* لهذا وإن كان مبدأ الوضع في العزلة قد يكون لأسباب وقائية (أمنية، صحية، ...)، فأننا ندعو إلى بيان الأسباب التي تدعو إلى التمديد وتحديد مبرراته، وخصوصا فيما يتعلق " بالضرورة القصوى".
3.2. منع استعمال القوة إلا بشروط، وأدوات تقييد الحرية، ومراعاة مبدأ التناسب:
إن استخدام القوة في المؤسسات السجنية لا يكون إلا الاستثناء ويستخدم كملاذ أخير. ويجب أن تحدد الحالات التي تبرر استخدام القوة بنص قانوني. وحتى لا يعتبر استعمال القوة تعسفا، يجب أن يحترم مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب. ويجب أيضًا وضع إجراءات رقابية، ومحاكمة المسؤولين عن الانتهاكات ومعاقبتهم.
ونسجل أنه قد تم التصريح بتقييد استعمال القوة ومراعاة مبدأ التناسب وما هو ضروري في المادة 175 من هذا المشروع، حيث جاء فيها: " يُمنع على الموظف استعمال القوة تُجاه المعتقل، إلا في حالة الدفاع الشرعي عن النفس، أو عند محاولة الهروب، أو عند إلقاء القبض على المعتقل الهارب أو عند المقاومة باستعمال العنف، أو عند عدم الامتثال للأوامر القانونية.
في حالة اللجوء إلى استعمال القوة، يجب أن يراعى مبدأ التناسب وينحصر في حدود ما هو ضروري للسيطرة على المعتقل."
لقد أكد مشروع القانون 23-10 بالإشارة إلى هذه المقتضيات، ما هو مسطر بالمادة 64 من قانون 98-23، وبذلك يصرح بضرورة احترام كرامة الانسان ورفع اللبس عن كل ممارسة قد تتخذ من الحفاظ على الأمن ذريعة لاستعمال القوة بدون شرط أو قيد.
وتجدر الإشارة ونحن نذكر المادة 175، أن فقرتها الثانية قطعت مع استعمال مصطلح ذي حُكم قيمة، ألا وهو "المتمرد" المتواجد بالمادة 64 من قانون 98-23[6].
أما المادة 176 فقد أشارت إلى أنه: " لا يجوز استخدام أدوات تقييد الحرية من أصفاد وقيود وقميص القوة لمعاقبة المعتقل إلا استثناء وبأمر من مدير المؤسسة السجنية أو بناء على تعليمات الطبيب في الحالات التالية:
- ﺇﺫﺍ ﺃﻅﻬﺭ المعتقل تصرفا عدوانيا ﺃﻭ ﻋنفا ﺠﺴﺩيا ﺨﻁﻴﺭا ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻐﻴﺭ؛
- ﺇﺫﺍ حاول الانتحار ﺃﻭ ﺍلاعتداء ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻪ؛
- ﺇﺫﺍ ﺃﺼﻴﺏ بنوبة ﻨﻔﺴﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﻘﻠﻴﺔ قد يترتب عليها سلوك يَضُرُّ به أو بالغير؛
- إذا لم تتوفر وسيلة أخرى تمكن من السيطرة على المعتقل أو منعه من إحداث أضرار؛
- إذا تعذر تأمين حراسته على نحو كاف دون استعمال الأصفاد عند نقله أو إخراجه من المؤسسة السجنية؛
تُشعر الإدارة المكلفة بالسجون فورا بهذه الإجراءات.
يمنع وضع الأصفاد للنساء أثناء المخاض والولادة وبعد الوضع مباشرة."
ونحن نشير إلى أهمية ما جاءت به هذه المادة من مقتضيات، وخصوصا ما ذكر في الفقرة الأخيرة، من حيث منع وضع الأصفاد للنساء أثناء المخاض والولادة وبعد الوضع مباشرة، فلا بد من تسجيل ملاحظة هامة، مادام الأمر يتعلق بمعاملات قد تؤدي على العنف وسوء المعاملة، إذا لم تصل أحيانا إلى ممارسة التعذيب.
إن تأملنا لصياغة الفقرة الأولى من هذه المادة: " لا يجوز استخدام أدوات تقييد الحرية من أصفاد وقيود وقميص القوة لمعاقبة المعتقل إلا استثناء وبأمر من مدير المؤسسة السجنية أو بناء على تعليمات الطبيب في الحالات التالية: ..." قد جاءت مغايرة لما كانت عليه نظيرتها في قانون 98-23 الجاري به العمل حاليا، وهي المادة 62، التي صيغت كالتالي:
" لا يجوز أن تستعمل للمعاقبة وسائل الضغط، كالأصفاد والقيود وقميص القوة.
يمكن استعمال هذه الوسائل بصفة استثنائية بأمر من مدير المؤسسة، إما تلقائيا أو بناء على تعليمـات الطبيب، إذا لم تكن هناك وسيلة أخرى، تمكن من التحكم في المعتقل أو منعه من إحداث خسائر أو من إلحاق أضرار بنفسه أو بالغير. ..."
