من حسن حظ السفير الفرنسي بالرباط، كريستوف لوكورتيي، أن الله خلق القطط. فبعد حوالي ثمانية أشهر من تسليمه لأوراق اعتماده، وجد نفسه في وضع العاطل، بعدما نفض المغرب يده من "عنجهية ماكرون الكولونيالية" وابتزازاته التي لا يمكنها أن تنطلي على دولة عريقة، كما لا يمكن لرئيس عاقل، في هذا المنعطف التاريخي الذي تهيمن فيه المنطق الجيوستاراتيجي، أن يستمر في "ابتزاز" شركائه بمنطق "المستعمرة".
فما الذي يملك أن يفعله سفير لماكرون في الرباط غير إعلان حبه للقطط، وغير أن يحيي جميع "القططيين" بحرارة بمناسبة اليوم العالمي للقطط، وأن يذكرهم بروعة أن تعقد صداقة لطيفة مع قطة ظريفة، خاصة إذا جئت إلى المغرب وليس في جعبتك إلا "المواء" ما دامت حكومة بلادك قد اختارت أن تدير ظهرها لعلاقة دأبت على وصفها بالتاريخية، وإذا كانت بلادك تصر على عرقلة المسار التنموي لبلاد أخرى، بدعوى "بيغاسوس"..
لقد اختار لوكورتتي أن يُدَلِّع القطط، لأن ذلك كفيل بأن يُزيل عن قلبه "البرود الديبلوماسي" الذي يعاني منه بسبب تنطع ماكرون، وبسبب لسانه الذي يلتوي في حنجرته، لأنه يظن بأنه الأستاذ والآخرون، كل الآخرين، مجرد تلاميذ. ولا شك أن السفير المسكين لا يرغب الآن، في خضم هذا الانسداد، سوى بأن يجلس وحيداً في مقر إقامته، ليحدث قطته الأليفة، عما جناه رئيس بلاده من فشل في إفريقيا، وعن قطع "البوزل" التي تتساقط تباعا من المنصة الفرنسية.
لا بد أن لوكورتتي، يؤمن، الآن، أن نقاوة الكون كله تجتمع في قلوب القطط الصغيرة، ولهذا فالقطط هي الوجهة الأفضل ليحدثها عن "جرائم" ماكرون ضد المغرب، وكيف أنه أراد أن يلعب لعبة ذكية مع الكبار في السياسة، دون أن يدري أن السحر ينقلب على الساحر، كما انقلبت عليه دول من غرب إفريقيا، وانقلب المغرب والجزائر، وانقلب حتى الرأي العام الفرنسي الذي ما زال يجدن نفسه في فوضى عارمة غير مسبوقة.
لا بد أن السفير يؤمن أن أيّ مكان تتواجد به القطط يبعث على الراحة والاطمئنان، وأن الرباط ينبغي أن تكون مليئة بالقطط ليستطيع أن يعمل. لكن للأسف الشديد، اكتشف أن المغرب مكان للأسود، وأن الزئير لا يشبه المواء.
يريد لوكورتتي أن يلهو مع القطط ليخفف ثقل الوقت. ففي قلوب القطط ينابيع من العاطفة الجميلة التي لا تشبه ما وجده في الرباط من "أنفة الأسياد" الذين وقفوا بصلابة لسياسة لي الذراع، وسياسة الضغط وتسخير اللوبيات في المنتديات الدولية، والابتزاز بالارتماء في أحضان الضد.
فهل يعلم ماكرون أن السفير الفرنسي في الرباط يبحث عن الحنان والحب عند القطط، وأنه يحلم بقضاء وقت مستقطع في هذا الجمود الفرنسي- المغربي مع قطته؟
السفير يقول لرئيسه ماكرون: "قطتي موسيقاي الصباحية الأفضل على الإطلاق. قطتي المدللة هي الوحيدة التي يحقُّ لها الآن أن تشاركني في وجبة طعامي اللذيذة. قطتي تنقذني من غربتي. قطتي هي رمز الديبلوماسية الفرنسية الحالية. أقترح عليكم أيها الرئيس استبدال "الديوك" بالقطط، و"لامارساييز" (النشيد الوطني الفرنسي) بالمواء. فكل الخير في القطط التي يمكن لفرنسا أن تغزو بها العالم.".