أنا شخصيا حين كنت صغيرا، أثناء ايام العطل، كنت ارعى غنم وماعز العائلة، برفقة باعلي رحمة الله عليه في مناطق گرايگرا، بحكم قربها من الدوار، وغالبا ما تكون هذه المناطق أثناء فصل الربيع، جميلة وغنية بتنوعها النباتي والربيعي، وكنت اتذكر أجمل ايامي في الطفولة أثناء عطلة مارس، في هذه المنطقة، اقضي يوما كاملا مع الغنم والماعز، وحين نريد إعداد وجبة الغداء نقصد منزل، خربة، مهجور، يقال له، منزل بوعبود، وهو شيخ قبيلة امستيتن المعروف، أطال الله في عمره، سي حافظي ابراهيم...
اليوم، وأن توالت سنوات الجفاف، بقي جمال گرايگرا، في محله، ينتظر توظيف جديد يليق به، لأن الموقع عبار عن منبسط تحت قدم جبل أجياج، غير البعيد عن جبل بولعلام، وتعبر وسطه الطريق الوطنية المعبدة المتجهة إلى إفني، رغم وجود مسلك طرقي مهمل من مخلفات تواجد الجنود الاسبان بالمنطقة....
هذا الموقع، كنا ننتظر توظيفه ليكون متنفسا عمرانيا لمدينة افني التي تعاني من اختناق عمراني وعقاري، بسبب تزاحم الأسمنت على صخرة البحر وصخور الجبال الگرانيتية.... لأن الموقع لا يبعد عن المدينة إلا ب 4 كيلومترات، وبالتالي يليق به بناء مشروع مدينة إفني الجديدة بأسلوب جديد، وبفكر عمراني جديد... لا سيما وان الموقع لا يعاني من الرطوبة مثل افني....
لكن للأسف حصل العكس....
حصل تدمير هذا الموقع بالكامل... وتشويهه وتلويثه، عن طريق اختياره لإنشاء مطرح عمومي إقليمي لجميع جماعات الإقليم من إفني إلى أنفگ، (نواحي تافراوت)....
الله أكبر....
كيف تم اختيار هذا الموقع الجميل دون سواه ليكون مطرحا عموميا؟
ما هي المعايير الطبوغرافية والبشرية والتقنية والجيولوجية والبيئية.... ليكون هذا الموقع مطرحا للازبال... ؟
هل تم الاتفاق مع الساكنة المحلية، وأنا واحد منهم، هل تم التشاور معهم؟
ربما المعيار الوحيد لاختيار ذلك، هو أن مستي تحملت نفايات افني وازبال افني لمدة تزيد عن 40 سنة... لأن المطرح الحالي، المعروف بالمزبلة يوجد على تراب جماعة مستي وعلى املاك الناس، في الواجهة الساحلية للجماعة.... وربما العقل المتحكم في اختيار هذا الموقع الجديد لنقل المطرح القديم، يحتكم إلى معيار راسخ هو أن لمستي قدر واحد هو أن تكون أمدوز/ لمدينة إفني، إلى الأبد... بحكم ما يسمى بالحتمية الجغرافية... ومدام مستي قبلت قبلت أن تكون مطرحا للمدينة لمدة تزيد عن 40 سنة... لما لا أن تقبل أن تكون مزبلة للإقليم... وإلى الأبد....
كنا نأمل من مجلس التعاون لمؤسسة إفني الكبرى، أن تتعاون مع مستي وتريحها من الرائحة الكريهة لهذه المزبلة القديمة... فإذا بمجلس التعاون لمؤسسة افني الكبرى، الموقر، يتعاون ضد مستي ليعمق جراحها وينقل المزبلة من الساحل إلى الداخل، كأن المجلس الموقر يقول لمستي: "فيك فيك ماعندك غير تصبري"، لأن البقعة الأرضية التي تتواجد بها المزبلة القديمة ستتحول إلى مشروع سياحي كبير، بجواره أرض يملكها رئيس بلدية افني سابق...
مختصر الكلام، إفني اخذت من مستي دوار أمزدوغ، ومسخته وحولته إلى حي تيفلت، ثم سرقت منه الميناء، الأرض التي يتواجد بها ميناء افني حاليا هو امتداد لتراب مستي، وتم تسليمه على شرط أن تعود بعض مداخيل الميناء لجماعة مستي، وهو ما لم يقع بالمرة.... افني اخذت من مستي أطرافها الجبلية الساحلية، ثم اخذت منه تراب المقبرة( هذه في سبيل الله)....
مستي منحت لأفني كل شيء...وماذا تمنح افني لمستي، أي شيء، أبناء مستي ينزلون يوميا إلى المدينة لشراء الخبز والزيت والماء والخضر من تجار افني،... ماذا تمنح افني لمستي ولسكانها... لا شيء اللهم، اسئلة البوليس ديال البراج على مدخل افني، يسألون الناس، فين غادي، أو لاكارط ديالك...
مستي معطاء سخية تمنح لافني كل شيء... لكن هذه المرة، لن تقبل لنفسها ان تكون مزبلة/ أمدوز، لن تقبل ان تكون مطرحا للنفايات والازبال لجميع جماعات ومدن الإقليم... هنا يراودني سؤال... ماذا تمنح الجماعات الأخرى لمدينة افني... هذا سؤال موجه لما يسمى مؤسسة افني الكبرى.... هذه تسمية هدفها نشر الوهم واكل أموال الجماعات، توجد افني واحدة وهي صغيرة، مهمشة، مدينة نائمة على ظهر جماعة مستي جارتها وأمها الأكثر فقرا....
نزيدكوم هادي.... جماعة مستي هي الوحيدة التي يتم استثنائها من مشاريع المجلس الإقليمي ( الحالي) ومن مشاريع العمالة ومشاريع الفلاحة ومشاريع الجهة ومشاريع التجهيز... انظروا إلى حصة جماعة مستي من المشاريع المبرمجة في المجلس الإقليمي الحالي والجهوي والفلاحة، وسترون الفرق....
مستي تحولت من أمزدوغ، (اتفاقية أمزدوغ 1934 بين إمغارن آيت باعمران واسبانيا ) إلى أمدوز بموجب اتفاقية مجلس التعاون إفني الكبرى....
في الاخير، ولنكن واقعيين ومنطقيين ومسؤولين، وبعيدا عن العاطفة، إننا نعلم أن انشاء مطرح أو مزبلة هو ضرورة ملحة، أي أنه شيء لا بد منه ولا مفر منه.... ولكن ، ليس من الضروري أن يقام في تراب امستيتن... أقول ليس من الضروري أن يكون قدر مستي هو أمدوز إلى الأبد....