لم يخطر ببال العشرات بل المآت من الأسر المغربية التي لم تجد بدا من ركوب مركب طلب العلم ولو كان في أوكرانيا ، حتى تحقق لأبنائها طموحاتهم/ن العلمية المشروعة ، بغض النظر عن الكلفة المالية التي لا محالة تترك ثقبا كبيرا في جيوب الكثير من هذه الأسر، (لم يخطر ببالهم) بأن يوما ما ستشتعل الحرب بين الجارين ( أوكرانيا وروسيا) المتوجسان من بعضهما من أكثر من عقدين.!
اندلعت الحرب وساد الاعتقاد بأن جولة واحدة كافية للعودة لطاولة الحوار ، لكن الحرب كانت آتية لا ريب في ذلك ، وحسمها رهين بتحديد مستقبل العالم ، وبالتالي فإن أمدها سيطول، وأن أي عودة للطلبة المغاربة لمدرجات الجامعات والمعاهد العليا الأوكرانية ضرب من الخيال في الوقت الراهن ، لكن لا يمكن للمسار التعليمي لكل طالب(ة) تابع دراسته هناك أن يتبخر بين عشية وضحاها. لذلك استنجد الطلبة المغاربة بحكومة بلدهم لتضمن لهم/ حقوقهم التي اذا نبشنا في القانون الدولي الانساني لاشك بأن هناك ما ينصفهم/.
وتتويجا لحزمة من اللقاءات بين أسر هؤلاء الطلبة الذين اسودت الدنيا أمام عيونهم/ن ، ولأن المغرب راكم ممارسات فضلى في الترافع المؤطر ، كان لابد من الاحتماء بظهير 1958 ( الحريات العامة)، حيث سيتم تأسيس جمعية حملت على نفسها مسؤولية مخاطبة الجهات المغربية المعنية ، ومسؤولي البلد الذي كان يستضيفهم/ن . فكان ما كان ، بحيث يكفي العودة لجبل آليات التواصل (البلاغات والبيانات والحوارات الصحفية.... ) التي اعتمدها جمعية الأسر للتعريف بالملف الشائك لأبنائهم/ن .
اليوم جامعة من جامعات أوكرانيا وبالضبط جامعة كارازين بمدينة خركيف اختارت الذهاب بعيدا في حرمان من كان من الطلبة المغاربة يتابع درساستهم/ن بمدرجاتها ، حسب ما هو مدون بمداد غضب الجمعية الوطنية لأمهات و آباء الطلبة أسر طلبة المغرب بأوكرانيا .
تقول الوثيقة - يتوفر موقع أنفاس على نسخة منها - بأن رئاسة الجامعة المذكورة فاجأت الطلبة المغاربة بدعوتهم لاجتياز امتحانات " الكروك" باللغة الأوكرانية، بينما تعاقدهم مع جامعة كارازين يشير الى إلى اعتماد اللغة الروسية. وحسب أكثر من مصدر لم تسفر آليات التواصل التي اعتمدتها الجمعية في مخاطبة سفارة أوكرانيا بالمغرب ، ووزارة الخارجية ووزارة التعليم الأوكرانية عن نتيجة تذكر .
ونقرأ في نفس الوثيقة بأن الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا بسبب الحرب تعذر عليهم لأسباب مجهولة في منصة امتحان " الكروك" بعد قرار رئاسة أوكرانيا بإمكانية اجتياز الامتحان المذكور خارج تراب أوكرانيا . ومحاولة منها في تدارك الأمر ومعالجة تداعياته ، سارعت الجمعية -ولكن بدون جدوى- بتوجيه عدة رسائل لسفارة أوكرانيا بعاصمة المملكة المغربية ، بأسماء الطلبة الذين تعذر عليهم التسجيل بالمنصة.
مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلبة الذي يعلو ولا يعلا عليه سيجد نفسه معطلا بجامعة كارازين . كيف ذلك ؟ تفيد الوثيقة بأن الجامعة حددت العتبة في 60 بالمئة داخل التراب الأوكراني و 64 في المئة خارجه ، وهو تمييز صارخ مبني في حقيقة الأمر على الجنسية ، وعلى التواجد فوق التراب الأوكراني من غيره ، علما بأن الطلبة سيجدون أنفسهم أمام نفس الأسئلة يوم الامتحان . ولحد اليوم لم يتوصل مكتب الجمعية بجواب من الجهات المعنية رغم سيل من المراسلات الموجهة لهم من أجل الانتصار لمبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطلبة بغض النظر عن أي اعتبار ينتهي بالتمييز المحرم دوليا كما تنص على ذلك الشرعة الدولية ذات الصلة .
يسجل مكتب الجمعية عدم اكتراث وزارة الخارجية ووزارة التعليم العالي المغربيتين بمطلب حصول من أنهى من الطلبة المغاربة مشوارهم الدراسي و العلمي على الوثائق التي تثبت ذلك ، حتى يشرعوا في انجاز مسطرة المعادلة طبقا للقانون .
أما بالنسبة للجامعات البديلة ، فبعد أن تأكد بأن جولات الحرب عديدة ومتعدة ، و أن أمدها سيطول ، وبالتالي حلم العودة للجامعات والمعاهد الأوكرانية رهان تبخر ، وبعد أن فتحت وزارة التعليم العالي نافذة الأمل في وجه الطلاب المغاربة بتشكيل لجنة للاشتغال على مخرج الجامعات البديلة ( هنغاريا ، بلغاريا ، رومانيا ...) فإن الخلاصة كانت الصمت المريب بحيث لم تصدر الوزارة مذكرة توجيهية يستأنس بها كل من يرغب استئناف دراسته بالجامعات البديلة .
هذا قليل من كثير معاناة الطلبة المغاربة بأوكرانيا وأسرهم ، فهل من تدخل رسمي حماية لحقوقهم من أي انتهاك قد يمس حقهم في التعليم ؟ ذاك هو بصيص الأمل الذي يتشبث هؤلاء الضحايا بفجوة نوره .