قال خالد شيات، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الأول بوجدة إن خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن التدخل في أعمال الإغاثة في المغرب يعد خطابا مستفزا، حيث جاء بصيغة موجهة إلى حوالي 40 مليون مغربي، وظهر في صفة ذلك الشخص الذي ليس له وقت للحديث، وهو أمر يعكس استخفاف الرئيس الفرنسي بمخاطبيه، أي الشعب المغربي.
وأشار شيات أن الخطاب موجه لشعب آخر وهو الشعب المغربي وليس الشعب الفرنسي، وهو أمر يطرح تساؤلا عن الصيغة التي يسمح فيها شخص لنفسه بأن يخاطب شعب آخر، مضيفا بأنه يصعب تحديد الركيزة التي يستند عليها ماكرون لكي يقوم بذلك.
وأوضح محاورنا أن خطاب ماكرون كان خطابا أخلاقيا حاول من خلاله جلب تعاطف المغاربة، ومحاولة إيهامهم بأن فرنسا هي القادرة على إنقاذ المغاربة ضحايا الزلزال، وأن عدم وجودها في المغرب قد يؤدي إلى مزيد من الضحايا، مضيفا بأن خطابه ليس موجها لعموم المغاربة بل في الحقيقة موجه للسلطات المغربية، وفيه نوع من التعالي ونوع من التحدي كذلك – يقول شيات – وفيه خلفياته أشياء تسمح لفرنسا بأن تتدخل في الشؤون المغربية بما يتناسب مع حاجياتها ومع مصالحها حتى ولو لم تكن الحكومة المغربية راضية عن ذلك، وهذا فيه نوع من الهروب إلى الأمام من طرف الرئيس ماكرون الذي يعتقد إما أنه لم يجد مخاطبا رسميا على المستوى الذي يليق به، أو أنه يريد أن يقول للمغاربة بأنكم تضعون ثقتكم في حكومة لا تهمها مصلحتكم، وهو خطاب في مجمله عدائي – بحسب شيات – وغير عقلاني وخطاب هجومي ولا يحتاج فقط إلى دراسة من ناحية التواصل السياسي بل قد يحتاج إلى رد فعل سياسي من طرف المغرب.
وخلص شيات بأن خطاب ماكرون يعد رد فعل على عدم السماح للأجهزة الفرنسية بالدخول إلى المغرب لتقديم المساعدات لمنكوبي الزلزال، مضيفا بأن المغرب يرى بأن هناك حاجات متزايدة ومتصاعدة ويمكن استدعاء دول أخرى اذا تطلب الأمر ذلك، فمن أصل 60 دولة عرضت التدخل وافق المغرب على دخول فرق تابع لأربعة بلدان فقط لاعتبارات تقنية أكثر من ماهي ذات طبيعة سياسية، وبدل أن تساهم هذه الأزمة في جسر الهوة بين الجانبين المغربي والفرنسي في إطار ما يمكن تسميته ب "دبلوماسية الكوارث"، حدث العكس، حيث لوحظ استمرار لأنساق قديمة مسترسلة ومتشابكة من التنافر المغربي – الفرنسي عكسه بشدة الوضع الذي نعيشه اليوم .