أحمد نور الدين: انقلاب الغابون.. مقدمة لانفجار البركان الإفريقي الهامد..

أحمد نور الدين: انقلاب الغابون.. مقدمة لانفجار البركان الإفريقي الهامد.. أحمد نور الدين
يعتبر الإنقلاب الذي جرى يوم الأربعاء 30 غشت 2023 في الغابون، الثامن من نوعه داخل إفريقيا خلال سنتين، وهي مدة زمنية قصيرة نسبيا، مما يوحي بأن هناك ترابطا مباشرا او غير مباشر بين هذه الإنقلابات. والمؤكد أن غياب الديمقراطية الحقيقية في معظم الحالات أدى إلى تحرك الجيش لإزاحة رؤساء فرضوا أنفسهم ثلاث انتدابات متتالية او أكثر  متسترين وراء نتائج الصناديق التي تتم فبركة نتائجها للحفاظ على ديمقراطية الواجهة التي ترضي نفاق الدول الغربية على الخصوص.
وهذه الحالة تنطبق مثلا على الغابون وتشاد، وهما حالتان متشابهتان من حيث توريث الحكم للابن بعد سيطرة الأب على السلطة لمدة تتراوح بين الثلاثين والأربعين سنة. وهو ما اعتبرته الشعوب الإفريقية إهانة واستهتارا بها، إذ لم يكتف الرؤساء بالحكم الديكتاتوري مدى الحياة بل حولوا الجمهوريات إلى "جملكيات"او جمهوريات وراثية! 
القاسم المشترك الثاني بين دول الإنقلابات هو الفساد السياسي للنخب والهشاشة الإقتصادية للشرائح العريضة للمجتمع، رغم الثروات الطبيعية الكبيرة في بعض الحالات مثل الغابون، فهو بلد يتوفرعلى النفط والغاز وعلى معادن نفيسة وعدد السكان لا يتجاوز ثلاثة ملايين نسمة، ولكن سوء التوزيع وسوء الحكامة جعل الثروة والسلطة تتركز بيد فئة قليلة.
 
ولكن هناك عوامل جيوسياسية خارجية ساعدت على تأجيج الإحتجاجات الشعبية وتحريض الجيش على الإنقلابات، وعلى رأسها الصراع بين روسيا والصين من جهة والدول الغربية من جهة إخرى، ومع الأسف كلا الطرفين لا تهمه مصلحة الشعوب الإفريقية أكثر مما تهمه السيطرة على الثروات الطبيعية والطاقية للقارة، ولذلك نلاحظ تدخل روسيا مثلا بعد كل انقلاب بشكل مباشر اوغير مباشر عبر مرتزقة "فاغنر" في إفريقيا الوسطى ومالي وبوركينافاسو وغينيا. وقد تصبح إفريقيا بمثابة متجر الخزف الذي تتقاتل داخله الفيلة،مما يؤدي إلى ضياع السلعة وإفلاس صاحب المحل التجاري أيا كانت نتيجة الصراع وايا كان المنتصر في الصراع.
 
وأظن أن موجة الإنقلابات لن تتوقف عند هذه الدول، وان هناك دولا أخرى ستلحق بالركب، لذلك من الحكمة استخلاص العبر وألا تنتظر الأنظمة الإفريقية نشوب الحريق في بيتها كي تتحرك لتصحيح الأوضاع، وإجراء الإصلاحات الديمقراطية والإجتماعية الضرورية للمصالحة مع شعوبها قبل انفجار البركان الإفريقي الذي بدأ يقذف ببعض الحمم الإنذارية.
  
أما بالنسبة لانعكاسات الإنقلاب في الغابون على المغرب،نعم هناك استثمارات ضخمة في مجالات متنوعة جدا منها الإسمنت، والأسمدة الزراعية، والبناء والأشغال العمومية، والمناجم، والبنوك والتأمينات، وغيرها، ولكن في النهاية المغرب يتعامل مع الدولة وليس مع 
الأشخاص حتى وإن كانوا اصدقاء حميميين، والاستثمارات المغربية محمية باتفاقيات وقوانين دولية،وإضافة إلى ذلك كله، حتى الجنرال الذي يقود الانقلاب هو خريج الأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس، وبالتالي لا أظن أن هناك أي تهديد للمصالح المغربية، بل بالعكس يمكن للمغرب أن يلعب دورا في إيجاد مخرج مشرف للرئيس علي بونغو أوندينبا ومنحه اللجوء او التقاعد المريح مع عائلته في المغرب.