تعامل النظام الجزائري مع مأساة الزلزال الذي ضرب يوم الجمعة 8 شتنبر 2023، عددا من جهات المملكة بالرغبة في تعميق العداء لبلادنا، وليس فتح صفحة جديدة في علاقات البلدين، بامتطاء الدبلوماسية الإنسانية.
لقد حاول هذا النظام المارق، الذي قتل قبل أسبوعين بدم بارد مغربيين أعزلين يمارسان رياضة الجيت سكي في البحر، استغلال نازلة الزلزال طمعا في تسجيل هدف في مرمى المغرب، بتضليل الرأي العام، مدعيا أنه أراد تقديم مساعدات،لكن المغرب رفضها. غير أن شريط الأحداث يؤكد فشل المناورة الجزائرية.
في غمرة بداية التصدي لمخلفات الزلزال بقدراته الذاتية، انهالت على المغرب عروض من عدد كبير من حكومات بلدان العالم لإرسال فرق الإنقاذ وتقديم مساعدات مختلفة، لم يكن من بينها أي عرض من الحكومة الجزائرية وأعلن المغرب، في إطار موقفه السيادي يوم الأحد 10 شتنبر 2023، من خلال بلاغ لوزارة الداخلية، أن سلطاته استجابت لعروض دعم قدمتها إسبانيا وقطر والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، التي اقترحت تعبئة مجموعة من فرق البحث والإنقاذ.
وذكرت الوزارة أنه في إطار تبني مقاربة تتوافق مع المعايير الدولية في مثل هذه الظروف، أجرت السلطات المغربية تقييما دقيقا للاحتياجات في الميدان آخذة بعين الاعتبار أن عدم التنسيق في مثل هذه الحالات سيؤدي إلى نتائج عكسية. وأضافت أنه "مع تقدم عمليات التدخل يمكن أن يتطور تقييم الاحتياجات المحتملة، مما قد يؤدي للجوء إلى عروض الدعم المقدمة من دول أخرى صديقة، حسب احتياجات كل مرحلة على حدة".
وجاء أيضا في بلاغ الوزارة أن المملكة تؤكد ترحيبها بكل المبادرات التضامنية من مختلف مناطق العالم والتي تؤكد مدى احترام هذه الدول واعترافها بالالتزام الراسخ للمغرب ومساهماته العديدة في أعمال الدعم الإنساني الدولي، والتي تتم وفقا للتوجيهات السامية للملك محمد السادس".
وقبل صدور هذا البلاغ المغربي ، كانت رئاسة الجمهورية الجزائرية أصدرت يوم السبت 9 شتنبر بيانا جاء فيه: "أبدت السلطات الجزائرية العليا، استعدادها التام لتقديم المساعدات الإنسانية ووضع كافة الإمكانيات المادية والبشرية، تضامنا مع الشعب المغربي الشقيق وذلك في حال طلب من المملكة المغربية". أي أن النظام الجزائري اشترط تقديم أية مساعدة محتملة بتوصله بطلب رسمي من المغرب، وهو يعلم مسبقا أنه لن يقدم هذه المساعدة، ليقينه بأنه لن يتوصل بهذا الطلب من المملكة في ضوء نهجه المعادي لها وقطعه من جانب واحد العلاقات الدبلوماسية معها ومحاولاته اليائسة لضرب وحدتها الترابية والإضرار بها، من قبيل وقفه العمل بأنبوب الغاز الجزائري العابر للمغرب إلى أوروبا وإغلاق المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات المغربية ومنع المعاملات الاقتصادية بين البلدين.
