بعد أن حلبت خزائن دولهم..تركيا تتحول إلى ماكينة عنصرية ضد العرب

بعد أن حلبت خزائن دولهم..تركيا تتحول إلى ماكينة عنصرية ضد العرب تصاعد العنصرية في تركيا، شعبياً ومؤسّساتياً، ضد الأجانب بشكل عام واللاجئين السوريين بشكل خاص
تشتعل مواقع التواصل الاجتماعي، منذ فترة بقصص وحكايات وأشرطة متداولة حول مظاهر عنصرية الأتراك ضد الجالية والسياح من أصل عربي بعدة مدن تركية.
وتكررت حوادث الاعتداء على سائحين أو مقيمين عرب في تركيا، آخرها اعتداء عشرات الأتراك بشكل وحشي على فتى يمني (15 عاما) في أحد المجمعات السكنية بمنطقة إسنيورت بالعاصمة إسطنبول.
كما تنتشر من حين لآخر على منصات التواصل الاجتماعي، حوادث النشل وعمليات الاحتيال ومقاطع الإساءة والعنصرية التي تواجه العرب والخليجيين بشكل عام، والمنتشرة. مما بدأ معه خيار السياحة في المدن التركية من المواضيع الجدلية التي تترك حيرة فيما إذا كانت زيارة تركيا آمنة أم لا. هذا في الوقت الذي تعتبر فيه السياحة "نفط" تركيا، ويسعى البلد إلى تحقيق عائدات سياحية بنحو 56 مليار دولار خلال العام الحالي، وصولاً إلى 100 مليار دولار بحلول 2028.
ويربط البعض الموجة العنصرية ضد العرب بالوجود السوري الكثيف على الأراضي التركية.
وهناك من يقول إن النظرة القاصرة للأتراك نحو العرب تعود فصولها إلى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، في إطار اليقظة القومية العربية ضد كل ما هو تركي في المشرق العربي لمناهضة التتريك. وكان من تداعيات هذه النهضة العربية محاصرة النفوذ التركي والعثماني في المشرق العربي الذي أدى في النهاية الى انهيار الإمبراطورية العثمانية.
وكانت الإمبراطورية العثمانية في البداية تعتبر خلافة إسلامية في اللاشعور الإسلامي بدول المشرق العربي. ومن ثمّ، لم يكن ينظر إليها هناك كمحتل، وإنما "كحاملة للمظلة الشرعية الإسلامية"!
لكن عندما تغيرت هذه المرجعية واخترقتها مرجعيات حديثة مرتبطة بالليبرالية، أصبحت هذه المظلة غير معترف بها وأضحت شكلا من أشكال الاستعمار، وهو ما خلق نضالا قوميا ضد الوجود التركي مارسته كثير من التيارات العربية في مصر وفي بلاد الشام؛ مما أدى إلى إضعاف العثمانيين وسقوط الإمبراطورية.
ومع تأسيس بنيات الدولة التركية القومية من طرف أتاتورك، تطور نوع من العداء واللوم التاريخي للعرب باعتبارهم ساهموا في إسقاط المجد التركي. إضافة الى أن هناك من يرى أن عودة تركيا إلى السياسة الشرقية والعالم العربي والارتفاع المتزايد للوجود العربي في تركيا، الذي تعزز مع الأزمة السورية والثورات العربية، أعاد من جديد العنصرية بتركيا تجاه العرب.
من جهة أخرى، تفيد معطيات تاريخية بأن العنصرية شملت كذلك الأتراك فيما بينهم، حيث غذت النزعة “الأتاتوركية” الداعمة للعلمانية والقيم الغربية العنصرية ضد الفئة “المتدينة” من الأتراك.
ومن مظاهر هذا النوع من العنصرية، التمييز بين الأتراك السود والأتراك البيض، أي بين أبناء المجتمع الواحد؛ فالأول يعني الأتراك ذوي التوجه الفكري المتدين والمستوى الاجتماعي المتدني، بالنظر إلى التضييق الذي كانت تفرضه الحكومة العلمانية على هذه الفئة. فيما كان يعتبر الأتراك البيض من الطبقات الميسورة والتي تحظى بوظائف مرموقة، بالنظر إلى التسهيلات التي قدمتها الحكومة العلمانية لهم والتي ساهمت في احتكارهم لمناصب الثروة في البلاد.. وظل المحافظون محصورين في مهن متواضعة ومستويات تعليمية محدودة.
هذا الوضع، الذي تخلصت منه نسبيا تركيا خلال العقدين الأخيرين، عاد إلى الواجهة مجددا لينفجر ضد الأجانب من العرب، خاصة مع بروز فئة من الأتراك تعتبر أن الوجود العربي في البلاد يهدد القيم العلمانية ومبادئ الجمهورية التركية ويزاحمهم في خيرات بلادهم.
لطالما تمتعت تركيا على مدى قرون بتنوع ثقافي كبير؛ فقد تعايش فيها العديد من الأعراق والأديان، لكن هذا التنوع بات مهددا في السنوات الأخيرة مع تصاعد تيار العنصرية التركية ضدّ اللاجئين العرب وغيرهم.
فخلال السنوات الثلاث الماضية، وبالتزامن مع تزايد الضغوط الاقتصادية؛ أطلقت أحزاب المعارضة التركية حملات تحريض إعلامية ضد اللاجئين العرب بشكل عام والسوريين بشكل خاص.
ووصلت هذه الحملات الإعلامية أقصى درجاتها خلال جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية، عندما وعد مرشح المعارضة "كمال كليجدار أوغلو" بترحيل السوريين في حال فوزه بالانتخابات.
للإشارة، فإن تركيا حاولت التأقلم مع الوضع، فاستحدثت رئاسة الهجرة، لكنها ما زالت بحاجة إلى المزيد لاحتواء هذه المشكلة نظرا لقلة الخبرة العملية للدولة التركية في التعامل مع اللاجئين مقارنة مع الدول الأخرى- كألمانيا وإنجلترا.