المقرر الأممي كليمان نياليتسوسي يعبر عن قلقه البالغ بشأن الإجهاز على الحريات العامة بالجزائر

المقرر الأممي كليمان نياليتسوسي يعبر عن قلقه البالغ بشأن الإجهاز على الحريات العامة بالجزائر
كشف كليمان نياليتسوسي، المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية تكوين الجمعيات إثر زيارته الرسمية للجزائر في الفترة الممتدة من 16 إلى 26 شتنبر 2023، عن تقلص الفضاء المدني وهو ما يتعارض مع روح الدستور الجزائري منذ سنة 2020، مشيرا بأن الأفراد والجمعيات واجهوا تهما قانونية وقيودا بموجب أحكام القوانين القديمة المتعلقة بالتجمعات والجمعيات، والتي لم تتم ملائمتها بعد مع الدستور والقانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

كما تطرق إلى إصدار أحكام بالسجن وتعليق أو حل الأحزاب والجمعيات السياسية، بما في ذلك منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان البارزة. علاوة على ذلك، فقدت عدد من وسائل الإعلام ترخيصها للعمل، وتعرض العديد من الصحفيين لتهم قانونية ومتابعات قضائية منذ 2020، داعيا إلى إيلاء اهتمام عاجل بالوضع الحالي والمتمثل في القيود القانونية والملاحقات القضائية للأفراد والجمعيات، مضيفا بأنه ووفقا للتقديرات المقدمة من المحامين ومنظمات المجتمع المدني، يقضي أكثر من 200 شخص حاليا أحكاما بالسجن تتعلق بمخالفات بموجب تشريعات ما قبل 2020، مثل الأحكام التقييدية المفطرة التي تجعل المشاركة في اجتماع أو مظاهرة عامة دون تصريح مسبق بمثابة جريمة قانونية.

وأضاف في نفس التقرير أن ممثلي المجتمع المدني الجزائري أخبروه عند مقابلتهم أنهم يواجهون قيودا متزايدة، وخاصة الجمعيات التي تنشط في مجال حقوق الإنسان ومكافحة الفساد والدفاع عن العمال المهاجرين، مشيرا على سبيل المثال إلى رفض طلبات تأسيس الجمعيات في مجال حقوق الإنسان ومكافحة الفساد والهجرة، وحالات الجمعيات القائمة التي تم حلها أو التي منعت بطريقة أخرى من القيام بأنشطتها .

 وذكر المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية تكوين الجمعيات الجزائر بأنه بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الجزائر، يجب أن يكون أي تقييد مفروض على التمتع بالحق في تكوين الجمعيات دقيقا ومنصوصا عليه في القانون وضروريا في المجتمع الديمقراطي، كما هو موضح من قبل اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من خلال التعليق العام رقم 37 ( 2020 ) بشأن الحق في التجمع السلمي والمبادئ التوجيهية للجنة الإفريقية بشأن حرية تكوين الجمعيات والتجمع .

وسجل كليمان نياليتسوسي بقلق حالات لجمعيات تنشط في مجال حقوق الإنسان وقضايا الحكامة، تم حلها مؤخرا بموجب القانون 12 – 06، وحل جمعيات وطنية بارزة مثل جمعية " تجمع – عمل – شبيبة " والرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في عامي 2021 و 2022 على التوالي.

وفيما يتعلق بنشاط الأحزاب السياسية سجل المقرر الخاص بالحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية تكوين الجمعيات بقلق أن العديد من الأحزاب السياسية لم تتم الموافقة عليها بناء على الشروط التقييدية المنصوص عليها في القانون رقم 12 – 04، وأن أحزابا خضعت للملاحقات القضائية وقرارات التعليق وتشميع مبانيها لفترات زمنية محددة .

كما سجل أن القانون رقم 21 – 01، وهو القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات والمعتمد في مارس 2021، يشترط نسبة 50 في المائة من النساء في القوائم الانتخابية في إطار الانتخابات البرلمانية. ومع ذلك وكما يتضح من خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أسفرت عن انتخاب 34 امرأة فقط ( حوالي ثمانية في المائة من إجمالي 407 مقاعد )، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة .

وبخصوص التجمع السلمي توقف كليمان نياليتسوسي عند معطى كون القانون 91- 19 يحظر أي اجتماع أو مظاهرة " تمس بالثوابت الوطنية ورموز ثورة أول نونبر أو النظام العام أو الآداب العامة " . ولا يحدد القانون هذه المصطلحات الغامضة. علاوة على ذلك، ينص القانون 91-12 على السجن لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنة واحدة وغرامات للمشاركة في تجمع لم تتم الموافقة عليه. كما سجل أن السلطات الجزائرية استخدمت بانتظام المادتين 97 و 100 من قانون العقوبات ضد المتظاهرين السلميين منذ 2019 بمتابعة المتظاهرين بتهم" المشاركة في تجمهر غير مسلح " لاعتقال المتظاهرين ومؤيدي الحراك ، معبرا عن قلقه - وكما جاء في رسائل سابقة وجهها للسلطات الجزائرية - فيما يتعلق بالأشخاص الذي تم اعتقالهم ومحاكمتهم في سياق الحراك، داعيا الحكومة الجزائرية إلى التخلي عن التهم المذكورة والعفو عن الأشخاص المدانين بتورطهم في الحراك.  

ولم يفته أيضا التطرق إلى العدد الكبير من الفاعلين في المجتمع المدني الذين يواجهون اتهامات تتعلق بالإرهاب بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، وهو ما يعد – بحسب التقرير – دليل على مناخ الشك الحالي تجاه الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، وكذلك التهم الجنائية الموجهة ضد الأفراد والجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية بسبب عقد اجتماعات مع شركاء دول أخرى أو تلقي تمويل من مصادر أجنبية، وهو أمر محظور بموجب القانون 12 – 06 شديد التقييد وتشريعات أخرى .