ادريس المغلشي: إصلاح بمقاربة التحكم

ادريس المغلشي: إصلاح بمقاربة التحكم ادريس المغلشي
بعيدا عن الشد والجذب فيما آل إليه حوار قطاع التعليم بعدما تم توقيع النظام الأساسي الذي أفرز ردود أفعال متباينة. وقبل الغوص في حيثياثه والتي كما قلنا تقتضي قراءة متأنية، بعيدا عن التقاطب والرجم بالغيب، كما تستوجب الحياد للوصول إلى حقيقة ليست مطلقة،  ولاندعي ذلك، لكن لها وجاهتها وحجيتها كذلك، للوقوف على ماراج داخل دهاليز طاولة الحوار،  وحتى تتشكل لدينا قناعة حول هوية هذا الاتفاق وماهي أبعاده ومراميه؟ وهل فعلا سيضاعف سرعة  إجراءاته ليقف في نهاية سنة 2030 على  تحقيق اهدافه فيما تبقى من عمره، بالضبط ست سنوات فقط. بداخلها خارطة طريق (2026/2021). 

وتلك مشكلة أخرى تقتضي أن نشخص دواعيها ومراميها ولماذا اقحمت بشكل فج داخل هذا المسار المتعثر أصلا؟، ومن سنحاسب في حالة الإخفاق لاقدر الله؟ مع العلم أننا نشكل استثناء إزاء هذه القاعدة، وهل ستستدرك ماضاع علما اننا قضينا تسع سنوات في الارتجالية والعبث، وآخرها ماجاء على لسان وزير التربية الوطنية عقب تصريح صحفي؟.

أكثرنا تفاؤلا في تحليل هذه الوقائع والحيثيات لم يكن يتوقع انجازا متميزا في عهد شكيب بنموسى خريج مدرسة هندسة القناطر بفرنسا والذي جاء للوزارة وهو يجر وراءه تجربة  في وزارة الداخلية،  لاشك أن لها أثر بليغ على منهجية تدبيره. قلنا عنها في مقال سابق نتمنى ألا يدخل في الجسم التربوي مفردات لها هاجس أمني. فنحن في حقل تربوي تحكمه البيداغوجيا وليس المقاربات الأمنية،  وهو ماتم بالفعل بكل وضوح خلال الندوة الصحفية بمعية الحاج بايتاس يومه الأربعاء المنصرم بعدما قال كلمتين لهما خلفية أمنية (اعادة  الهيبة للمدرسة والضبط) والمفردتان تعني أن المدرسة المغربية افتقدت حسب الوزير هاتين الخاصيتين. مما انعكس بشكل جلي على نتائج الحوار. حري بنا قبل مناقشة نتائج الحوار أن نطلع على وثيقتين ذات أهمية (القانون الإطار) (17/51) والتقرير النهائي للنموذج التنموي الذي أعده فريق بنموسى فيما يتعلق بالتعليم . وكذا الاتفاق المرحلي الموقع  من طرف خمس نقابات 18يناير 2022 و اتفاق 14يناير 2023 الموقع من طرف أربع نقابات بدل خمس كما في السابق. مشكلتنا نحن هيئة التدريس لا نطالع خلفية التقارير ولا سيرورتها في علاقتها بالملفات المطلبية بل جل الوثائق الصادرة عن التنسيقيات تحشر نفسها في زاوية المطالب المادية وهذا حقها ولاتلتفت للتقاطعات المطلبية مع السياسة العامة للبلد والمنظومة عموما بكل مكوناتها. ومستواها وأثرها على الواقع المعيشي على المواطن. وهو أمر مؤطر بسياسة عامة تقتضي دراسة شاملة لكل هذه العوامل المؤثرة من أجل بناء دراسة واعية ومسؤولية وذات مصداقية. تغييب إحدى هذه العوامل تعسف على النتيجة وتجزيء لمكوناتها وقتل لحقيقة واقعها الذي تعتمل فيه. مثلا التفاوض نحو المطالب المادية يقتضي التفاوض بالضرورة حول المتدخلون فيها الحوار المركزي وليس القطاعي .

اتفق مع من يقول أن الفشل مركب ونتمحل مسؤوليته جميعا. ولايمكن النقاش حول الإصلاح مالم يتم تقييم السياسات السابقة ومحاسبة المسؤولين. لانقبل أن يكون المدرس الحلقة الأضعف التي تعلق عليه اخفاقات الآخرين، لكن نحتاج لتوضيح الصورة واخضاع  مكوناتها للدراسة والتحليل من أجل تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات.
(يتبع )