قلتها و كتبتها و نشرتها يوم 18 يناير 2022 ... و لازلت مؤمنا بها : النقابات الخمس بتوقيعها اتفاق 18 يناير ... وقعت اتفاق الاستسلام و رفع الراية البيضاء ...
وأخيرا تسلم الكتاب العامون ... و ليس النقابات و لا قواعد النقابات ... و لا حتى مسؤولي النقابات ... تسلم الكتاب العامون ما سموه ب " هندسة مشروع النظام الأساسي الجديد " و الذي يتضمن " 121 مادة موزعة على 16 بابا " و هو ما سموه في بلاغهم ب " حصيلة ما يزيد عن 21 للجنة التقنية المشتركة المنعقدة خلال الفترة الممتدة من 25 أبريل 2023 إلى 11 يوليوز 2023 "
فها هم السادة الكتاب العامون يعترفون بأن اللقاءات ، لقاءات الجولة الثانية ، جولة ما بعد 14 يناير و الاتفاق الذي رفضت الجامعة الوطنية للتعليم FNE التوقيع عليه ، ليتم تغييبها/طردها من هذه اللقاءات عقابا لها على رفضها الترقيع على مزيد من الاستسلام للوصول إلى الإذلال و الإهانة ، المهم اللقاءات وصلت ل 21 لقاء ، و كل لقاء امتد لساعات إن لم نقل لأيام ، و في هذا الوقت و بإصرار غريب ، و بتقنية أغرب يصر السادة الكتاب العامون على السير على نهج ديمقراطيتهم ، ديمقراطيتهم الغريبة العجيبة ، فهاهم في الظاهر يعلنون تشبثهم بالديمقراطية الداخلية ، عبر دعوتهم لاجتماعات برلمانات هيآتهم ، أي مجالسهم الوطنية ، و لكن و بالنظر للأمر من زاوية الديمقراطية المحضة ، لا يمكن القول إلا أنهم يحاولون جعل هذه المجالس الوطنية/البرلمانات ، مجرد برلمانات لتسجيل الموقف ، أو مجرد غرف تسجيل لا أكثر ، و إلا ما معنى دعوة هذه المجالس للانعقاد و أعضاء هذه المجالس لم يتسلموا ما هو مفروض أن ينقاشوه ، بل حتى المؤسسات الجهوية و الإقليمية و المحلية من مكاتب جهوية و إقليمية و محلية لم تتسلم مسودة الاتفاق ، اتفاق أمضت القيادات الوطنية أكثر 21 لقاء لنقاشه و التمعن فيه و دراسة كافة مواده ، فأين هو رأي القواعد ؟؟ و أين هو رأي فئات هذه القواعد ؟؟ و أين هو رأي السكرتاريات الوطنية ؟؟ في ما اتفق عليه و ما يهم مستقبلها و يرهنه ؟؟ أهذا هو الإشراك ؟؟ أهذه هي الديمقراطية ؟؟ أهذا هو النقاش ؟؟
ثم و أنت تقرأ بتمعن بيان النقابات الأربع ستخرج بخلاصة واحدة مفادها " قد قضي الأمر " و يكفي التمعن في هذه النقطة الواردة في البيان الرباعي " استمرار التداول بشأن بعض النقط المتبقية ، رغم تقارب وجهات النظر في شأن حصول الضرر و يتم التداول في مضمون التسوية المنصفة و العادلة ، سواء المرتبطة بمطالب فئوية أو مواد من مشروع النظام الأساسي الجديد " فهذه النقطة الواردة في البيان و الحاملة لرقم 3 ، تحمل في طياتها اعترافات خطيرة ، أولها الاعتراف بأن ما كان يجري طيلة هذه الجلسات هو مجرد "تداول" و ليس تفاوضا و لا حتى حوارا ، و شتان بين التفاوض و التداول ، بل و شتان بين التداول و الحوار ، فاللفظة هنا تحيلك على ما الذي كان يجري خلف الكواليس و من كان بيده الحل و القطع ، ثم تقفز أمام عينيك جملة " رغم تقارب وجهلت النظر في حصول الضرر " و هو اعتراف صريح بأن هذا النظام الموعود سيخلف ضحايا جدد ، هم ضحايا النظام الأساسي الذي طبخ في مطبخ الوزارة السري .