فالفرق بين الصياغتين هو أنه في المادة 62 من قانون 98-23 توقفت الجملة عند "قميص القوة" ووضعت علامة نقطة "." كإضافة تأكيد على أن الأصل هو عدم جواز استعمال وسائل الضغط، كالأصفاد والقيود وقميص القوة للمعاقبة. ثم ذكرت المادة الاستثناءات بعد ذلك. فبالإضافة إلى قوة معنى أضيفت القوة الرمزية للمنع. وهذا ما لم تحافظ عليه المادة 176 من هذا المشروع.
- إعادة صياغة المادة 176 مع تسجيل فاصل بعلامة نقطة "." كما بينا أعلاه؛
- ضبط مدة وضع هده القيود، كما جاء في الفقرة 3 من المادة 62 من ق 98-23: " يجب ألا تتعدى مدة استعمال هذه الوسائل المدة الضرورية."
- إضافة استشارة الطبيب عندما يكون أمر وضع هذه القيود من مدير المؤسسة السجنية، كما جاء في فق 4 من المادة 62 من ق 98-23: "تتم استشارة الطبيب بشأن كل ما يتعلق باستعمال هذه الوسائل أو بوضع حد لاستعمالها."
- وبالتالي نقترح صياغة هذه المادة كالتالي:
" لا يجوز استخدام أدوات تقييد الحرية من أصفاد وقيود وقميص القوة لمعاقبة المعتقل. يمكن استعمال هذه الوسائل بصفة استثنائية وبأمر من مدير المؤسسة السجنية أو بناء على تعليمات الطبيب في الحالات التالية:
- ﺇﺫﺍ ﺃﻅﻬﺭ المعتقل تصرفا عدوانيا ﺃﻭ ﻋنفا ﺠﺴﺩيا ﺨﻁﻴﺭا ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻐﻴﺭ؛
- ﺇﺫﺍ حاول الانتحار ﺃﻭ ﺍلاعتداء ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻪ؛
- ﺇﺫﺍ ﺃﺼﻴﺏ بنوبة ﻨﻔﺴﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﻘﻠﻴﺔ قد يترتب عليها سلوك يَضُرُّ به أو بالغير؛
- إذا لم تتوفر وسيلة أخرى تمكن من السيطرة على المعتقل أو منعه من إحداث أضرار؛
- إذا تعذر تأمين حراسته على نحو كاف دون استعمال الأصفاد عند نقله أو إخراجه من المؤسسة السجنية؛
يجب ألا تتعدى مدة استعمال هذه الوسائل المدة الضرورية.
تتم استشارة الطبيب بشأن كل ما يتعلق باستعمال هذه الوسائل أو بوضع حد لاستعمالها.
تُشعر الإدارة المكلفة بالسجون فورا بهذه الإجراءات.
يمنع وضع الأصفاد للنساء أثناء المخاض والولادة وبعد الوضع مباشرة."
يتبع إلى يوم الإثنين القادم
عبد الحق الدوق/ خبير في مجال حقوق الإنسان في أماكن الحرمان من الحرية. رئيس سابق لقسم حماية حقوق الانسان في أماكن الحرمان من الحرية بالمجلس الوطني لحقوق الانسان.
[1] المادة 33 من قانون 98-23: " لا يمكن أن تتجاوز مدة العزلة شهرا واحدا، إلا بمقتضى قرار يتخذه مدير إدارة السجون، بناء علـى رأي مدير وطبيب المؤسسة."
[2] المادة 13: " تدبر المؤسسة السجنية من قبل مدير يساعده في مهامه مسؤول إداري مساعد أو أكثر.
يعد مدير المؤسسة السجنية نظاما داخليا تصادق عليه الإدارة المكلفة بالسجون."
[3] كالمواد التالية والواردة بمشروع قانون 23-10: 19، 28، 29، 30، 31، 33، 35، 36، 37، 41، 47، 53، 69، 70، 73، 84، 94، 100، 112، 114
[4] القاعدة 43-1: " لا يجوز بأيِّ حال من الأحوال أن تصل القيود أو الجزاءات التأديبية إلى حدِّ التعـذيب أو غيره مـن ضـروب المعاملـة أو العقوبـة القاسـية أو اللاإنـسانية أو المهينـة. وتحظـر الممارسـات التالية، على وجه الخصوص:
(أ) الحبس الانفرادي إلى أجل غير مسمَّى؛
(ب) الحبس الانفرادي المطوَّل؛
... "
[5] القاعدة 44: " يشير الحبس الانفرادي في سياق هذه القواعد إلى حـبس الـسجناء لمـدة ٢٢ سـاعة أو أكثـر في اليـوم دون سـبيل لإجـراء اتـصال ذي معـنى مـع الغـير. ويـشير الحـبس الانفـرادي المطـوَّل إلى الحبس الانفرادي لمدة تزيد على خمسة عشر يوماً متتالية."
[6] المادة 64 من قانون 98-23: "في حالة اللجوء إلى استعمال القوة، فإن الاستعمال يجب أن ينحصر في حدود ما هو ضروري للتحكم في المعتقل المتمرد".