جنوب– جنوب.
الدلالة الثانية: تأكيد الثقة التي يتمتع بها المغرب ليس فقط عند هذه المؤسسات المالية بل عبر العالم كله وهو الأمر الذي جسده التضامن الواسع للدول مع المغرب خلال أزمة زلزال الحوز.
الدلالة الثالثة: وترتبط بالحالة الخاصة التي عاشها المغرب وهي زلزال الحوز والذي كاد أن يؤثر على انعقاد هذه الاجتماعات لولا التدبير الرصين والمحكم والمستعجل الذي دبر به المغرب تحت قيادته الملك محمد السادس هذه الأزمة، وبذلك فتصميم هذه المؤسسات الدولية على التمسك بالمغرب كمحتضن لهذه التظاهرة الاقتصادية والمالية لا يدل إلا على شيء واحد هو أن المغرب قدم أحسن الضمانات على قدرته الفائقة على التعامل مع الأزمات والكوارث بالشكل الذي يليق بها.
الدلالة الرابعة: إن تصميم هذه المؤسسات المالية على عقد الاجتماعات بالمغرب لهو اعتراف بالقدرات الاقتصادية والمالية التي أصبح يتمتع بها حيث أصبح هو القاطرة الأساسية لكل اقتصادات القارة الإفريقية.
ماهو جدول الأعمال المطروح على هذه الاجتماعات السنوية؟
لا نقول جدول أعمال بقدر ما يمكن الحديث عن قضايا وتصورات ستتم مناقشتها ومحاولة التوافق حولها وإيجاد حلول لها، وذلك من قبيل قضايا التنمية المستدامة ومدارسة إمكانية إبداع مشاريع مهيكلة، كما يمكن القول أن هذه المؤسسات المالية الدولية عازمة على تغيير التوجهات النقدية والمالية الناتج عن التحولات الكبرى التي تعرفها القارة الافريقية على العموم و المغرب على الخصوص وهذا التحول سيكون مرتبطا بالأساس بطرق ومناهج العمل مع دول إفريقية بالدرجة الأولى، لأنها لم تعد تلك الدول التي كانت مسمات بالسائرة في النمو وبالتالي فهذه القفزة الاقتصادية النوعية التي تعرفها الدول الإفريقية والتي بدأ معالمها المغرب تفرض تغيير منهجية التعاطي معها.
كما يرتقب أن يناقش خبراء هذه التظاهرة قضايا أخرى تهم جميع الدول من قبيل مشكل الطاقة والمناخ والهجرة والتعاون الدولي وآثار الأزمة الصحية وسبل الخروج منها،كما قد يلقي الضوء على ما استجد في الساحة السياسية والاقتصادية.
وعادت ما تنكب هذه الاجتماعات أيضا على قضايا تعتبر أفقية من مثل الرقمنة، والتنمية المستديمة، والإصلاحات المطلوبة للمؤسسات المالية، والابتكار، والأمان الاجتماعي وغيرها من المواضيع التي تهم دول العالم.
ماهي الانتظارات المرتقبة من هذه التظاهرة العالمية؟
إن أهم انتظار ينبغي تحقيقه من هذه التظاهرة في نظري والذي من خلاله يمكن الحصول على كل المزايا الاقتصادية والمالية هو تثمين الإصلاحات الهيكلية التنموية التي قام بها المغرب وإبراز أهميتها ونجاعتها بالنسبة للاقتصاد الوطني والدولي كما أنه من المنتظر أيضا أن يلعب المغرب الدور الأساسي في مآزرة ودعم القضايا الاقتصادية الكبرى للقارة الإفريقية، خصوصا أن المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، تؤكد على أن إفريقيا تعد من أهم المحاور الرئيسية في انعاش الاقتصاد العالمي، كما تؤكد على المراهنة على هذه الدول الإفريقية، ولاسيما في ما يتعلق بالترابط المادي بين الدول وإلغاء الحواجز التجارية وغير التجارية، وكذا العملة الرقمية كما يبدو أن القضايا الاقتصادية والاجتماعية الكبرى للقارة الافريقية ستتحصل على حصة الأسد خلال هذه المناقشات وما يؤكد ذلك هو تصريح المديرة المكلفة بدائرة التواصل بالصندوق النقد الدولي، الذي اعتبرت فيه أن أشغال هذه التظاهرة ستهتم ببعض القضايا التي تهم إفريقيا من قبيل إدماج الشباب، ومشكل المديونيات وكذا مشاكل التغيرات المناخية كما سيتم التطرق إلى المؤهلات التي تتوفر عليها هذه القارة.
لكن يبقى الانتظار الأساسي من هذه التظاهرة هو حسن تسويق و إظهار مجهودات التنمية الكبرى التي أنجزها المغرب في هذه السنوات الأخيرة.