أما إذا انتقلنا للنقطة الرابعة ( 4) من البيان فتطالعنا عبارة " توجه النقابات التعليمية الأربع لعرض الحصيلة الراهنة سواء المتعلقة بالنقط الاتفاقية أو المتبقية على أجهزتها التقريرية ... للاطلاع و إبداء الرأي في أفق صياغة قرارها النهائي " و هنا وجب التنبيه إلى ضرورة الانتباه جيدا للغة البيانات و ما تحمله من دلالات ، و البيان يقول عرضها على الأحهزة التقريرية قصد " الاطلاع " فالاطلاع لن يكون إلا خلال عقد هذه المجالس ، و هذه المجالس مطالبة ب " إبداء الرأي " لا اتخاذ القرار و شتان بين إبداء الرأي و اتخاذ القرار و جميعنا سمعنا بمقولة " شاورهم و لا تأخذ برأيهم " و حتى عندما تحدث البيان عن القرار النهائي قال ب " صياغة " و ليس " اتخاذ " فالصياغة صياغة القرار شيء و اتخاذ القرار شيئ آخر ، و إن غدا لناظره لقريب ..
و استباقا لهذا القرار ، المعلوم أصلا ، ما دام أن بعض القيادات حولت المجالس الوطنية لمجرد غرف تسجيل ليس إلا ، يمضي البيان ليبسط الجدولة الزمنية الأخيرة ، مادام قادتنا مدركين أي مجالس وطنية لديهم ، يمضي البيان ليوضح هذه الجدولة ، حيث يؤكد على " استئناف التداول في إطار اللجنة التقنية المشتركة يوم 26 يوليوز 2023 بشأن ما تبقى من النقط العالقة " و هكذا يتم التأكيد من جديد على مبدأ " التداول " لا مبدأ " التفاوض " و لا حتى مبدأ " الحوار " ، بل و حتى جدول الأعمال تم تحديده " التداول بشأن ما تبقى من النقط العالقة " و لتذهب خلاصات المجالس الوطنية للجحيم
و في النقطة الأخيرة ، تأتي الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل الذي طال لحوالي السنتين ، حيث تؤكد هذه النقطة على " انعقاد أشغال اللجنة لمشروع النظام الأساسي يوم 23 غشت لعرض الحصيلة النهائية التي ستمكن من صياغة النصوص التنفيذية التي ستعرف طريقها للأجرأة ابتداء من شهر شتنبر المقبل " و هكذا فالسادة الكتاب العامون متأكدون من موقف برلمانات نقاباتهم ، بعد أن غيبوا قواعدهم/شعوبهم ، و مع الأسف لنا نحن المغاربة حكايات و حكايات مع برلماننا و تمثيليته الحقيقية لآراء الشعب ..
على سبيل الختم : علمنا التاريخ أن الاتفاقات التي تطبخ في الكواليس و يتم مناقشتها في السرية ، بعيدا عن القواعد و عن المعنيين بها ، لا تنتج هذه الاتفاقات إلا الكوارث و مولودها دوما مسخ مشوه ، و تخلف ضحايا و غاضبين و متمردين ، يكفي أن يلقي أي متتبع نظرة بسيطة على التاريخ و على الاتفاقيات التي وقعت بعد أن نوقشت في السرية و ما خلفته من مآسي و أضرار ليدرك ما سيخلفه هذا النظام الأساسي الذي طبخت مواده في كامل السرية و الكتمان من ضحايا وبالآلاف، و أليس الصبح بقريب ؟؟