وبما أن المغرب أعلن رسميا أنه اكتفي لحد الآن بالمساعدات المقدمة من أربعة دول، كان على النظام الجزائري أن يأخذ علما بهذا المعطى ويلتزم بالصمت ويكف عن استغلال كارثة الزلزال، لادعاء تعاطف إنساني مع الشعب المغربي، لكنه لم يفعل وواصل مناورته بأن أعلن الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية يوم الأحد 10 شتنبر، أنه في حالة موافقة المغرب على عرض المساعدة ،فإن الجزائر جاهزة، لإرسال فريق تدخل من الحماية المدنية، يتكون من 80 منقذا متخصصا، بشكل استعجالي. وأضاف أن فريق التدخل يتكون من فريق للإنقاذ والبحث، وفريق طبي، وفرقة سينو-تقنية متخصصة في البحث على الأشخاص تحت الأنقاض، إضافة إلى مساعدات انسانية أولية، لاسيما الخيم وأسرة المخيمات والأغطية.
وتمادى النظام في نسج مناورته يوم الإثنين 11 شتنبر، مدعيا أن وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي أعلن في حديث لقناة "العربية الحدث" في اليوم نفسه عن موافقة المغرب على المساعدات الجزائرية، بينما لم يأت هذا الإعلان مطلقا على لسان، بل ربط استقبال المساعدات من مختلف الدول بضرورة تنسيقها مع وزارة الشؤون الخارجية والمغاربة المقيمين في الخارج المغربية.
ورغم عدم صدور أية موافقة من المغرب، واصل النظام مناورته بادعاء تجهيزه 3 طائرات محملة بالمساعدات وأمر وسائل الإعلام الرسمية وأذرعه الإعلامية المحسوبة على القطاع الخاص بالانتقال إلى مطار بوفاريك العسكري لتغطية واقعة الطائرات المجهزة، ليصدر في اليوم الموالي الثلاثاء11 شتنبر، بيانا من وزارة الخارجية تدعي فيه أن "المدير العام لوزارة الشؤون الخارجية المغربية أبلغ القنصل الجزائري في الدار البيضاء بأنه وبعد التقييم، فإنّ المملكة المغربية ليست بحاجة إلى المساعدات الإنسانية المُقترحة من قبل الجزائر"، مضيفة أن" الحكومة الجزائرية تأخذ علما بالردّ المغربي الرسمي الذي تستخلص منه النتائج البديهية".
هكذا حاول النظام المارق توظيف كارثة الزلزال ليوهم الرأي العام بنزعة جود إنسانية كامنة فيه إزاء الشعب المغربي وأن السلطات المغربية هي التي ترفض مبادرته الإحسانية وبالتالي يستخلص من الرد المغربي ما يزعمه "نتائج بديهية"، مما يعني أنه سيواصل تكثيف سياسة العداء إزاء المغرب ومحاولاته اليائسة لضرب وحدته الترابية ومصالحه العليا، علما أن المغرب التزم بأخلاق الجوار والأعراف الدولية ولم يصدر أي تعليق على رفض النظام نفسه في صيف 2021 عرضه بوضع طائرتي كانادير لإطفاء الحرائق رهن إشارة السلطات الجزائرية ،للمساهمة في إخماد الحرائق التي اجتاحت منطقة القبايل.
ولأن مناورة النظام الجديدة تجاه المغرب مفضوحة، فإنها مطبوعة بالعبث عندما نعلم أن الشعب الجزائري الشقيق يكابد الأمرين من أجل الحصول على كيس حليب أوكمية صغيرة من العدس والفاصولياء الصلبة، والحد الأدنى من مستلزمات العيش الكريم. وهو أولى بالمساعدات الغذائية التي أعلنت المملكة المغربية أنها ليست في حاجة إليها.
ولا تزال صرخة ذلك الشاب الجزائري تصم الأذان وهو يحتج على تسيير الهلال الأحمر الجزائري قوافل شاحنات محملة بالمواد الغذائية في اتجاه مخيمات تندوف، قائلا أن الجزائريين الذين يعانون الجوع في عدد كبير من الولايات أحق بهذه المساعدات، بدلا من صرف أموال طائلة في إدامة الفتنة والتوتر في المغرب العربي.